الاثنين، 9 يوليو 2012

اللص الذي صار شهيدا ..!!



 

كان مالك بن الرَّيب لصاً في عصابة من شرار اللصوص ،  عاش عمره كله يتغنى بالنهب والسلب ، يقطع الطرق، ويسلب القوافل، ولما ولَّى معاويةُ بن أبي سفيان، سعيدَ بن عثمان بن عفان إمارة خراسان، سار فيمن معه فأخذ طريق فارس، فلقي بها مالك بن الريب ،وكان مالك فيما ذُكر، من أكثر العرب جمالاً، وأفصحهم بياناً ، فلما رآه سعيد أعجبه، وقال له مؤنباً:
- ويحك يا مالك! ما الذي يدعوك إلى ما يبلغني عنك من العداء وقطع الطريق؟
قال: أصلح الله الأمير،  يدعوني إليه العجز عن المعالي، و مساواة  ذوي المروءات ، ومكافأة الإخوان  . فقال له سعيد: فإن أنا أغنيتك و استصحبتك، أتكفُّ عما كنت تفعل؟ فقال مالك: أي و الله ياأمير،  اكفُّ كفَّـًا لم يكفَّ أحدٌ أحسن منه . فاستصحبه الأمير و أجرى له خمسمائة درهم كل شهر ، فتبدل من لص فاتك، قاطع للطريق إلى فارس مجاهد في سبيل الله..
وكان معه في جهاده كأعظم ما يكون المجاهدون ، طُعن فسقط جريحا ، وغلبته جراحه ، وأحس بأن ساعته حانت  ، فقال قصيدة يرثى بها نفسه، وهي من أعظم قصائد رثاء النفس في الشعر العربي منها :
ألا ليت شعري هل أبيتن ليلة
ألم ترني بعت الضلالة
بالهدى
تذكرت من يبكي
عليّ فلم أجد

بجنب الغضا أزجي القلاص النواجيا
وأصبحت في جيش ابن عفان غازياً
سوى السيف والرمح الرديني باكياً
فأنظر إلى الحكمة من قصه هذا الشاعر الشاب، كيف تحول من الفتك و البغيوالإفساد  إلى الجهاد في سبيل الله ، و انظر كيف حول مصيبة الموت إلى إبداع شعري ، حتى صارت قصيدته من عيون الشعر العربي ، وسار الركبان بقصته،  لقد أحسن مالك في اقتناص الفرصه حين عرض عليه سعيد استصحابه ، و أحسن في سيرته بعد أن حصل على هذه الفرصة،  و انظر لو أنه لم يستغل هذه الفرصه لبقي الشاعر اللص الفاتك قاطع الطريق إلى الأبد؟ و انظر إلى شدة بلائه فقد ودع اهله واستشهد قبل مرور عام على توبته ..
 وهكذا من ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه .

ليست هناك تعليقات: