السبت، 11 أغسطس 2012

الشاعر الذي لم يتعب ربه

شعراء فلسطين المخضرمين ليسوا على وفاق مع رمضان ، ومع الدين بشكل عام ، فهذا سميح القاسم يجاهر :

رمضان كريم جدا

والعبد سميح القاسم

ليس يدبصائم

وهنا الشاعر يقول ما يفعل لأنه لا يخشى درة عمر ولا سيف الحجاج فهو في دولة تصف نفسها بأنها واحة الديمقراطية وحرية التعبير وليس العبور ..

ولما وضع الاحتلال في الخمسنيات  قانون أملاك الغائبين ، وقام حارس أملاك الغائبين بوضع اليد على بعض المساجد ، قال الشاعر راشد حسين :

الله صار غائبا يا سيدي          صادر إذن حتى بساط المسجدِ

ولراشد حسين قصة فيها عبرة ..

فقد كان يكرر في قصائده عبارات خارجة عن المقبول شرعا ، ومن تلك العبارات :

أنا تعبانُ من الربِّ الذي حوله جدي بياع جنان وجواري

والذي من أجل حرقي

سوف أقضي العمر في جمع الحطب ..

ومن العجيب أن الشاعر سافر بعدها إلى الولايات المتحدة الأمريكية ، وهناك عمل في البعثة الفلسطينية في الأمم المتحدة ، وأصيب في غربته بغم ثقيل ، وتعذبت نفسه ، فأدمن الخمر والتدخين لكي يخرج من بؤس غربته وشقائه بعيدا عن وطنه الذي أحب ، وغادره طوعا ، والخمر وإن كانت عند أهل الدين أم الخبائث ، فهي عند الشعراء " للشعر لا للسكر تنعصرُ " .

وذات يوم عاد إلى غرفته في الفندق في نيويورك ، متعبا مثقل الرأس ، اضجع على فراشه ، والسيجارة مشتعلة في بين أصابعه ،فسقط من نارها على الفراش ، واحترق ، واحترق الشاعر ومات  ..

وأعيد جثمانه ، ودفن في فلسطين ، ورثاه شعراء ونقاد وأدباء ، وكان أبلغ ما قيل يومها :

ـ هذا رجل ، لم يتعب الله في جمع الحطب .




ليست هناك تعليقات: