‏إظهار الرسائل ذات التسميات آباء وأبناء. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات آباء وأبناء. إظهار كافة الرسائل

الاثنين، 9 يوليو 2012

أعظـم الطاعـات بـرّ الأمهـات


ـ  7  ـ

أعظـم الطاعـات بـرّ الأمهـات 

قال الْبُخَارِيُّ : عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ أَتَاهُ رَجُلٌ ، فَقَالَ : " إِنِّي خَطَبْتُ امْرَأَةً فَأَبَتْ أَنْ تَنْكِحَنِي ، وَخَطَبَهَا غَيْرِي فأَحَبَّتْ أَنْ تَنْكِحَهُ ، فَغِرْتُ عَلَيْهَا ، فَقَتَلْتُهَا ، فَهَلْ لِي مِنْ تَوْبَةٍ ؟ قَالَ : أُمُّكَ حَيَّةٌ ؟ قَالَ : لَا ، قَالَ : تُبْ إلى اللَّهِ ، وَتَقَرَّبْ إِلَيْهِ مَا اسْتَطَعْتَ . فذهب الرجل فتبع عطاءُ بن يسار ابنَ عباس وهو أحد طلابه فَسَأَلْ ابْنَ عَبَّاسٍ: يا بن عم رسول الله ،  لِمَ سَأَلْتَهُ عَنْ حَيَاةِ أُمِّهِ ؟ فَقَالَ: إِنِّي لَا أَعْلَمُ عَمَلًا أَقْرَبَ إلى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ بِرِّ الْوَالِدَةِ " .
جاء في كتاب البر والصلّة لابن الجوزي ـ رحمه الله ـ :
غير خافٍ على عاقل لزوم حق المُنعِم ، ولا منعم بعد الحق سبحانه على العبد كالوالدين ، فقد حملت الأم بحمله أثقالا كثيرة ، ولقيت وقت وضعه مزعجات مثيرة ، وبالغت في تربيته وسهرت في مداراته ، وأعرضت عن جميع شهواتها إيثارا له ، وقدمته على نفسها في كل حال.
والعاقل يعرف حق المُحسن ويجتهد في مكافأته. وجهل الإنسان بحقوق المنعم من أخس صفاته ، فإذا أضاف إلى جحْدِ الحق المقابلة بسوء الأدب ، دلَّ على خبث الطبع ولؤم الوضع وسوء المنقلب ، وليعلم البارَّ بالوالدين أنه مهما بالغ في برهما لم يفِ بشكرهما ، ومنها تقديم أمرهما على فعل النافلة ، واجتناب ما نهيا عنه ، والإنفاق عليهما ، والتوخي لشهواتهما ، والمبالغة في خدمتهما ، واستعمال الأدب والهيبة لهما ، فلا يرفع الولد صوته على صوتهما ، ولا يحدق إليهما ، ولا يدعوهما باسمهما ، ويمشي وراءهما ، ويصبر على ما يكرهه مما يصدر عنهما .

الأربعاء، 30 نوفمبر 2011

سر البركة ...

سِــــــــرّ البـــــركة


يقول الله رب العالمين:
[مَثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ] { البقرة:261} .
عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " ثَلاثَةٌ أَقْسِمُ عَلَيْهِنَّ : مَا نَقَصَ مَالٌ مِنْ صَدَقَةٍ فَتَصَدَّقُوا ، وَلا عُفِيَ رَجُلٌ عَنْ مُظْلَمَةٍ ظُلِمَهَا إِلا زَادَهُ اللَّهُ عِزًّا فَاعْفُوا يَعِزِّكُمُ اللَّهُ ، وَلا فَتْحَ رَجُلٌ عَلَى نَفْسِهِ بَابَ مَسْأَلَةٍ إِلا فَتْحَ اللَّهُ عَلَيْهِ بَابَ فَقْرٍ " .
نقول كثيرا  هذا مال فيه بركة ، أو هذا مال لا بركة فيه ، ونقول هذا طعام فيه بركة أو هذا طعام لا بركة فيه  ، وهذا وقت فيه بركة أو هذا وقت لا بركة فيه ، فما المقصود بالبركة ؟ وأين تكون ؟ ولماذا تختفي  ؟
  الرسول r رضيعا تأخذه حليمة السعدية ولها طفل ترضعه وما في صدرها لا يكفيه ، وما أن تضعه في حجرها حتى يبارك الله في لبنها فترضع محمد حتى يروى ، وترضع ولدها حتى يروى ، فيقول زوجها : تعلمي والله يا حليمة ، لقد أخذتِ نسمة مباركة.
و في طريقه إلى المدينة مهاجرا بصحبة أبي بكر ، مرّ على خباء أعرابية تدعى أم معبد الخزاعية تُطعِم وتَسقي مَنْ مرّ بها ، وليس في الجوار غير شاة عجفاء ، خلَّفها الجهد عن الغنم ، فمسح الرسول ضرعها ، فدرَّت اللبن الكثير ، ولما عاد زوجها أبو معبد وعجب من أمر الشاة ، قالت الزوجة : لقد مرّ بنا رجل مبارك .
وكذا البركة في شاة جابر بن عبد الله في غزوة الخندق ، فقد أكل الرسول r وصحبه من لحم شاة وصاعا من الشعير وشبعوا  .
فالبركة تجعل القليل كثيرا ، وغيابها يجعل الكثير قليلا .
في المثل الشعبي نقول : "اللي بينقص بيخلص " . وهذه قاعدة لا يختلف عليه اثنان ، والرسول r يقول : " ما نقص مالٌ من صدقة " . فكيف لا ينقص المال من الصدقة التي تؤخذ منه ؟
البركة في اللغة : النماء والزيادة والسعادة ، وقال ابن عباس البركة : الكثرة من كل خير ، وابن القيم يقول : النافع هو المبارك ، وأنفع الأشياء أبركها ، والبركة شيء من الخير يجعله الله في بعض مخلوقاته .
يقول الدكتور جاسم المطوع أنه كان في ندوة في باريس مع علماء أجانب وتحدث فيها عن البركة ، فقام علماء لغة بالبحث في معاجمهم عنها فلم يجدوها ، فكأن هذه كلمة إسلامية بمعناها ومرادها .
وأحسب البركة الزيادة في الشيء عند الأخذ منه و دون أن يعتريه نقص ، لقوله r  : " ما نقص مال من صدقة " .
وذكر الدكتور جاسم المطوع في تلك المحاضرة القصة التالية :
رجل من المسلمين رزقه الله رزقا واسعا ، فصار صاحب شركات وأموال كثيرة ، لم ينس هذا الرجل حق الله في ماله ، فكان كثير الصدقات والهبات ، يقدم للجمعيات الخيرية والمحتاجين ولا يبخل بما أفاض الله عليه من خير ، ونمت أمواله ، وكَبُر أولاده ، وأرسل أكبر أولاده ليدرس الاقتصاد في أرقى الجامعات البريطانية ، وتخرَّج الولد ، وفرح الأب أن ابنه صار كفؤا ليحل محله ، فلم يعد الأب قادرا على إدارة كل هذه الشركات ، ذات يوم جلس الأب مع ابنه ، وأوصاه أن يسير على نهجه في الصدقات ، فقال الابن :
ـ ولكن جميع حساباتك لا يظهر فيها ما يُصرف في هذا الباب ، والأصل أن تُسَجًّل لتحسم من النفقات ، لنحدد بدقة الأرباح والخسائر  .
فقال الأب : لا أفهم .
قال الولد : درسنا في الجامعة أن المال الذي يستهلك دون أن يوظف ويستثمر ينقص رأسمال الشركات ، وما تنفقه يقع في هذا الباب .
قال الأب : ألم تدرسوا عن البركة في المال ؟
قال الابن : علم الاقتصاد لا يعترف بمثل هذه المصطلحات .
قال الأب : حسنا ، هل تعرف كم تنجب الشاة في كل ولادة ؟
قال الابن : تنجب واحدا أو اثنين .
قال الأب : أما الكلبة فتنجب سبعة أو ثمانية جراء في البطن الواحد ، والناس بشكل عام يذبحون أبناء الماعز ، ولا يذبحون الكلاب ، فحسب علمكم يجب أن تكون الكلاب التي تتكاثر بوفرة ولا تُذبح  أكثر في الدنيا من الماعز الأقل تكاثرا والأكثر ذبحا  وواقع الحال يقول غير ذلك ، إنها  البركة ، يا ولدي ، التي لا تدرسونها في الغرب .

الخميس، 22 سبتمبر 2011

درس في تعليم النفاق ..

درس في تعليم النفاق ..!!  

نستمع لهذه الآية بقلوب خاشعة، ونستمع للقصة بعدها بعقول متدبرة لعل الله يفتح علينا بأنوار الحكمة كي نصل إلى لعبرة المستفادة ، يقول الله تعالى:
[ وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَّبِيًّا ۞  وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِندَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا ]{ مريم:55 }
وانتبه أخي رعاك الله لقوله تعالى: صادق الوعد ، ويأمر أهله بالصلاة ...
والرسول ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ يعلمنا: (خَصْلَتَانِ لَا يَجْتَمِعَانِ فِي قَلْبِ مُؤْمِنٍ الْبُخْلُ وَسُوءُ الْخُلُقِ).
 يروى أن رجلا شحيح النفس بخيل اليد كان يأمر ولده بالصلاة، ولكن الولد لا يسمع موعظة والده ، فبينهما صحراء من المشاعر اليابسة قلعت غراسها سلوكيات البخل عند والده، ذات يوم قال الأب لابنه : اسمع يا ولد ، إذا صليت فسوف أعطيك على كل صلاة جنيه .
ُسرّ الولد بعرض أبيه، فسوف يكون لديه ما يشتري به مثل سائر زملائه في المدرسة ، قام الولد صباحا وقال لأبيه لقد صليت الفجر ، فهات الجنيه الذي وعدتني به  قال الأب مبتسما : حسنا يا ولدي ، ولكن أليس من الأفضل لك ولي ، وأسهل للحساب أن أعطيك المكافأة في كل يوم ، وليس على كل صلاة ! فقال الولد : موافق، بعد صلاة العشاء آتيك ونتحاسب .
وبعد صلاة العشاء جاء الولد وقال لأبيه: لقد صليت اليوم الصلوات الخمس، ولي عندك خمسة جنيهات. فقال الأب: رائع يا بني، ولكنك ولد كبير والجنيهات الخمس لا تكفيك لشراء الحذاء الرياضي الذي تحتاجه، ما رأيك لو جمعتها لك حتى نهاية الأسبوع، ويكون المبلغ كافيا لشراء ما تحتاج .
وفي نهاية الأسبوع طلب الولد من أبيه الخمسة وثلاثين جنيها مكافأة الصلوات طوال الأسبوع، فأجله الأب لنهاية الشهر ، ووعده أن يدفع له مئة وخمسين جنيها، وتكون مبلغا كافيا لتحقيق حاجات الولد ، وعندما حل الأجل المضروب في نهاية الشهر ، أجلّه الأب لنهاية العام وأغراه أن مبلغا يتجاوز الألف وثمانمائة جنيه سيكون كافيا لتحقيق جميع أحلامه ، وتلبية جميع حاجاته دفعة واحدة ، وتكون جائزة كبرى لسنة مباركة .
وجاءت نهاية السنة ، فقصد الولد أباه ليفوز بالمكافأة الكبيرة ، فأجله الوالد يوما بعد يوم ، وثار بينهما خصام، فأعرب الأب عن نيته بعدم الدفع وقال : يا ولد ، لماذا تطلب مالا على صلاتك ، أنت لم تكن تصلي لي ، أنت كنت تصلي لله والله تعالى سيكافئك عليها ويعطيك أجرك ؟!  
فقال الولد: لا يا أبي، أنا متأكد تماما أن الله تعالى لن يعطيني أجري، وأريد أجري منك فورا.
فقال الأب: وكيف عرفت أن الله تعالى لن يعطيك أجرك ؟
فقال الولد: لأني يا أبي، صليت كل الصلوات بعد اليوم الأول بدون وضوء.
وهذا الأب البخيل أراد أن يقرب ابنه من الجنّة، فقربه من النار، لأن البخيل بعيد عن الله بعيد عن الجنة.  
وهذا الأب البخيل أراد أن ينجّي ابنه فأهلكه، لأن البخل من المهلكات.
وهذا الأب لم يستطع تعليم ابنه الإيمان فعلمه سوء الخلق،
وأراد هذا الأب أن يكون ابنه من عمله الذي لا ينقطع، فقطعه البخل، والرسول ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ يعلمنا:  ( لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ خِبٌّ وَلَا بَخِيلٌ وَلَا مَنَّانٌ ) .  
والأخطر من كل ذلك أن هذا الأب البخيل وعد ابنه فأخلف، فعلم ابنه النفاق.