نزلت في سورة النور براءة السيدة عائشة أم المؤمنين من فوق سبع سموات ، فكان ذلك النزول رفعة لها إلى يوم الدين .
وفي سورة التوبة نزلت التوبة على الثلاثة الذين خلفوا ، فكان خير يوم لهم منذ ولدتهم أمهاتهم .
ولكن هل نزلت آية لتبرئ غلام حدث صغير ، ومن هو ؟
جاء في تفسير سورة المنافقين أن سبب نزول قوله تعالى : } لَئِنْ رَجَعْنا إلى المَدِينَة لَيُخْرِجَنّ الأعَزّ مِنْها الأذَلّ .. { أن تلك عبارة قالها منافق عظيم النفاق هو عبد الله بن أبي ابن سلول في رجلين اقتتلا ، أحدهما غفاريّ ، والاَخر جُهَنِيّ ، فظهر الغفاريّ على الجُهنيّ ، وكان بين جُهينة والأنصار حلف، فقال: يا بني الأوس ، يا بني الخزرج ، عليكم صاحبكم وحليفكم ، ثم قال: والله ما مثلنا ومَثَل محمد إلا كما قال القائل: «سَمّن كلبك يأكلك ، والله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجنّ الأعزّ منها الأذلّ ، فسعى بها بعضهم إلى نبيّ الله-^ - .
من هو الذي سمع هذا الكلام وأسرع به إلى النبي -^ - خوفا عليه ؟
إنه غلام اسمه زيد بن الأرقم الخزرجي ، فأبلغ زيد بهذا الكلام عمه ، فذهب عمه إلى الرسول -^ - فأخبره ، فدعاه الرسول -^ - فأخبره بما سمع ، ولكن بعدها جاء ابن سلول فحلف للرسول -^ - ولمن معه أنه لم يقلها ، ولم يكن من ذلك شيئا ، فصدقه رسول الله -^ - وكذَّب زيد ، وقال بعض من عند رسول الله -^ - : لعل الغلام أخطأ ، ولا يعقل ما يقول .فقال له عمه : ما أردت إلى أن كذبك رسول الله ، ومقتك !!
فانطلق الغلام زيد كاسف البال مكسور الخاطر ، وقد كُذّب من الصحابة عند رسول الله -^ - ونام في فراشه كما يفعل الأولاد إذا ما تعرضوا لإهانة .
وظلّ زيد معتزلا في بيته ، حتى أنزل الله على نبيه سورة المنافقين ، } إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ .. { فدعا صحابته ، وقرأها عليهم ، فتبادر أبو بكر وعمر إلى زيد ليبشـراه، فسبق أبو بكر عمر فأقسم عمر ألا يبادره بعدها إلى شيء، وجاء النبي -^ - فأخذ بأذن زيد وقال: وَفَتْ أُذنكَ يا غُلامُ، إنَ اللّهَ تَبَارَكَ وَتَعالى قَد صدّقَكَ وَعَذَرَكَ» .
وما نعرفه عن هذا الغلام الذي نزل فيه القرآن أنه نشأ يتيما في حجر الصحابي عبد الله بن رواحة
، خير مدرسة وخير مربٍ ، وأنه تقدم للقتال يوم أحد فرده الرسول-^ - لصغر سنّه . وأنه غزا مع الرسول -^ - تسع عشرة عزوة ، كان أولها الخندق .. وأنه روى عن رسول الله -^ - أحاديث كثيرة منها ..
عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ قَالَ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -^ - يَقُولُ : " اللَّهُمَّ ، إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْعَجْزِ وَالْكَسَلِ وَالْهَرَمِ ، وَالْجُبْنِ وَالْبُخْلِ وَعَذَابِ الْقَبْرِ . اللَّهُمَّ ، آتِ نَفْسِي تَقْوَاهَا ، وَزَكِّهَا أَنْتَ خَيْرُ مَنْ زَكَّاهَا ، أَنْتَ وَلِيُّهَا وَمَوْلَاهَا . اللَّهُمَّ ، إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ قَلْبٍ لَا يَخْشَعُ ، وَمِنْ نَفْسٍ لَا تَشْبَعُ ، وَعِلْمٍ لَا يَنْفَعُ ، وَدَعْوَةٍ لَا يُسْتَجَابُ لَهَا " . قَالَ زَيْدٌ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - ^ - يُعَلِّمُنَاهُنَّ وَنَحْنُ نُعَلِّمُكُوهُنَّ . حديث صحيح .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق