الأحد، 15 يوليو 2012

الرجال معادن ..



   

اقترن تفسير قوله تعالى : } يخْرجُ الْحيّ منَ الْمَيتِ ويخْرج الْميتَ منَ الْحيّ {{الروم:19} بقصة عكرمة ابن أبي جهل ـ رضي الله عنه ـ ابن أبي جهل ، فرعون هذه الأمة ، فأين وجه الدلالة ؟
في السنة الثامنة للهجرة ، توجه المسلمون لفتح مكة ، وكان أمر النبي -^ -   لقادة الجيش مكة ألا يقتلوا إلا من قاتلهم، إلا أربعة ولو  وُجدوا تحت أستار الكعبة منهم عكرمة بن أبي جهل، فركب عكرمة البحر، فأصابهم عاصف، فقال أصحاب السفينة لمن في السفينة:   أخلصوا، فإن آلهتكم لا تغني عنكم شيئاً هاهنا  .
فقال عكرمة:   لئن لم يُنجّني في البحر إلا الإخلاص ما يُنجّيني في البرّ غيره، اللهم إنّ لك علي عهداً إن أنت عافيتني مما أنا فيه، أني آتي محمداً حتى أضع يدي في يده، فلأجدنّه عفواً كريماً  .
وأسلمت زوجته ( أم حكيم  )  يوم الفتح، فقالت:  يا رسول الله، قد هرب عكرمة منك إلى اليمن، وخاف أن تقتله فآمنهُ  .
فقال رسـول الله -^-:  هو آمن.
فخرجت في طلبه، فأدركته باليمن، فجعلت تلمح إليه وتقول:   يا ابن عم، جئتُك من عند أوصل الناس وأبرّ الناس وخير الناس، لا تهلك نفسك.فرجع معها.
 فلمّا جاء إلى رسول الله -^- آمناً على دمه قال له:   مرحباً بالراكب المهاجر أو المسافر  . ثم سأل عن الإسلام وأجابه ، حتى عدّ خصال الإسلام.
فقال عكرمة:   واللـه ما دعوت إلا إلى الحـق، وأمر حسن جميل، قد كنت واللـه فينا قبل أن تدعو إلى ما دعوت إليه وأنتَ أصدقنا حديثاً، وأبرّنا أمانة  .
ثم قال عكرمة:   فإني أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله  .
فسُرّ رسول الله - ^ -، ثم قال:   يا رسول الله، علّمني خير شيءٍ أقوله  .
 قال:  تقول: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله  .
ثم قال:   ثم ماذا ؟ . قال:   تقول: اللهم إني أشهدك أنّي مهاجر مجاهد  .
فقال عكرمة ذلك.
 ثم قال النبـي -^-:  ما أنتَ سائلي شيئاً أعطيه أحداً من الناس إلا أعطيتك.
فقال:   أمّا إني لا أسألك مالاً، إني أكثر قريش مالاً، ولكن أسألك أن تستغفر لي  .
وقال:   كل نفقة أنفقتُها لأصدّ بها عن سبيل اللـه، فوالله لئن طالت بي حياة لأضعفنّ ذلك كله  .
فقال رسول الله -^ -: { اللهم اغفر له كلّ عداوةٍ عادانيها، وكل مسير سار فيه إلى موضع يريد بذلك المسير إطفاء نورك، واغفر له ما نال مني ومن عرضٍ في وجهي أو أنا غائب عنه  .
فقال عكرمة:   رضيتُ يا رسول الله  .
   وكان إذا اجتهد في اليمين قال:   لا والذي نجّاني يوم بدر }.
فلمّا كان يوم اليرموك نزل فترجّل فقاتل قتالاً شديداً، ولمّا ترجل قال له خالد بن الوليد:   لا تفعل، فإنّ قتلك على المسلمين شديد  .
فقال:   خلّ عني يا خالد، فإنه قد كان لك مع رسول الله - ^ - سابقة، وإني وأبي كنّا مع أشد الناس على رسول الله -^- .
ثم اشتد الأمر على المسلمين فانهزم المسلمون في أول المعركة. فلما رأى الهزيمة لبس أكفانه، واغتسل وتطيب، وسل سيفه وكسر غمده على ركبته، وقال:  يا مسلمون ، من يبايعني على الموت ؟ من يشتري الموت اليوم ؟ فبايعه أربعمائة مقاتل، فشق بهم صفوف الروم كالسيل، حتى وصل إلى وسط الروم، فقاتل حتى صلاة الظهر، ثم تناوشته الرماح والسيوف من كل جانب فوقع صريعاً على الأرض.

ليست هناك تعليقات: