الثلاثاء، 5 مارس 2013

مفاتيح الخير ومفاتيح الشر ...

مفاتيح الخير ومفاتيح الشر ...

كان يقال لكل باب مفتاح ، وكان لفظ المفتاح يقترن عند السامع بقطعة حديد ثقيلة تشبه المطرقة ذات أسنان ..                                                                                                                                                                          
واليوم نعرف أن ابن القيم رحمه الله كان أدق في التعبير عندما قال : لكل مطلوب مفتاح ..
فرقم الهاتف هو مفتاح خط الهاتف المطلوب للأخذ والرد ..
ورقم الحساب في البنك هو مفتاح البنك للسحب والإيداع ..
في الحديث الشريف : مفتاح الجنة لا إله إلا الله .
وفي القول السائر : الصبر مفتاح الفرج ....
و الإمام ابن القيم ذكر في كتابه القيم " حادي الأفراح إلى بلاد الأفراح " أن الله جعل لكلِّ خير وشر مفتاحا وبابا يدخل منه إليه، ويقول إن هذا الباب باب عظيم من أنفع أبواب العلم، وهو معرفة مفاتيح الخير والشر، لا يصدق به إلا كلّ من له بصيرة صحيحة وعقل يعرف ما في نفسه والوجود مكن الخير الشر .
ومن الأمثلة على هذه المفاتيح قول الإمام : مفتاح الصلاة الطَّهور( الوضوء ) . فلكي تحسن الصلاة عليك أن تحسن الوضوء أولا، حتى أن العلماء قالوا : إذا أخطأ الإمام ولُبس عليه في الصلاة، فإن هذا دليل  على أن من خلفه لم يحسن الوضوء . 
فلو توضأ الواحد منا ونظر في آيات الله في الماء أصل كل حي ، وأن الإيمان حياة والكفر موت، وأن الصلاة هي شعار المؤمنين ، وأن الذنوب تتساقط مع ماء الوضوء من تحت الأظافر ومن بين الأسنان كما ذكر الحديث الشريف ، فكيف ستكون صلاتنا ؟؟!!
من مفاتيح الخير الذي ذكرها ابن القيم :
وقد جعل الله سبحانه لكل مطلوب مفتاحا ، يفتح به ، فجعل  مفتاح الصلاة الطهارة، ومفتاح الحج الإحرام ، ومفتاح البر الصدق ، ومفتاح الجنة التوحيد ، ومفتاح العلم حسن السؤال حسن الإصغاء ، ومفتاح النصر والظفر الصبر ، ومفتاح المزيد الشكر ، ومفتاح الولاية المحبة والذكر ، ومفتاح الفلاح التقوى ، ومفتاح التوفيق الرغبة والرهبة ، ومفتاح الإجابة الدعاء ،  ومفتاح الرغبة في الآخرة الزهد في الدنيا ، ومفتاح الإيمان التفكر فيما دعا الله عباده إلى التفكر فيه ،  ومفتاح الدخول على الله إسلام القلب وسلامته له والإخلاص له في الحب والبغض والفعل والترك ، ومفتاح حياة القلب تدبر القرآن والتضرع بالأسحار وترك الذنوب،  ومفتاح حصول الرحمة الإحسان في عبادة الخالق والسعي في نفع عبيده،  ومفتاح الرزق السعي مع الاستغفار والتقوى ،  ومفتاح العز طاعة الله ورسوله ، ومفتاح الاستعداد للآخرة قصر الأمل ، ومفتاح كل خير الرغبة في الله والدار الآخرة .
ومفتاح كل شر حب الدنيا وطول الأمل ، و جعل الشرك والكبر والأعراض عما بعث الله به رسوله والغفلة عن ذكره والقيام بحقه مفتاحا للنار ،  و جعل الخمر مفتاح كل أثم ، وجعل الغنى مفتاح الزنا ، وجعل إطلاق النظر في الصور مفتاح الطلب والعشق ، وجعل الكسل والراحة مفتاح الخيبة والحرمان، وجعل المعاصي مفتاح الكفر ، وجعل الكذب مفتاح النفاق ، وجعل الشح والحرص مفتاح البخل  وقطيعة الرحم وأخذ المال من غير حله ،  وجعل الأعراض عما جاء به الرسول مفتاح كل بدعة وضلالة .
وهذه الأمور لا يصدق بها إلا كل من له بصيرة صحيحة وعقل يعرف به ما في نفسه وما في الوجود من الخير والشر فينبغي للعبد أن يعتني كل الاعتناء بمعرفة المفاتيح وما جعلت المفاتيح له والله ومن وراء توفيقه وعدله له الملك وله الحمد وله النعمة والفضل لا يسأل عما يفعل وهم يسألون .

ليست هناك تعليقات: