الجمعة، 20 ديسمبر 2013

إبراهيم يفدي إبراهيم



إبراهيم بن يزيد بن شريك التيمى، يكنى أبا أسماء. الإمام القدوة، الفقيه عابد الكوفة. كان شابًا صالحًا قانتًا لله عالمًا فقيهًا، كبير القدر واعظًا .
وعن الأعمش أيضًا قال: كان إبراهيم التيمى إذا سجد تجيئ العصافير تستقر على ظهره، كأنه جذع حائط.
عن سفيان بن عيينة قال: قال إبراهيم التيمى: مثلت نفسى فى النار أعالج أغلالها وسعيرها، وآكل من زقومها، وأشرب من زمهريرها، فقلت: يا نفسى أى شئ تشتهين؟ قالت: أرجع إلى الدنيا، وأعمل عملاً أنجو به من هذا العذاب، ومثلت نفسى فى الجنة مع حورها، وألبس من سندسها وإستبرقها وحريرها، فقلت: يا نفسى أى شئ تشتهين؟ قالت: أرجع إلى الدنيا، أعمل عملاً أزداد من هذا الثواب. فقلت: أنت فى الأمنية فاعملى .
عن أبو إدريس عن حصين قال: كان من كلام إبراهيم التيمى أنه يقول: أى حسرة أكبر على امرئ من أن يرى عبدًا كان له، خوله الله إياه فى الدنيا، هو أفضل منزلة منه عند الله يوم القيامة؟ وأى حسرة على امرئ أكبر من أن يصيب مالا، فيرثه غيره، فيعمل فيه بطاعة الله تعالى، فيصير وزره عليه وأجره لغيره؟ وأى حسرة على امرئ أكبر من أن يرى من كان مكفوف البصر، ففتح له عن بصره يوم القيامة وعمى هو؟ إن من كان قبلكم يفرون من الدنيا وهى مقبلة عليهم ولهم من القدم مالهم، وأنتم تتبعونها وهى مدبرة عنكم، ولكم من الأحداث مالكم، فقيسوا أمركم وأمر القوم.
وقال: كفى من العلم خشية الله، ومن الجهل أن يعجب الرجل بعمله.
وقال: شيئان قطعا عنى لذة الدنيا: ذكر الموت، وذكر الوقوف بين يديه تعالى.
المؤمن إذا أراد أن يتكلم نظر، فإن كان له تكلم وإلا أمسك، والفاجر إنما يرسل لسانه رسلاً رسلاً.
يهلك الناس فى خلتين: فضول المال وفضول الكلام.
حبسه الحجاج مغلولاً فى سلسلة حتى ضنى جسمه، فمات سنة اثنتين وتسعين، ولم يبلغ الأربعين سنة.
وعن على بن محمد قال: كان سبب حبس إبراهيم التيمى، أن الحجاج طلب إبراهيم النخعى، فجاء الرسول فقال: أريد إبراهيم، فقال إبراهيم التيمى: أنا إبراهيم، ولم يستحل أن يدله على النخعى. فأخذه الرسول وهو يعلم أنه إبراهيم النخعى، وجاء به إلى الحجاج، فأمر بحبسه فى الديماس ـ الحفير تحت الأرض ـ ولم يكن لهم ظل من الشمس ولا كِنٌّ من البرد، وكان كل اثنين فى سلسلة. فتغير إبراهيم، فجاءته أمه فى الحبس فلم تعرفه حتى كلمها. فمات فى السجن.
فرأى الحجاج فى منامه قائلا يقول: مات فى هذه الليلة رجل من أهل الجنة، فلما أصبح قال: هل مات الليلة أحد بواسط؟ قالا: نعم، إبراهيم التيمى مات فى السجن.
وكان ذلك سنة 92 هـ ، وكان عمره أربعين عاما .

الفلق والناس



ھل تعرف الفرق بين المعوذتين
( الفلق والناس ) في المعنى ؟
عائض القرني
سورة "الفلق" استعاذة من الشرور الخارجية :
الليل إذا أظلم ، القمر إذا غاب ،
وهذان الوقتان مظنة كثرة الشرور والساحرات اللاتي ينفخن في عقد السحر والحسد .
سورة "الناس" ، استعاذة من الشرور الداخلية :
من الوسواس وهو القرين ، والنفس الأمارة بالسوء إذا غفل المسلم .
والشرور الداخلية أشد من الخارجية ؛
فالشرور الخارجية ممكن تبتعد عنها ، والشرور الداخلية ملازمة لا تنفك عنك أبداً .
لذلك نستعيذ مرة في الفلق وثلاث مرات في الناس ،
فأنت تقول في الفلق
( قل أعوذ برب الفلق )
ثم تذكر المستعاذ منه ،
وفي الناس تقول
( قل أعوذ برب الناس ملك الناس إله الناس ) ثم تذكر المستعاذ منه .
فمن يقرأ المعوذتين يُوقى بإذن الله من جميع الشرور الخارجية والداخلية .
ومن عرف هذا المعنى تبين له سبب هذه الفضائل الكثيرة التي حشدت للمعوذتين .

ثمانية أم ثلاثة



سُئل أحد العلماء ما الذي أوصل حال المسلمين إلى هذه الدرجة من الذل والهوان وتكالب الاعداء ؟؟؟
فرد ذلك العالم وقال " عندما فضلنا الثمانية على الثلاثة "
فسُئل: ما هي الثمانية وما هي الثلاثة ؟
فأجاب : إقرؤوها في قول الله تعالى :
{ قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَآؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللّهُ بِأَمْرِهِ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ }.

الاثنين، 23 سبتمبر 2013

لمن يريد العزة


حكي أن رجلا من العارفين أمر هارون الرشيد بالمعروف فحنق عليه هارون، وكانت له بغلة سيئة الخُلُق فأمر أن يُربط معها لتوقع به المضرة، ففعلوا ذلك فلم تضره، فقال: اطرحوه في بيت وطينوا عليه الباب ففعلوا، فرئي في بستان وباب البيت مسدود، فأُخبر هارون بذلك فأتي بالرجل وقال: من أخرجك من البيت؟ فقال: الذي أدخلني البستان، فقال: ومن أدخلك البستان؟ قال: الذي أخرجني من البيت، فقال هارون: أركِبُوه دابة وطوفوا به البلد، وليقل قائل: ألا إن هارون أراد أن يذل عبداً أعزه الله فلم يقدر.


   وحكي عن بعضهم أنه قال: رأيت رجلاً يطوف بالبيت وبين يديه خدم والخدم يطردون الناس عنه، وبعد ذلك بمدة رأيت إنساناً يتكفف على جسر في بغداد ويسأل شيئاً، قال: فكنت أنظر إليه وشبهته بذلك الرجل الذي كان يطوف وبين يديه الخدم، فقال: إيش تنظر؟ فقلت: شبهتُك برجل رأيتُه في الطواف من شأنه كذا وكذا، فقال: أنا ذلك الرجل، إني تكبرت في موضع يتواضع الناس فيه؛ فوضعني الله في موضع يرتفع الناس فيه.

الجمعة، 5 يوليو 2013

ابنة هولاكو .. ودرس بليغ

قال تعالى في سورة النور :
)لا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِوَاذًا فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ(. [النور:63].
وعن ابن عمر- رضي الله عنهما- قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : [ إذا تبايعتم بالعِيْنَةِ وأخذتم أذناب البقر ورضيتم بالزرع وتركتم الجهاد سلط الله عليكم ذُلاًّ ، لا يَنزعه شيءٌ حتى ترجعوا إلى دينكم ] رواه أحمد وأبو داود وصححه ابن القطان ، وقال الحافظ في البلوغ رجاله ثقات .
بينما كانت إبنة "هولاكو"- قائد التتار- تتجول فى شوارع بغداد رأت حشداً غفيرا من الناس يجتمعون بمجلس أحد العلماء، فسألت متعجبة: ما هذا؟
فأخبروها أنه رجل من علماء الدين الذين يلتف الناس حولهم، فأمرت أن يأتوها به مربوط الرجلين واليدين بعمامته وحافي القدمين.. ففعلوا ووضعوه أمامها..سألته: أنت رجل الدين؟
فقال: نعم
قالت: إن الله يحبنا ولا يحبكم؛ فقد نصرنا عليكم ولم ينصركم علينا، وقد علمت أن الله تعالى قال: "والله يؤيد بنصره من يشاء"!فلم يجب العالم وإشترط لأن يرد على كلامها أن يفكوا قيده وأن يجلس على كرسى مثلها، فوافقت على شرطه وأعادت عليه الكلام..فقال لها: أتعرفين راعى الغنم؟
قالت: كلنا يعرفه.فقال: أليس ما عنده غنم؟
قالت: بلى
قال: ألا يوجد بين رعيته بعضاً من الكلاب؟
قالت: بلى
قال: وما عمل الكلاب؟
قالت: تحرس له غنمه وتعيد له الغنم الشاردة حتى ولو أصابها بجروح إذا إمتنعت وأبت..!قال لها: إنما مثلنا ومثلكم كذلك، فالله تعالى هو الراعى ونحن الغنم وأنتم الكلاب، فلما شردنا عن أوامر ربنا سلط الله تعالى الكلاب علينا ليردونا إليه مرة أخرى!!

الثلاثاء، 25 يونيو 2013

صديق الدنيا وصديق الآخرة


قلت لصديق : إني نمت لمدة 22 ساعة متواصلة
فقال : بدون أكل ...!!!؟

وقلت لصديق أخر : أني نمت لمدة22 ساعة متوآصلة
فقال : بدون صلاة ...!!!؟
...

أحياناً ردة فعل أحدهم تشرح لك مفهوم أولويات حياته لك فعزز صداقتك بمن كان الله وحسن عبادته وحسن طاعته هم أهم أولوياته.

يقول تعالى:
﴿ويوم يعض الظالم على يديه يقولُ يا ليتني اتخذت مع الرّسُول سبيلا , يا ويلتى ليتني لم أَتّخذ فلانا خليلا )

لقد (قرر) ابن نوح عليه السلام ،ألا يتغير..
و(قررت) امرأة فرعون ،أن تتغير..

الأول نشأ تحت رعاية أكبر داعية في التاريخ ...
والثانية نشأت تحت سقف آكبر طاغية عرفته البشرية ...

فمهما كانت الظروف من حولك !!
فأنت من يقرر .. !!

( منقول )

الثلاثاء، 11 يونيو 2013

ربيعة الرأي .. وحكمة أم

ولد "ربيعة الرأي" في القرن الأول الهجري في "المدينة المنورة" ، وقد ترك والده أمه ، وترك عندها ثلاثين ألف دينار ، وكان في بطنها جنينًا ، ولا يعلم والده بذلك الجنين, وخرج غازيًا إلى بلاد "خراسان"، ولبث سبع وعشرين سنة يغزو مع جيوش المسلمين ، ويقود انتصاراتهم ، ولما جاءه الكبر واشتاق إلى رؤية المدينة والموت فيها ، واشتاق أيضا لرؤية زوجته سهيلة وما حل بها. فاستأذن فروخ قائد الجيش للرجوع إلى المدينة فأذن له .
 رجع فروخ إلى المدينة المنورة ،  دخل فروخ إلى مسجد رسول الله أول ما قدم إلى المدينة، وصلى الفجر مع الناس ، ثم سلم على رسول الله و صاحبيه أبو بكر الصديق و عمر بن الخطاب،  ثم شاهد حلقة علم كبيرة أجتمع عليها الناس ، وكان يسمع كلام ذلك الرجل الذي أجتمع عليه الناس ، ولكن لم يره لعظم الحلقة التي كان فيها فسأل رجل كان بجانبه فقال له : من هذا الرجل الذي أجتمع له أهل المدينة ويسمعون علمه , فنظر له الرجل وقال له : ألا تعرفه ،  من أي البلاد أنت ، أنه ربيعة الرأي ؟ , فقال له فروخ : ومن ربيعة الرأي هذا ؟ فقال له : هذا فقية المدينة وعالمها .  
فلما أنتهى الدرس قام فروخ لكي يذهب إلى بيته ليرى ما فعلت زوجه سهيلة ،  فلما وصل إلى داره وجدها على ما كانت عليه منذ أن تركها , فرأى شابا يخرج منها ولمح زوجه داخل تلك الدار،  فأخذته الحمية على زوجه وما فعلت من وراءه ، فانطلق لكي يدخل الدار، فمنعه ذلك الشاب ، فوثب كل منهما على صاحبه ، فعلى صراخهما حتى أجتمع الجيران ووقفوا مع ذلك الشاب،  فأتى الإمام مالك فسكت الناس، وعم الصمت المكان فقال مالك : أيها الشيخ ألك سعة في هذه ا لدار . فقال : هي داري وتلك هي امرأتي وأنا فروخ . فلما سمعته سهيلة خرجت مستبشرة ، وقالت: ذلك هو زوجي تركني وأنا حامل وهذا ابني.
 فاعتنق الوالد مع ولده ، فلما خلا بزوجه قال لها : أن معي مالا غنمته مع جيوش المسلمين فضميه مع المال الذي كنت قد أعطيتك إياه . فقالت سهيلة : أذهب وصل في مسجد رسول الله يا فروخ وسآتيك بالمال , فقال لها:  لقد صليت فيه ورأيت عجبا سمعت عن رجل يقال له ربيعة الرأي أجتمع له أهل المدينة وكان علمه واسعا وددت لو كنت مثله . فقالت له : أيسرك أن تكون مثله وتخسر كل ما تملك ؟ . قال : نعم أنه ليسرني . فقالت له : أيسرك أن كان أبنك مكانة أيسرك أن تنفق علية مالك كله ؟ . فقال : نعم وأنة ليسرني ذلك وذلك آثر عندي . فقالت له : هو والله ابنك , وقد أنفقت ما تركته عندي عليه .

الأربعاء، 5 يونيو 2013

زِنِّيْرَةُ الرومية

  
جاء في سورة النساء قوله تعالى :
{ لَّيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَن يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلاَ يَجِدْ لَهُ مِن دُونِ اللّهِ وَلِيًّا وَلاَ نَصِيرًا* وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتَ مِن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلاَ يُظْلَمُونَ نَقِيرًا } (123-124) سورة النساء،

وفي الحديث الشريف عَنِ ابْنِ عُمَرَ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : " الذَّنْبُ لا يُنْسَى ، وَالْبِرُّ لا يَبْلَى ، وَالدَّيَّانُ لا يَمُوتُ ، فَكُنْ كَمَا شِئْتَ ، فَكَمَا تَدِينُ تُدَانُ " .

كانت زنيرة فتاة صغيرة مملوكة عند امرأة مشركة في قريش ، ولما أسلمت قامت سيدتها تعذبها بالليل والنهار ، وذات يوم جمعت الجواري وأمرتهن أن يضربنها على رأسها ، حتى فقدت البصر ، فإذا عطشت قالت : أعطوني ماءً.
قالت المشركة : الماء أمامك فابحثي عنه ، وكانت تشير للجواري كي يبعدن الماء من أمامها ، فتدور تلهث عطشا ولا تجده ، فيضحكن منها ويسخرن من فعلها .
 ذات يوم قالت لها : يا زنيرة ، إن كان ربك الذي تؤمنين به حقاً كما تزعمين ، ادعيه فليرد عليك بصرك لكي ترى الماء والطعام.
  فرفعت زنيرة يدها إلى الله ، وقالت : اللهم ، إني أسألك أن ترد عليَّ بصري ، فأبصرت ، وإذا بسيدتها تصرخ ، وتصيح من رأسها وارأساه ، وتقول للجواري : احملن النعال والقباقيب ، واضربوني على رأسي ، فضربنها حتى فقدت البصر.
ولم تكن تلك الحادثة لترد أهل الشرك عن شرطهم ، بل قالوا : ذلك من سحر محمد .
ولما رأى أبو بكر رضي الله عنه ما ينالها من العذاب، اشتراها فأعتقها، وهي أحد السبعة الذين أعتقهم أبو بكر ..
رضي الله عنها وأرضاها

الأربعاء، 15 مايو 2013

اليهود هم اليهود ..

عندما برَّأ البابا اليهود المعاصرين من ذنب اضطهاد وتعذيب المسيح عليه السلام، كانت حجته بأن يهود اليوم الذين يُضطهدون في العالم ليسوا مثل يهود الماضي، الذين قتلوا الأنبياء،  ونقضوا عهد الله واعتدوا في السبت، فهل اليهود هم اليهود أم تغيروا ؟
من صفات اليهود المذكورة في القرآن الكريم التحايل على الشرع؛ من أجل تحقيق مصالحهم، وضرب الله لنا مثلا على ذلك في قصة أهل القرية حاضرة البحر.  
تتلخص هذه القصة في أن قوما من بني إسرائيل اخذ الله تعالى عليهم عهداً بأن يتفرغوا لعبادته في يوم السبت، وحرّم عليهم الاصطياد فيه دون سائر الأيام، واختباراً منه سبحانه لإيمانهم ولوفائهم بعهودهم أرسل إليهم الحيتان في يوم السبت دون غيره، فكانت تتراءى لهم على الساحل في ذلك اليوم قريبة المأخذ، سهلة الاصطياد، وهنا سال لعاب شهواتهم ومطامعهم، وفكروا في حيلة لاصطياد هذه الحيتان في يوم السبت، فقالوا: لا مانع من أن نحفر إلى جانب ذلك البحر ،الذي يزخر بالأسماك في يوم السبت، أحواضا تنساب إليها المياه ومعها الأسماك، ثم نترك هذه الأسماك محبوسة في الأحواض في يوم السبت، لأنها لا تستطيع الرجوع إلى البحر لضآلة الماء الذي في الأحواض، ثم نصطادها بعد ذلك في غير يوم السبت، وبذلك نجمع بين احترام ما عهد إلينا في يوم السبت، وبين ما تشتهيه أنفسنا من الحصول على تلك الأسماك.
وقد نصحهم الناصحون بأن عملهم هذا احتيال على محارم الله، وأن حبس الحيتان في الأحواض هو صيد لها، وهو فسوق عن أمر الله ونقض لعهوده، ولكنهم لجهلهم واستيلاء المطامع على نفوسهم لم يعبأوا بنصح الناصحين، بل نفذوا حيلتهم الشيطانية، فغضب الله عليهم ومسخهم قردة، وجعلهم عبرة لمن يعتبر ممن عاصرهم ولمن أتى بعدهم وموعظة للمتقين.
وفي عصرنا ما يشبه تلك القصة :
في كل سبع سنوات يحتفل اليهود بعام يسمى عام (الشميتا )، واحتفل به اليهود في العام (2007) مع بداية السنة اليهودية الذي صادف مع شهر رمضان المبارك، وفيه يجب ترك الأراضي المملوكة لليهود غير مزروعة لكي ترتاح، ويتفرغون لعبادة  ربهم كما جاء في التوراة : (وَكَلَّمَ الرَّبُّ مُوسَى فِي جَبَلِ سِينَاءَ قَائِلا:كَلِّمْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَقُلْ لَهمْ: مَتَى أَتَيْتُمْ إِلَى الأَرْضِ الَّتِي أَنَا أُعْطِيكُمْ تَسْبِتُ الأَرْضُ سَبْتًا لِلرَّبِّ. سِتَّ سِنِينَ تَزْرَعُ حَقْلَكَ، وَسِتَّ سِنِينَ تَقْضِبُ كَرْمَكَ وَتَجْمَعُ غَلَّتَهُمَا. وَأَمَّا السَّنَةُ السَّابِعَةُ فَفِيهَا يَكُونُ لِلأَرْضِ سَبْتُ عُطْلَةٍ، سَبْتًا لِلرَّبِّ ).
 ويقوم الحاخامات المتشددون بتحريم أكل الخضار والفواكه المحلية، ويعتمدون على المستورد منها،  فلا يزرعونها ولا يقطفون من ثمارها إلا ما يسدُّ جوع العائلة بشرط أن لا يباع منها شيئا في الأسواق،ويتركون الثمار تسقط وتتعفن،تبعا لتزوريهم على الله تعالى: أن الله خلق السموات والأرض في ستة أيام واستراح في اليوم السابع،ويقوم اليهود بالاحتيال على هذه الشعيرة التوراتية من خلال طرق وحيل عجيبة: منهم من يبيعون أراضيهم لمدة عام  للحاخامات الذين يقومون بدورهم ببيعها شكليا لغير اليهود بشيكل واحد، مقابل أن يحافظ المالك الصوري الجديد على زراعة الأرض كما خطط صاحبها اليهودي. ومنهم من يعمد إلى زراعة تسمى زراعة المدرَّجات، بحيث يضع المزروعات في أماكن مرتفعة عن الأرض، ومنهم من يغطي مزروعاته بأغطية تفصلها عن الأرض تحايلا على النص التوراتي . 
فهل  يهود  التاريخ القديم هم يهود العصر الحاضر ؟!

مات الدين .. عاش الدين

داود عليه السلام كان أول من جمع بين النبوَّة والمُلك في بني إسرائيل، أي جمع بين الدين والحكم به، وذلك أن الله سبحانه آتاه الملك والحكمة بُعيد انتصاره على جالوت ، قال تعالى :
{ فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ وَقَتَلَ دَاوُدُ جَالُوتَ وَآتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِـينَ }  [  البقرة : 251 ]

روي أن داود النبي (عليه السلام) مر بغلمان يلعبون وينادون أحدهم  بـ (يا مات الدين) فيجيب منهم غلام، فدعاهم داود (عليه السلام) فقال: يا غلام ما اسمك؟
قال: مات الدين.
فقال له داود (عليه السلام): من سماك بهذا الاسم؟
فقال: أمي.
فانطلق داود (عليه السلام) إلى أمه فقال لها: يا أيتها المرأة ما اسم ابنك هذا؟
قالت: مات الدين.
فقال لها: ومن سماه بهذا؟
قالت: أبوه.
قال: وكيف كان ذاك؟
قالت: إنَّ أباه خرج في سفر له، ومعه قوم، وهذا الصبي حمْلٌ في بطني، فعاد القوم ولم يَعُد زوجي، فسألتهم عنه، فقالوا: مات.
فقلت لهم: فأين ما ترك؟
قالوا: لم يخلِّف شيئاً.
فقلت: هل أوصاكم بوصية؟
قالوا: نعم زعم أنك حبلى، فما ولدت من ولد :جارية أو غلام فسمِّيه مات الدين، فسمّيته.
قال داود (عليه السلام): وتعرفين القوم الذين كانوا خرجوا مع زوجك؟
قالت: نعم.
قال: فأحياء  هم  أم  أموات؟
قالت: بل أحياء.
قال: فانطلقي بنا إليهم.
ثم مضى معها فاستخرجهم من منازلهم، وجعل يسأل كل واحدٍ على حدة،في أي يوم مات؟ وفي أي سنة؟ وفي أي شهر؟ وأين مات؟  وما لباسه ؟ وما سبب موته؟  ومن أول من وصل إليه؟ ومن دفنه؟  ..ومثل تلك الأسئلة الدقيقة، فوقع الرجال في أقوالهم، وأقرّ أحدهم بأن أصحابه قتلوا والد الغلام،  ولما استخرج منهم أنهم قتلة والد الصبي، أثبت عليهم المال والدم،  فأوقع بهم القصاص ، وأقام العدل ، وأحيا الدين، وقال للمرأة: سمي ابنك هذا .. عاش الدين .