الأحد، 15 يوليو 2012

أصل العدل منع الحاكم



   

خرج سيدنا عمر بن الخطاب حين كان أميراً للمؤمنين إلى السوق يوما كعادته لتفقد أحوال رعيته فرأى إبلاً سماناً تمتاز عن بقية الإبل بنموها وامتلائها. فسأل : إبل من هذه ؟قالوا: إبل عبد الله بن عمر يا أمير المؤمنين.

فانتفض سيدنا عمر كأنه لدغُ من حية ، وقال: أرسلوا في طلب عبد الله بن عمر.

فلما جاءه عبد الله سأله : لمن هذه الإبل يا عبد الله ؟

فأجاب عبد الله : إنها إبلي اشتريتها بمالى ، وأرسلتها إلى المرعى لترعى لأتجر فيها كما يتجر المسلمون. رد سيدنا عمر فى تهكم شديد: ويقول الناس حين يرونها ارعوا إبل ابن أمير المؤمنين، اسقوا إبل ابن أمير المؤمنين ، تسمن إبلك ويزيد ربحك يا ابن أمير المؤمنين!!

ثم قال له : يا عبد الله ، خذ رأس مالك الذى دفعته فى هذه الإبل ، واجعل الربح فى بيت مال المسلمين .

وذكر صاحب العقد الفريد أن عمر بلغه أن أموال عامله على مصـر (عمرو بن العاص) قد كثرت، وكان عمر يُرسل الجواسيس على الولاة للتأكد من أدائهم ضمن جهاز مؤسسـي مُحكَم فكتب إليه: (بلغني أنه قد فشت لك فاشيه من إبل وبقر وغنم وخيل وعبيد، وظهر لك من المال ما لم يكن في رزقك، ولا كان لك  مال قبل أن استعملك فمن أين لك هذا !! وقد كان عندي من المهاجرين الأولين من هو خير منك فاكتب لي وعَجِّل)
فكتب إليه عمرو:
(فهمت كتاب أمير المؤمنين.. وأما ما ظهر لي من مال، فإنّا قدمنا بلاداً رخيصة الأسعار كثيرة الغزو، فجعلنا ما أصابنا من الفضول فيها، والله لو كانت خيانتك حلالاً ما خنتك وقد ائتمنتني، فإن لنا أحساباً إذا رجعنا إليها أغنتنا، والله يا أمير المؤمنين ما دققت لك باباً، ولا فتحت لك قفلاً ).
فكتب إليه عمر:
(إني لست من تسطيرك الكتاب وتشقيقك الكلام في شيء، ولكنكم معشـر الأمراء قعدتم على عيون الأموال، ولن تقدموا عذراً، وإنما تأكلون النار وتتعجّلون العار، وقد وجَّهت إليك محمد بن مسلمه فسلِّم إليه شطر مالك).
فعل هذا عمر -رضي الله عنه- مع العديد من ولاته  الذين اشتغلوا في التجارة ؛ لأن ذلك مظنَّة محاباة الناس لهم ، أما من يعلم منه اختلاساً فله شأن آخر !

ليست هناك تعليقات: