الاثنين، 9 يوليو 2012

إخلاص عجيب .. !!





قصّة صاحب ابن المنكدر.. قصّة رجل بلغ به الإخلاص أن صار مجاب الدّعاء قريبا إلى أهل السّماء.. يقسم على الله فيبرّه.. يروي التّابعيّ محمّد بن المنكدر قصة هذا الرّجل فيقول: " كانت لي سارية في مسجد رسول الله -^ - في المدينة أجلس إليها بالليل، فقحط أهل المدينة سنة وخرجوا يستسقون فلم يسقوا، وفي ليلة من الليالي صلّيت العشاء ثمّ تأخّرت إلى ساريتي فاستندت إليها حتّى إذا خرج النّاس؛ إذ برجل أسود تعلوه صفرة يبدو من حاله أنّه فقير، دخل المسجد وما شعر بوجودي فتقدّم إلى سارية فصلّى ركعتين ثمّ جلس فرفع يديه فسمعته يقول: يا ربّ قد خرج أهل حرم نبيّك يستسقون فلم تسقهم، وأنا أقسم عليك أن تسقيهم الآن الآن، قال ابن المنكدر: فقلت هذا مجنون، يقسم على الله، فما أنزل يديه حتّى سمعت الرّعد، ثمّ أمطرت السّماء مطرا شديدا حتى أهمّني الرّجوع إلى أهلي، لمّا أحسّ ذلك الرّجل بالمطر حمد الله وأثنى عليه بمحامد لم أسمع مثلها قطّ، ثمّ قال: ومن أنا وما أنا حتى تستجيب لي، ولكن عدتَ بحمدك وجدتَ بطولِك!! ثمّ قام الرّجل، فلم يزل يصلّي حتّى أحسّ بالصّبح فأوتر، ولمّا أقيمت صلاة الصّبح دخل مع النّاس في الصّلاة، فلمّا سلّم الإمام خرج فخرجتُ أتبعه متخفّيا حتى إذا دخل دارا من دور المدينة أعرفها رجعت أدراجي إلى المسجد، فلمّا طلعت الشّمس خرجت، وأتيت تلك الدّار فإذا به إسكافي يخيط جلدا فلمّا رآني رحّب بي، وقال: ما حاجتك ؟ أتريد أن أصنع لك حذاء ؟ قلت له: ألست صاحبي بارحة الأولى ؟ اسودّ وجه الرّجل وصاح بي قائلا: وما أنت وذاك يا هذا ؟ فعرفت في وجهه الغضب فخرجت من عنده، فلمّا كان في الليلة التالية صلّيت العشاء واستندت إلى ساريتي، وانتظرت طويلا فلم يجئ فقلت: إنّا لله وإنّا إليه راجعون ماذا صنعت ؟ ولمّا أصبحت خرجت حتى أتيت الدّار التي كان فيها؛ فإذا باب البيت مفتوح، وإذا ليس فيه شيء، فقال لي جيرانه: يا هذا ما كان بينك وبين صاحبنا أمس ؟ قلت: ما له ؟ قالوا: لمّا خرجت من عنده بسط كساءه في وسط البيت، ثمّ لم يدع في بيته جلدا ولا قالبا إلاّ وضعه فيه، ثمّ حمله وخرج فلم ندر أين ذهب، قال ابن المنكدر: فما تركت في المدينة دارا أعلمها إلاّ طلبته فيها فلم أجده..
قال الحسن البصريّ عليه رحمة الله: "أخفى القوم أعمالهم فأخفى الله لهم ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر".. فطوبى ثمّ طوبى لمن صحّت نيته..

ليست هناك تعليقات: