الثلاثاء، 5 مارس 2013

خـــذ وتصـــدق ...

خـــذ وتصـــدق ... 

      في غداة يوم بارد من أيام الشتاء دخل على والي اليمن طاووسٌ ومعه وهب بن منبِّه ، فلما أخذا مجلسيهما عنده ، طفق طاووس يعظه ، ويرغبه ، ويرَهِّبه ، والناس جلوس بين يديه ، فقال الوالي لأحد حجابه : يا غلام أحضر طيلساناً ـ الطيلسان كساء أخضر اللون غالي الثمن تلبسه الخاصة ، الطبقة العلية في المجتمع ـ وألقاه على كتفي أبي عبد الرحمن .
       فعمد الحاجب إلى طيلسان ثمين ، وألقاه على كتفي طاووس ، وظل طاووس متدفقاً في موعظته ، وجعل يحرك كتفيه في تؤدة حتى ألقى الطيلسان من على عاتقه ، وهب واقفاً وانصرف، وترك الطيلسان في المجلس .
       فغضب محمد غضباً ظهر في احمرار عينيه ، واحتقان وجهه ، غير أنه لم يقل شيئا ، فلما صار طاووسٌ وصاحبه خارج المجلس قال وهب لطاووس :
   ـ والله لقد كنا في غنىً عن إثارة غضبه علينا ، فماذا كان يضيرك لو أخذت الطيلسان منه ،  ثم بعته ، ودفعت ثمنه للفقراء والمساكين ؟ خذه منه وبعه وادفع الثمن للفقراء والمساكين .
   ـ فقال طاووس : هو ما تقول ، لولا أنني خشيت أن يقول الناس من بعدي : نأخذ كما يأخذ طاووس ، ثم لا يصنعون فيما أخذوه ما تقول أنت ،
جاء في سير أعلام النبلاء ( 6/ 120) :
قال ابن شوذب : " قسم أمير البصرة على قرائها، فبعث إلى مالك بن دينار فأخذ، فقال له ابن واسع: قبلت جوائزهم ؟! قال : سل جلسائي. قالوا : يا أبا بكر اشترى بها رقيقا فأعتقهم. أنشدك الله ، أقلبك الساعة على ما كان عليه؟ قال : اللهم لا، إنما مالك حمار، إنما يعبد الله مثلُ محمد بن واسع .

ليست هناك تعليقات: