الاثنين، 4 مارس 2013

حتى يضع قدمه في الجنة ...!!


إذا عدنا إلى مناهل الفضائل عند الأنبياء والرسل والصالحين لوجدنا أن أهم ما يميزهم في الدعوة إلى الله هو الدعوة في كل المناسبات وفي كل الأوقات ، في اليسر والعسر في الصحة والمرض ، انظر هذه الوقائع وقارن وتحقق :
يقول الله تعالى مخبرا عن نوح عليه السلام : ﴿  قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلًا وَنَهَارًا (5) فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائِي إِلَّا فِرَارًا (6) وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَارًا (7) ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهَارًا (8) ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْرَارًا (9) فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا (10) .
 وهذا نبي الله تعالى يوسف عليه السلام حينما زُج به في السجن ظلماً ، واجتمع بالسجناء في السجن، فلم يجلس ليندُّب حظه يأسا ، ولم تشغله هذه الحياة المظلمة عن دعوة التوحيد وتبليغها للناس ومحاربة الشرك وعبادة غير الله والخضوع لأي مخلوق قال تعالى:﴿يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُّتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ (39).
والرسول ـ صلّى اللهُ عليه وسلّم ـ  يخرج مهاجرا خفية إلى المدينة ، وتطارده قريش ولكن ذلك لم يمنعه من دعوة حتى اللصوص إلى الإسلام ، فقد لقي ـ صلّى اللهُ عليه وسلّم ـ  في طريقه رجلاً يقال له بريدة بن الحصيب الأسلمي في ركب من قومه ، فدعاهم إلى الإسلام فآمنوا وأسلموا ، كان في طريقه ـ صلّى اللهُ عليه وسلّم ـ  بالقرب من المدينة لصان من أسلم يقال لهما المهانان ، فقصدهم ـ صلّى اللهُ عليه وسلّم ـ  ، وعرض عليهما الإسلام فأسلما ، ثم سألهما عن أسمائهما فقالا: نحن المهانان ، فقال : بل المكرمان ، وأمرهما أن يقدما عليه المدينة .وفي العصر الحديث هدد المندوب الفرنسي في الجزائر ـ أيام جهادها ـ الشيخ عبد الحميد الجزائري بإغلاق المسجد إذا لم ينقطع عن التدريس ، فأجابه : لا تستطيع ! قال : وكيف ؟  فقال : إذا كنت في عرس علّمت المحتفلين ، وإذا كنت في مأتم وعظت المعزِّين ، وإن جلست في قطار علّمت المسافرين ، وإن دخلت السجن أثرت المسجونين ، وإن قتلتموني ألهبت مشاعر المواطنين ، وخير لكم أن لا تتعرضوا للأمة في دينها ولغتها .
في  8 آب 2005 توفي الداعية الإسلامي الكبير أحمد ديدات ـ رحمه الله ـ ، بعد إصابته بالشلل التام منذ عام 1996 سوى عينيه ودماغه ، خلال سنوات مرضه واصل دعوته ، وكان يتلقى في كل يوم حوالي 500 رسالة تقريبا ، يرد عليها وعلى محاوريه من الزوار ، من خلال تحريك عينييه إلى لوحة كُتبت عليه الأحرف ورتبت بطريقة معينة ، يستطيع ابنه يوسف ترجمتها للناس ، وحين زاره مراسل الشبكة الإسلامية ، علَّق قائلا :  دخلنا عليه غرفته وبعد استقبال ابنه يوسف لنا -وهو ملازمه ومترجم تعليقاته وردوده لزواره عبر قراءة عينيه- أشار لنا يوسف أنه ربما يكون جسد الشيخ لا يتحرك، ولا يستطيع التفوه بكلمة، لكن عقله وذهنه حاضران. وعن طريق لغته الخاصة طلب منا الشيخ أن نجلس وأن نفتح الإنجيل على صفحة حددها ونقل لنا يوسف رسالته: إن هذه السطور إنما هي وصف لحالة زنى المحارم، وأن في الإنجيل وصفا لعشر حالات تتعلق بهذا الأمر، يوسف أكد لنا أن كثيرًا من المبشرين و المتنصرين يزورون الشيخ، وكان من بينهم، سيدة جاءت لتقول له إن ما أصابه كان بسبب تطاوله على الإنجيل، وإنها تدعوه لأن يؤمن به ليبرأ،ولكنه طلب إليها الجلوس وقام (وهو في حالته) بمناظرتها حول ما يحمله الإنجيل من مغالطات وما جعلها تقرُّ بأنه ليس كلمة الله.
لله درّ تلك الهمة العالية التي تردد مع القائل :
كسروا الأقلام هل تكسيرها
قطعوا
الأيدي هل تقطيعها
أطفئوا الأعين ، هل
إطفاؤها
 
أخمدوا الأنفاس هذا جهدكم
 

يمنع الأيدي أن تنقش صخرا ؟
يمنع الأعين أن تنظر شزرا ؟

يمنع الأنفاس أن تصعد زفرا ؟
 وبه منجاتنا منكم ..فشكرا !

الرشــــوة والهـــــدية...!!

بعث الرسول  ـ صلّى اللهُ عليه وسلّم ـ عبد الله بن رواحة إلى خيبر يخرص النخل ( يقدر التمر على النخل ) بينه وبين يهود خيبر ، فجمعوا له حليّـًا من حليِّ نسائهم ، فقالوا له : هذا لك ، وخفف عنّا وتجاوز في القسمة. فقال عبد الله : يا معشر يهود ، والله إنكم أبغض خلق الله إليّ ، وما ذلك بحاملي على أن أحيف عليكم ، فأما ما عرضتم من الرشوة فإنها السحت وإنا لن نأكلها ، فقالوا : بهذا قامت السموات والأرض !!
بين الحلال والحرام شعرة دقيقة ، لذلك جاء الدين ليبين هذه الشعرة ، فالقرآن مبين ، والرسول مبين ، ونحن بأمس الحاجة لهذا التبيين ، ولولاه لهمنا مع الهائمين في الكفر والضلال ، فالذي يفرق بين الزواج الحلال والزنا الحرام هو العقد ، أو الورقة أما العملية بحد ذاتها فهي متشابهة ، وما يفرق بين الربا والبيع هو وجود السلعة أما زيادة رأس المال فواحدة ، لذا حذرنا الله بقوله ﴿ وقالوا إنما البيع مثل الربا وأحلّ الله البيع وحرّم الربا ، هنا يجب الانتباه لنعرف الفرق بين الرشوة والهدية ، وإن كان كلاهما في المظهر واحد .
في قصة سيدنا سليمان مع ملكة سبأ عبرة يجدر التوقف عندها ، فبعد معرفة سليمان أن أهل سبأ يعبدون الشمس من دون الله ، أرسل إليها بكتاب جاء فيه ﴿ ألا تعلوا عليّ وأتوني مسلمين رسالة واضحة أن اتركوا عبادة الشمس وأسلموا لله رب العالمين ، فكان رأي الملكة أن تستميل رأيه بهدية : ﴿ وإني مرسلة إليهم بهدية فناظرة بما يرجع المرسلون * فلما جاء سليمان قال أتمدوننِ بمال فما آتاني الله خيرا مما آتاكم بل أنتم بهديتكم تفرحون ونسب الهدية لهم لأنها لم تكن هدية بل كانت رشوة ليعود عن مهاجمة بلادها . الهدية مستحبة والمسلم مدعو لأدائها وقبولها ، والرشوة من الكبائر مطلوب من المسلم اجتنابها وتركها ،   فما الفرق بين الهدية والرشوة ؟؟
نجمع الفروق بينهما من حيث الطريقة والغاية :
·       فالهدية مقصدها استمالة القلوب وتعميق المحبة ، والرشوة غايتها تغير المواقف والآراء .
·        الهدية نتيجة علاقة أو لترسيخ علاقة ، الرشوة وراءها مصلحة ، وغالبا ما تكون مخالفة للحق .
·        الهدية تقدم بعد الطلب ، والرشوة تقدم قبل الطلب تلميحا أو تصريحا .
·        الهدية لها مناسبة تخص المُهدى إليه ، والرشوة لها مناسبة تخص المَهدي .
·       الرشوة يسبقها أو يليها شرط ، أما الهدية فلا شرط فيها .
وعلامة قبول الرشوة هي قبول الكذب ، لقوله تعالى : ﴿ سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ . وسمي المال الحرام سحتا لأنه يسحت ( يستأصل ) الطاعات ، وقيل لأنه يسحت المروءة ، ومن لا دين له لا مروءة له ، وعن النبي  ـ صلّى اللهُ عليه وسلّم ـ أَنَّهُ قَالَ : ( كُلّ لَحْم نَبَتَ بِالسُّحْتِ فَالنَّار أَوْلَى بِهِ ) قَالُوا : يَا رَسُول اللَّه ; وَمَا السُّحْت ؟ قَالَ : ( الرِّشْوَة فِي الْحُكْم ) وَقَالَ أَبُو حَنِيفَة : إِذَا اِرْتَشَى الْحَاكِم اِنْعَزَلَ فِي الْوَقْت وَإِنْ لَمْ يُعْزَل , بَطَلَ كُلّ حُكْم حَكَمَ بِهِ بَعْد ذَلِكَ .
قال الركن محمود شيت خطاب : " إن الذي أعلمه علم اليقين ولا أشك فيه أبدا أن الملوّث جنسيا أو جيبيا لا يمكن أن يقاتل في الحرب كما يقاتل الرجال ، وأريد بالملوّث جنسيا الذي تردى في مهاوي الرذيلة ، وأقصد بالملوّث جيبيّـًا الذي دخل جيبه المال الحرام رشوة وغشا .. "
لذا شدد الإسلام في مسألة الرشوة لأنها تفسد النفوس وتضيع الحقوق وتهدم المجتمعات ، وحثّ على الهدية لأنها تربط القلوب وتبني المجتمعات . 
وقديما قالوا : إذا دخلت الرشوة من الشباك ، خرجت الأمانة من الباب .

مراتب الإنسان في القرآن

الناس مولعون بالتصنيف ، الطفل يصِّنف ألعابه ، والناس تصنف أغراضها، والقرآن الكريم يصنف الناس ، ومراتب الإنسان كما بين القرآن من الأعلى إلى الأدنى :
1 ـ الإنسان خليفة الله في الأرض:  والدليل قول الله تعالى ﴿وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة﴾وهذا مقام لا يعدله مقام على الأرض ، إذ جعل الله تعالى الإنسان خليفته .  
2 ـ  الإنسان أكرم مخلوقات الأرض :كرّم الله تعالى الإنسان بقوله: ﴿  ولقد كرَّمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا
 الإنسان أذكى مخلوقات الأرض وأقواها:قال تعالى: ﴿علَم الإنسان مالم يعلم﴾ فقد استطاع آدم عليه السلام أن يسمِّي ما عجزت حتى الملائكة عن تسميته، والحضارات البشرية المتنوعة بأرجاء الأرض قديمها وحديثها تشهد على عظمة العقل البشري.
 4 ـ بعض الناس حيوانات عاقلة : ودليل صدقها قوله تعالى: ﴿والذين كفروا يتمتعون ويأكلون كما تأكل الأنعام ﴾ والأنعام معروفة وهي الغنم والبقر والإبل. وهذه البهائم لا تعرف كبح شهوات بطونها وفروجها من ذاتها ما لم تجبر على ذلك بمانع خارجي لا يمت لإرادتها بصلة.وكثير من الناس يفعلون فعل الحيوانات فإذا اشتهى احدهم شيئاً فانه يظل يلهث كالكلب وراء بطنه وفرجه حتى يشبع أو يمنعه مانع خارجي، دون أن يكبح نفسه بنفسه.والاختلاف بينه وبين غيره من الحيوانات يكمن في حجم دماغه فقط.فقد خلق الله له دماغاً جباراً لا يجاريه دماغ أي حيوان آخر. إذن فمثل هذا الإنسان هو حيوان ولكن…عاقل.  
5 ـ بعض الناس حيوانات ناطقة أو خرساءعبارة اشد قسوة من سابقتها.وقد تكون صحيحة والله اعلم.فبعضهم ليس فقط حيوان عاقل، بل حيوان.فالإنسان الذي أصبح حيواناً عاقلاً، سيستمتع بعقله ويحرص على نيل شهواته الحيوانية بأقصى قدر من السلامة، أما الحيوان العديم العقل فسيغرق في شهواته التي ستعجّل بهلاكه.وفي الحقيقة أن بعض الناس حيوانات خرساء،قال تعالى: ﴿ إن شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون
6 ـ بعض الناس أضلُّ من الحيوانوينحدر بعض الناس لرتبة هي أقل من الحيوانات ،  قال تعالى: ﴿ أم تحسب أن أكثرهم يسمعون أو يعقلون إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلا﴾.وقال تعالى: ﴿ولقد ذرأنا لجهنم كثيرا من الجن والإنس لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها ولهم آذان لا يسمعون بها أولئك كالأنعام بل هم أضل أولئك هم الغافلون (الأعراف ).فهذه الآيات توصف بعض البشر بأنهم أضل من الأنعام.وقال تعالى: ﴿ومثل الذين كفروا كمثل الذي ينعق بما لا يسمع إلا دعاء ونداء صم بكم عمي فهم لا يعقلون(171) ﴾.(البقرة ).
7 ـ  بعض الناس شياطينعبارة صحيحة كذلك.وتثبتها الآيات من سورة الناس ﴿ من شر الوسواس الخناس* الذي يوسوس في صدور الناس *من الجنة والناس ﴾ فالوسواس الخناس لا يكون جنياً فقط،بل ويكون إنسانا أيضا.وهذه ولا شك صفة من صفات الشيطان.ولكن الآية الحاسمة هنا هي:" ﴿وكذلك جعلنا لكل نبيٍ عدواً شياطين الإنس والجن يوحي بعضهم الى بعض زخرف القول غروراً"( 112) (الأنعام وقال تعالى: ﴿وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ﴾ وقد تدل (شياطينهم) على شياطين الإنس.
( عن شبكة سلسبيل الإسلامية بتصرف )

المياه الإقليمية للإنسان ...!!


    أشارت دراسة نفسية حديثة إلى أن لكل إنسان (( حدودا )) تماما مثل الدول، وأن كلا منّا يجلس في منتصف ثلاث دوائر غير مرئية تحيط به :
الدائرة الأولى: وتبعد حوالي نصف متر عن جسد الإنسان أي بامتداد الساعد فقط وهذه الدائرة تسمى (المنطقة الحميمة) التي تحيط بأجسادنا مباشرة لا نسمح بدخولها لغير الأحباب واقرب الأقرباء. وعندما نحتضن من نحب زوجاً أو أما أو ابناً تندمج دائرتانا الحميمتان ونصبح مركزاً في دائرة واحدة تجمعنا، لا تسمح باختراقها إلا لمن نحبهم فقط, وننزعج إذا اقتحم علينا حياتنا أو دوائرنا أشخاص غير مرغوب فيهم وهذه المنطقة هي منطقة المشاعر الفياضة.. وعندما نكره بشدة نحاول اقتحام دائرة الخصم لإلغاء وجوده ونفوذه, مثلما يحدث في المشاجرات والقتال المتلاحم.
في غار حراء لما نزل جبريل عليه السلام بالوحي فزع الرسول ـ صلّى اللهُ عليه وسلّم ـ  فأخذ جبريل  فغطه ( أي ضمه بشدة ) فصار حبيبه الذي يشتاق له ويتألم إذا انقطع عنه .
وجاء في كتاب الإخوان : كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه  يذكر الرجل من إخوانه في بعض الليل ، فيقول : يا طولها من ليلة ، فإذا صلى المكتوبة غدا إليه ، فإذا التقيا عانقه .
الدائرة الثانية :وهي أوسع من الدائرة الأولى وتبعد حوالي متر وربع عن أجسادنا أي بامتداد الذراع بكامله .وهذه الدائرة تحدد إطار الصداقة مع الذين نتعامل معهم من الأصدقاء والجيران وزملاء العمل أو كل من نتعامل معه بشكل غير رسمي.!
في هذه المنطقة أو الدائرة تسمح المسافة بالمصافحة واللمس البعيد والمخاطبة والرؤية الشاملة ، ويستخدم الناس هذه الدائرة ببساطة عندما يكون احد الشخصين في درجة اجتماعية أو وظيفية أعلى بكثير من الآخر ،  أما عندما يقترب الأقل من الأعلى فانه يحرص على إلا يتعدى حدود هذه الدائرة ولا يدخل في المنطقة الشخصية والعكس غير صحيح فالأعلى قد يدخل إلى منطقة الصداقة للأقل منه في درجة علوه مثال على ذلك: عندما يعطي الجندي التمام لضابط في رتبة أعلى نجده يحافظ على هذه المسافة ولا يتخطاها ويمكن ملاحظة اقتراب الأبناء من الاباء للكشف عن إبعاد العلاقة وما اذا كان الأب متسلطا أم ودوداً.
عن البراء قال : لقيت رسول الله ـ صلّى اللهُ عليه وسلّم ـ  فصافحني ، فقلت : يا رسول الله كنت أحسب هذا من زي العجم . قال : ( نحن أحقُّ بالمصافحة منهم : ما من مسلمين التقيا فتصافحا إلا تساقطت ذنوبهما بينهما )
الدائرة الثالثة : وهي أوسع الثلاثة حيث تبعد عن الجسم حوالي أربعة أمتار وهذه الدائرة تمثل المنطقة الاجتماعية التي تشمل من يحيطون بنا في اجتماع صغير  مثلا ونتعامل فيها مع الغرباء.
وخارج الدائرة الثالثة يقع ما يسمى بـ ( المنطقة العامة ) التي يتواجد فيها الناس حولنا في الشارع أو الأسواق بدون أن يثيروا أدنى اهتمام.
لو تأملنا الناس في الأماكن العامة مثل الحدائق وعربات القطار نرى بشكل عملي كيف يحوِّل الناس الحدود الوهمية لتلك الدوائر إلى حدود فعلية باستعمال الحقائب أو الملابس وحتى الصحف يضعونها بجوارهم أو يحيطون أنفسهم بها وكأنها الأسلاك الشائكة الاجتماعية التي تمنع الأغراب من الدخول في المياه الإقليمية أو الحدود التي نرسمها ونحددها لنا تلك ملحوظة تظهر أكثر لدى المرأة.
وإذا حدث أن اقتحم غرباء مناطقنا ودوائرنا الخاصة لأسباب خارجة عن إرادتنا - مثل التواجد بالمصاعد مثلا - في هذه الحالة نحاول إيجاد حواجز وأسلاكا شائكة وذلك بتحاشي التقاء النظرات والصمت والإطراق لأسفل أو النظر لأعلى. وإذا زاد الازدحام قد نضطر لعقد اليدين فوق الصدر أو احتضان الحقائب لصنع الحواجز .

شهادة ضمان لبرّ الأولاد ..!!


ذكر القرآن الكريم نموذجين لولدين ، الأول ابن إبراهيم عليه السلام ، والثاني ابن نوح عليه السلام ،  وذكر لنا القرآن في قصة ابن نوح :
﴿ وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبَالِ وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ يَا بُنَيَّ ارْكَب مَّعَنَا وَلاَ تَكُن مَّعَ الكَافِرِينَ (42) قَالَ سَآوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ المَاءِ قَالَ لاَ عَاصِمَ اليَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلاَّ مَن رَّحِمَ وَحَالَ بَيْنَهُمَا المَوْجُ فَكَانَ مِنَ المُغْرَقِينَ(43) ﴾
 هذا والد يرى الموت يحدق بابنه ، فيخاطبه بلسان الأب الشفوق ، ويدعوه للنجاة بحياته ، ولأن يركب السفينة ، الولد يرى الموج والطوفان ، ورغم ذلك يعق الولد أباه ، ولا يسمع كلامه ، فتكون النتيجة هلاكه مع المغرقين .
ويذكر لنا القرآن الكريم صورة مقابلة ، من خلال قصة إبراهيم عليه السلام مع ولده إسماعيل ، يقول تعالى :
﴿فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي المَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّهُ مِِنَ الصَّابِرِينَ(102) فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ( 103) وَنَادَيْنَاهُ أَن يَا إِبْرَاهِيمُ(104)  قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي المُحْسِنِينَ (105) إِنَّ هَذَا لَهُوَ البَلاءُ المُبِينُ(106) وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ(107)﴾ .
فهذا أب يدعو ابنه للذبح ، فما يكون من الولد إلا أن يستجيب بلا تردد لكلام أبيه ، وينقاد لأمر أبيه  ، ويستسلم لإرادة الله تعالى ، فتكون النتيجة أن الولد نجا من موت محقق .
ذات يوم جلسنا مع إخوان لنا نبحث في علة بر الوالدين ، هل هي مقدار ما قدم الأب للابن ؟ هل هي رحمة الوالد بالابن ؟ هل هي مقدار ما تركه الوالد للابن ؟ هل هي في تعليم الوالد للابن ؟ خلصنا من الاستقصاء أن شرط البر بالوالدين هو الإيمان الصادق ، أولا ، وقبل كل شيء .
روى صاحب موقع " صحف " القصة التالية :
هذه قصة واقعية حدثت منذ خمس سنوات في الرياض عاصمة المملكة السعودية ، ملخصها أن احد الإخوان متزوج ولديه أطفال أكبرهم عمره سبع سنوات ، ويعيش معه والده الطاعن في السن ، وأمام إلحاح زوجته وكلامها المعسول وافق الزوج على وضع والده العجوز  في إحدى غرف المسجد المجاور لمنزلهم ، مبررا ذلك بأن هذا في مصلحة الوالد كي  لا يشق عليه الذهاب والإياب من وإلى البيت بعد كل صلاة في المسجد فالغرفة أقرب ، طرح الرجل المغلوب على أمره الفكرة على والده الذي لم يكن له من خيار سوى الموافقة على مضض ، وفعلا ذهب الرجل إلى السوق ومعه ابنه البكر ليشتري لوالده مسلتزمات الغرفة التي في المسجد من فراش وسرير وخزانة ونحوه ، وكان من عناية الله به أن سأله ابنه الصغير المرافق له عمّا يشتريه ولماذا ؟ فأجابه أن ذلك لجده حيث أنه سوف ينتقل من بيتهم إلى غرفة بجوار المسجد ، فسأله هذا الطفل الصغير ببراءة : ومتى نشتري لك مثل ذلك يا أبي ؟ فنزل السؤال على الأب كالصاعقة ، وزلزل الأرض من تحت قدميه ، وأفاق من غيبوبته ، فأعاد ما اشتراه دون أن ينتظر من صاحب المحل إعادة المال وهرول إلى البيت ، وانكب على يدي والده يقبلهما ويعتذر له .