الاثنين، 9 يوليو 2012

درس في الاقناع النبوي


ـ  11  ـ

درس في الاقناع النبوي  
في يوم من الأيام .. وفي خيمة أعرابي في الصحراء ، جعلت امرأة تتأوه تلد ، وزوجها عند رأسها ينتظر خروج المولود ،اشتد المخاض بالمرأة حتى انتهت شدتها وولدت ، لكنها ولدت غلاماً أسود !!  نظر الرجل إلى نفسه، ونظر إلى امرأته فإذا هما أبيضان ،  فعجِبَ كيف صار الغلام أسود !!  أوقع الشيطان في نفسه الوساوس ..  لعلَّ هذا الولد من غيرك !!  لعلَّ رجلا أسود زنى بها فحملت منه  .. لعلَّ .. !!اضطرب الرجل وذهب إلى المدينة النبوية .. حتى دخل على رسول الله -^ -  وعنده أصحابه ..
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ :" أَنَّ رَجُلا مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ أَتَى النَّبِيَّ -^ - فَقَالَ : إِنَّ امْرَأَتِي وَلَدَتْ غُلامًا أَسْوَدَ ، وَإِنِّي أَنْكَرْتُهُ أَيِ اسْتَنْكَرْتُهُ بِقَلْبِي ،وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى لِمُسْلِمٍ وَهُوَ حِينَئِذٍ يَعْرِضُ بِأَنْ يَنْفِيَهُ.
نظر النبي -^ -  إليه .. وكان قادراً على أن يسمعه موعظة حول حسن الظن بالآخرين .. وعدم اتهام امرأته ..  لكنه أراد أن يمارس معه في الحل أسلوباً آخر .. أراد أن يجعل الرجل يحل مشكلته بنفسه .. فبدأ يضرب له مثلاً يقرب له الجواب ..  فما المثل المناسب له ..؟ هل يضرب له مثلاً بالأشجار ؟ أم بالنخل ؟ أم بالفُرْس والروم ؟  نظر إليه -^ - فإذا الرجل عليه آثار البادية .. وإذا هو مضطرب تتزاحم الأفكار في رأسه حول امرأته ..
  فَقَالَ النَّبِيُّ  -^ -: هَلْ لَكَ مِنْ إِبِلٍ ؟ " قَالَ : نَعَمْ . قَالَ : " مَا أَلْوَانُهَا ؟" قَالَ : حُمْرٌ .  قَالَ : " هَلْ فِيهَا مِنْ أَوْرَقَ ؟  أي رمادي أو سكني اللون  " قَالَ : نَعَمْ .
قَالَ : " فَأَنَّى تَرَى ذَلِكَ ؟
يعني : ما دام أنها كلها حمر ذكوراً وإناثاً .. وليس فيها أي لون آخر .. فكيف ولدت الناقة الحمراء ولداً أورق .. يختلف عن لونها ولون الأب ( الفحل ) .. فكَّر الرجل قليلاً .. ثم قَالَ : نَزَعَهُ عِرْقٌ.. يعني قد يكون من أجداده من هو أورق .. فلا زال الشبه باقياً في السلالة .. فظهر في هذا الولد ..
قَالَ : " وَلَعَلَّ هَذَا نَزَعَهُ عِرْقٌ "  سمع الرجل هذا الجواب .. فكر قليلاً فإذا هو جوابه هو .. والفكرة فكرته .. فاقتنع وأيقن .. ومضى إلى امرأته ..

ليست هناك تعليقات: