الاثنين، 4 مارس 2013

حتى يضع قدمه في الجنة ...!!


إذا عدنا إلى مناهل الفضائل عند الأنبياء والرسل والصالحين لوجدنا أن أهم ما يميزهم في الدعوة إلى الله هو الدعوة في كل المناسبات وفي كل الأوقات ، في اليسر والعسر في الصحة والمرض ، انظر هذه الوقائع وقارن وتحقق :
يقول الله تعالى مخبرا عن نوح عليه السلام : ﴿  قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلًا وَنَهَارًا (5) فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائِي إِلَّا فِرَارًا (6) وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَارًا (7) ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهَارًا (8) ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْرَارًا (9) فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا (10) .
 وهذا نبي الله تعالى يوسف عليه السلام حينما زُج به في السجن ظلماً ، واجتمع بالسجناء في السجن، فلم يجلس ليندُّب حظه يأسا ، ولم تشغله هذه الحياة المظلمة عن دعوة التوحيد وتبليغها للناس ومحاربة الشرك وعبادة غير الله والخضوع لأي مخلوق قال تعالى:﴿يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُّتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ (39).
والرسول ـ صلّى اللهُ عليه وسلّم ـ  يخرج مهاجرا خفية إلى المدينة ، وتطارده قريش ولكن ذلك لم يمنعه من دعوة حتى اللصوص إلى الإسلام ، فقد لقي ـ صلّى اللهُ عليه وسلّم ـ  في طريقه رجلاً يقال له بريدة بن الحصيب الأسلمي في ركب من قومه ، فدعاهم إلى الإسلام فآمنوا وأسلموا ، كان في طريقه ـ صلّى اللهُ عليه وسلّم ـ  بالقرب من المدينة لصان من أسلم يقال لهما المهانان ، فقصدهم ـ صلّى اللهُ عليه وسلّم ـ  ، وعرض عليهما الإسلام فأسلما ، ثم سألهما عن أسمائهما فقالا: نحن المهانان ، فقال : بل المكرمان ، وأمرهما أن يقدما عليه المدينة .وفي العصر الحديث هدد المندوب الفرنسي في الجزائر ـ أيام جهادها ـ الشيخ عبد الحميد الجزائري بإغلاق المسجد إذا لم ينقطع عن التدريس ، فأجابه : لا تستطيع ! قال : وكيف ؟  فقال : إذا كنت في عرس علّمت المحتفلين ، وإذا كنت في مأتم وعظت المعزِّين ، وإن جلست في قطار علّمت المسافرين ، وإن دخلت السجن أثرت المسجونين ، وإن قتلتموني ألهبت مشاعر المواطنين ، وخير لكم أن لا تتعرضوا للأمة في دينها ولغتها .
في  8 آب 2005 توفي الداعية الإسلامي الكبير أحمد ديدات ـ رحمه الله ـ ، بعد إصابته بالشلل التام منذ عام 1996 سوى عينيه ودماغه ، خلال سنوات مرضه واصل دعوته ، وكان يتلقى في كل يوم حوالي 500 رسالة تقريبا ، يرد عليها وعلى محاوريه من الزوار ، من خلال تحريك عينييه إلى لوحة كُتبت عليه الأحرف ورتبت بطريقة معينة ، يستطيع ابنه يوسف ترجمتها للناس ، وحين زاره مراسل الشبكة الإسلامية ، علَّق قائلا :  دخلنا عليه غرفته وبعد استقبال ابنه يوسف لنا -وهو ملازمه ومترجم تعليقاته وردوده لزواره عبر قراءة عينيه- أشار لنا يوسف أنه ربما يكون جسد الشيخ لا يتحرك، ولا يستطيع التفوه بكلمة، لكن عقله وذهنه حاضران. وعن طريق لغته الخاصة طلب منا الشيخ أن نجلس وأن نفتح الإنجيل على صفحة حددها ونقل لنا يوسف رسالته: إن هذه السطور إنما هي وصف لحالة زنى المحارم، وأن في الإنجيل وصفا لعشر حالات تتعلق بهذا الأمر، يوسف أكد لنا أن كثيرًا من المبشرين و المتنصرين يزورون الشيخ، وكان من بينهم، سيدة جاءت لتقول له إن ما أصابه كان بسبب تطاوله على الإنجيل، وإنها تدعوه لأن يؤمن به ليبرأ،ولكنه طلب إليها الجلوس وقام (وهو في حالته) بمناظرتها حول ما يحمله الإنجيل من مغالطات وما جعلها تقرُّ بأنه ليس كلمة الله.
لله درّ تلك الهمة العالية التي تردد مع القائل :
كسروا الأقلام هل تكسيرها
قطعوا
الأيدي هل تقطيعها
أطفئوا الأعين ، هل
إطفاؤها
 
أخمدوا الأنفاس هذا جهدكم
 

يمنع الأيدي أن تنقش صخرا ؟
يمنع الأعين أن تنظر شزرا ؟

يمنع الأنفاس أن تصعد زفرا ؟
 وبه منجاتنا منكم ..فشكرا !

ليست هناك تعليقات: