الاثنين، 4 مارس 2013

المياه الإقليمية للإنسان ...!!


    أشارت دراسة نفسية حديثة إلى أن لكل إنسان (( حدودا )) تماما مثل الدول، وأن كلا منّا يجلس في منتصف ثلاث دوائر غير مرئية تحيط به :
الدائرة الأولى: وتبعد حوالي نصف متر عن جسد الإنسان أي بامتداد الساعد فقط وهذه الدائرة تسمى (المنطقة الحميمة) التي تحيط بأجسادنا مباشرة لا نسمح بدخولها لغير الأحباب واقرب الأقرباء. وعندما نحتضن من نحب زوجاً أو أما أو ابناً تندمج دائرتانا الحميمتان ونصبح مركزاً في دائرة واحدة تجمعنا، لا تسمح باختراقها إلا لمن نحبهم فقط, وننزعج إذا اقتحم علينا حياتنا أو دوائرنا أشخاص غير مرغوب فيهم وهذه المنطقة هي منطقة المشاعر الفياضة.. وعندما نكره بشدة نحاول اقتحام دائرة الخصم لإلغاء وجوده ونفوذه, مثلما يحدث في المشاجرات والقتال المتلاحم.
في غار حراء لما نزل جبريل عليه السلام بالوحي فزع الرسول ـ صلّى اللهُ عليه وسلّم ـ  فأخذ جبريل  فغطه ( أي ضمه بشدة ) فصار حبيبه الذي يشتاق له ويتألم إذا انقطع عنه .
وجاء في كتاب الإخوان : كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه  يذكر الرجل من إخوانه في بعض الليل ، فيقول : يا طولها من ليلة ، فإذا صلى المكتوبة غدا إليه ، فإذا التقيا عانقه .
الدائرة الثانية :وهي أوسع من الدائرة الأولى وتبعد حوالي متر وربع عن أجسادنا أي بامتداد الذراع بكامله .وهذه الدائرة تحدد إطار الصداقة مع الذين نتعامل معهم من الأصدقاء والجيران وزملاء العمل أو كل من نتعامل معه بشكل غير رسمي.!
في هذه المنطقة أو الدائرة تسمح المسافة بالمصافحة واللمس البعيد والمخاطبة والرؤية الشاملة ، ويستخدم الناس هذه الدائرة ببساطة عندما يكون احد الشخصين في درجة اجتماعية أو وظيفية أعلى بكثير من الآخر ،  أما عندما يقترب الأقل من الأعلى فانه يحرص على إلا يتعدى حدود هذه الدائرة ولا يدخل في المنطقة الشخصية والعكس غير صحيح فالأعلى قد يدخل إلى منطقة الصداقة للأقل منه في درجة علوه مثال على ذلك: عندما يعطي الجندي التمام لضابط في رتبة أعلى نجده يحافظ على هذه المسافة ولا يتخطاها ويمكن ملاحظة اقتراب الأبناء من الاباء للكشف عن إبعاد العلاقة وما اذا كان الأب متسلطا أم ودوداً.
عن البراء قال : لقيت رسول الله ـ صلّى اللهُ عليه وسلّم ـ  فصافحني ، فقلت : يا رسول الله كنت أحسب هذا من زي العجم . قال : ( نحن أحقُّ بالمصافحة منهم : ما من مسلمين التقيا فتصافحا إلا تساقطت ذنوبهما بينهما )
الدائرة الثالثة : وهي أوسع الثلاثة حيث تبعد عن الجسم حوالي أربعة أمتار وهذه الدائرة تمثل المنطقة الاجتماعية التي تشمل من يحيطون بنا في اجتماع صغير  مثلا ونتعامل فيها مع الغرباء.
وخارج الدائرة الثالثة يقع ما يسمى بـ ( المنطقة العامة ) التي يتواجد فيها الناس حولنا في الشارع أو الأسواق بدون أن يثيروا أدنى اهتمام.
لو تأملنا الناس في الأماكن العامة مثل الحدائق وعربات القطار نرى بشكل عملي كيف يحوِّل الناس الحدود الوهمية لتلك الدوائر إلى حدود فعلية باستعمال الحقائب أو الملابس وحتى الصحف يضعونها بجوارهم أو يحيطون أنفسهم بها وكأنها الأسلاك الشائكة الاجتماعية التي تمنع الأغراب من الدخول في المياه الإقليمية أو الحدود التي نرسمها ونحددها لنا تلك ملحوظة تظهر أكثر لدى المرأة.
وإذا حدث أن اقتحم غرباء مناطقنا ودوائرنا الخاصة لأسباب خارجة عن إرادتنا - مثل التواجد بالمصاعد مثلا - في هذه الحالة نحاول إيجاد حواجز وأسلاكا شائكة وذلك بتحاشي التقاء النظرات والصمت والإطراق لأسفل أو النظر لأعلى. وإذا زاد الازدحام قد نضطر لعقد اليدين فوق الصدر أو احتضان الحقائب لصنع الحواجز .

ليست هناك تعليقات: