الجمعة، 27 يوليو 2012

المال والبنون

المال والبنون    

لقد قرن الله - سبحانه وتعالى - في القرآن الكريم الأموال والأولاد في أربعة وعشرين موضعاً وكأنه يذكرنا بأهمية الموضوع عدد ساعات  الليل والنهار  .
قال القرطبي رحمه الله -:
  إنما كان المال والبنون زينة الحياة الدنيا؛ لأن في المال جمالاً ونفعاً، وفي البنين قوة ودفعاً، فصارا زينة الحياة الدنيا  . وعطف الأولاد على الأموال لاستيفاء أقوى دواعي الخيانة فإن غرض جمهور الناس في جمع الأموال أن يتركوها لأبنائهم من بعدهم.
قال رسول الله -^ -  : " إن الولد مَبْخلة مَجْبنة مَجْهلة مَحْزنة   " ‏ { صحيح على شرط مسلم }
وقد شاهدنا مَنْ من كان من أهل الدين من  يشغله الكسب والتجارة في أمواله حتى صار يصلي كثيراً من الصلوات الخمس فائتة.
وقد شاهدنا من كان موصوفاً عند الناس بالديانة والورع، فحين لاح له منصب وتولاَّه، استناب من يلوذ به من أولاده وأقاربه، وإن كان بعض من استنابه صغير السن قليل العلم سيئ الطريقة.
فحب الولد قد يحمل الوالدين على اقتراف الذنوب والآثام في سبيل تربيتهم والإنفاق عليهم وتأمين الثروة لهم، وكل ذلك قد يؤدي إلى الجبن عند الحاجة إلى الدفاع عن الحق أو الأمة أو الدين، وإلى البخل بالزكاة والنفقات المفروضة والحقوق الثابتة، كما يحملهم ذلك على الحزن على من يموت منهم بالسخط على المولى والاعتراض عليه إلى نحو ذلك من المعاصي : كنوح الأمهات وتمزيق ثيابهن ولطم وجوههن، وعلى الجملة ففتنة الأولاد أكثر من فتنة الأموال؛ فالرجل يكسب المال الحرام ، ويأكل أموال الناس بالباطل لأجل الأولاد.
وهذا عمر بن عبد العزيز ـ رضوان الله عليه ـ  ينام على فراش الموت ،  ويدخل عليه ابن عمه ويقول له: يا أمير المؤمنين! لقد تركت أولادك فقراء، ألا توصي لأبنائك بشيء؟! فيقول عمر بن عبد العزيز:
ـ  وهل أملك شيئاً من المال لأوصي لأبنائي به، أم تريد أن أوصي لهم بأموال المسلمين؟! والله، ما أنا بفاعل.  أدخلوا أبنائي عليّ، فأدخلوهم عليه، وهو على فراش الموت، فنظر إليهم وبكى، وقال: أي بنيّ، إن أباكم قد خُـيّر بين أمرين: بين أن يترككم فقراء، ويدخل الجنة ، أو أن يترككم أغنياء من أموال المسلمين ويدخل النار، ولقد اختار أبوكم الجنة إن شاء الله، وأنتم عندي أحد رجلين: إما أن تكونوا صالحين فالله يتولى الصالحين، وإما أن تكونوا غير ذلك فلا أدع لكم ما تستعينون به على معصية الله  وأسأل عنه أنا بين يدي الله، اخرجوا عني، فخرجوا عنه، وهو يردد قول الله:  } تِلْكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الأَرْضِ وَلا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ {  { القصص:83} ، وفاضت روحه إلى رب العالمين..

ليست هناك تعليقات: