الاثنين، 4 مارس 2013

أسئلة غبيّـة جوابها صفعة قوية


قيل لبعض الأعراب ، وقد أسلم لما عرف دعوة الرسول ـ صلّى اللهُ عليه وسلّم ـ  :
عن أي شيء أسلمت ؟ وما دلَّك منه على أنه رسول الله ؟
قال الأعرابي : ما أمر بشيء فقال العقل ليته نهى عنه ، ولا نهى عن شيء فقال العقل ليته أمر به ، ولا أحلَّ شيئاً ، فقال العقل ليته حرَّمه ، ولا حرّم شيئا ،  فقال العقل ليته أباحه .
ذهب الشاب المسلم ليدرس في إحدى الدول الاشتراكية قبل نكوصها على عقبيها ، وكان من أهل الصلاة والدين ، وعاد إلى بيته بعد غيبة طالت وقلوب صدأت ، فرح أهله برجوعه فرحة الأهل برجوع الغياب ، ومرت أيام ، ولاحظ الأهل أن الابن تارك للصلاة ،  فاجأ الأمر الوالدين ، وسأل الأب ابنه :
ـ أراك تتكاسل عن الصلاة يا بني  ؟
أجاب الابن : أنا لا أتكاسل عنها ، أنا تركتها يا أبي .
الأب : كيف تتركها ، وقد تعلمتُها منك ؟
الابن : الصراحة يا أبي ، الدين لم يعد يقنعني بعدما تعلمت ، وفهمت الحياة .
الأب : ما الذي لا يقنعك في الدين ؟
الابن : أسئلة كثيرة لا أراك تعرف إجابتها ، أرح نفسك .
ومن لحظته ذهب الأب وأحضر معه شيخ البلد ليرى حال الولد ، ولما حضر الشيخ ، قال له الابن بعناد : أريد أن تجيبني عن ثلاثة أسئلة ؟
قال الشيخ : هاتها يا بني .
فقال الولد : السؤال الأول: ما هو القضاء والقدر؟
والسؤال الثاني: كيف للجن أن يتعذبوا في النار
وقد خلقوا من نار؟
والسؤال الثالث: كيف نعبد الله ونحن لا نراه؟
بعد أن انتهى من أسئلته الثلاثة
، قام الشيخ وصفعه على وجهه بقوه .
 قال له الشاب : لماذا صفعتني ؟
قال له الشيخ
: هذه الصفعة تجيب عن أسئلتك الثلاثة :
جواب السؤال الأول: هل  كنت تعلم أنني سوف أصفعك على وجهك؟
قال الابن : لا لم أكن اعلم .
وقال  الشيخ : هذا هو القضاء والقدر ..
وجواب السؤال الثاني: هل تألمت من اثر الصفعة التي صفعتك إياها
؟
قال
الابن : نعم تألمت .
 قال الشيخ :  هكذا يتعذَّب الجن في النار مثلما أنت تألمت بالصفعة ، وأنا وأنت مخلوقان من طين ..
وجواب السؤال الثالث
: هل أنت ترى الألم الذي تشعر به داخل جسمك ؟
قال الشاب
:  لا أراه, قال هكذا نعبد الله دون أن نراه..
وبعد أن أجابه الشيخ على أسألته قام الشاب يبكي بشد
ة ، ثم تعوذ من الشيطان ، وقام لأداء الصلوات ..

سبحان الذي قدّر فهدى


سأل فرعون بلسان المتحدي :  ﴿قَالَ فَمَن رَّبُّكُمَا يَا مُوسَى ﴾ ؟
فأجاب موسى بوحي من ربه ﴿ قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى﴾ .
ومن عجائب تقدير الله وهدايته ما يدرسه علماء هجرة الطيور ، بداية درسوها بملاحظة العين ثم بوضع حلقات لمراقبة طرق هجرتها واليوم يدرسونها بالأقمار الصناعية وشبكات الرادار .

فهل تعلم ، وهل لك أن تقول سبحان الله الذي قدَّر فهدى ؟

·   هل تعلم أن عدد أنواع الطيور في العالم يصل إلى عشرة آلاف ، ثلث هذه الطيور يهاجر في كل عام في أرجاء الكرة الأرضية في مختلف الاتجاهات والمسافات ومن قارة إلى قارّة ثم تعود إلى موطنها بلا خريطة أو بوصلة  .

·   هل تعلم أن هذه الهجرة فطرة ربانية على شكل غريزة وراثية فالطيور الصغيرة تهاجر بنجاح ودون مساعدة الطيور الكبيرة وكأن خريطة تولد معها .

·    هل تعلم أن هذه الطيور في هجرتها من قارة إلى قارة لا تخطئ طريقها وتستهدي إلى غايتها بالشمس والبحار والأهم من ذلك بالمجال المغناطيسي للأرض .

·    هل تعلم أن الكثير من الطيور تعلم وقت هجرتها وتعد العُدَّة بزيادة وزنها استعدادا للرحلة الطويلة ، وتتجمع في مكان واحد  لتهاجر معا على شكل أسراب .

·   هل تعلم أن هناك طائراً يسمى ( الطنّان ) لا يزيد وزنه على مليغرامين يطير مسافات طويلة لو أراد الإنسان قطعها فعليه أن يستهلك  ما يوازي 13كغم من اللحم المصّنع يوميا وعليه أن يخرج ما مقداره 45 لترا من الماء في الساعة .

·       هل تعلم أن طائر (السنونو ) المعروف يهاجر في نهاية الصيف إلى القطب الجنوبي ويقطع في رحلته مسافة مقدارها 14,500  كم .

·       هل تعلم أن طائرا يسمى ( الدخلة ) وهو من الطيور المغرِّدة يستطيع أن يطير ثلاثة أيام ونصف متواصلة دون أن يلامس الأرض .

·       هل تعلم أن طائر ( الفرقاط ) يستطيع أن يطير بسرعة 200 كم في الساعة .

·   هل تعلم أن معظم الطيور تطير على ارتفاع يقارب 600 م غير أن طائر الإوز الأقرع قد يطير إلى ارتفاع 32 ألف قدم وهو أخطر الطيور على الطائرات .

هل تملك عند قراءة  مثل هذه المعلومات إلا أن تقول سبحان الله فيما خلق ، وسبحان الله فيما قدّر وهدى ، وسبحان الله الذي أحسن كلّ شيء خلقه !!!!

ماذا تعلمت مني ..؟


نقول في اللغة عَلٍِمَ فهو عالم ، وعلَّم فهو معلِّم ، وشتان ما بين الحالين .
لأنا نسأل عن عَلٍم ماذا ، ونسأل عن تعلّم كيف ، فنقول :  علم المسلم أن الصلاة فرض ، وتعلّم المسلم كيف يصلي ، ونقول : علم الرجل أن العسل شفاء ، ونقول تعلّم الرجل كيف يداوي بالعسل ، وكأن عَلِم فعل معرفي ، وعلّم فعل سلوكي ، فلا يكون المعلّم معلما حتى يؤثر في سلوك من يُعلّم ، فالتعليم هو تغيير الأفكار وتغيير السلوك في آن واحد ، لذا كان من سياسة  المعلمين أن يختبروا طلابهم سلوكيا ليقيسوا مدى الفائدة التي تحققت ، وهذا مثال :
روي عن شفيق البلخي ـ رحمه الله ـ أنه قال لحاتم الأصم :
ـ قد صحبتني مدّة ، فماذا تعلّمت منّي ؟
قال تعلمت منك ثماني مسائل :

أما الأولـى : فإني نظرت إلى الخلق ، فإذا كلّ شخص له محبوب ، فإذا وصل إلى القبر فارق محبوبه ، فجعلت حسناتي محبوبي لتكون معي في القبر .

وأما الثانيـة : فإني نظرت إلى قول الله تعالى : ﴿ ونهى النفس عن الهوىفأجهدتها في دفع الهوى حتى استقرت على طاعة الله تعالى .

وأما الثالثـة : فإني رأيت كل من معه شيء له قيمة عنده يحفظه ، ثم نظرت في قول الله سبحانه وتعالى : ﴿ ما عندكم ينفذ وما عند الله باق فكلما وقع معي شيء له قيمة ، وجهته إليه ليبقى لي عنده .
وأما الرابعـة : فإني رأيت الناس يرجعون إلى المال والحسب والشرف ، وليست بشيء فنظرت قول الله تعالى : ﴿ إن أكرمكم عند الله أتقاكم ، فعملت في التقوى لأكون عنده كريما .

وأما الخامسـة : فإني رأيت الناس يتحاسدون ، فنظرت في قوله تعالى : ﴿ نحن قسمنا بينهم معيشتهم فتركت الحسد _ لأنه اعتراض على قسمة الله _.
 
وأما السادسـة : رأيتهم يتعادون ، فنظرت في قول الله تعالى : ﴿إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا فتركت عداوتهم واتخذت الشيطان وحده عدوا .

وأما السابعـة : رأيتهم يذلُّون أنفسهم في طلب الرزق ، فنظرت في قوله تعالى : ﴿ وما من دابَّـة في الأرض إلا على الله رزقها فاشتغلت بما له علي ، وتركت مالي عنده ،  ثقة بوعده .

وأما الثامنـة : رأيتهم متوكلين على تجاراتهم وصنائعهم وصحة أبدانهم ، فتوكلت على الله رب العالمين .

من فقه الأولويات ....!!


عن أبي هريرة رضي الله عنه ، قال  :
 ( قال رسول ـ صلّى اللهُ عليه وسلّم ـ : إن الله عزّ و جلَّ قال : من عادى لي وليا فقد بارزني بالحرب ، و ما تقرب إلي عبدي بشىء أحب إلي مما افترضت عليه ، و ما يزال يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه ، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به ، و بصره الذي يبصر به ، و يده التي يبطش بها ، و رجله التي يمشي بها ، و لئن سألني عبدي أعطيته ، و لئن استعاذني لأعيذنه ، و ما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن نفس المؤمن ، يكره الموت و أكره مساءته ). (رواه البخاري )
هذا حديث جامع نأخذ منه مسألة غاية في الأهمية هي أن الطريق إلى رضا الله ومحبته تبدأ بأداء الفروض ثم النوافل ، وهذا خبر في ذات المعنى :
ذكر الغزالي في الإحياء  :
 جاء رجل يودع بشر بن الحارث ، وقد أراد الحج مرة بعد مرة  ، وقال : عزمت على الحج فتأمرني بشيء ؟
 فقال بشر : كم أعددت للنفقة ؟
فقال الرجل : ألفي درهم .
قال بشر : فأي شيء تبغي بحجك ، تزهدا أو اشتياقا إلى البيت أو ابتغاء مرضاة الله؟؟  قال الرجل : ابتغاء مرضاة الله .
قال بشر : فما قولك لو بلغت مرادك وأنت في منـزلك وتنفق ألفي درهم ، وتكون على يقين من مرضاة الله ، أتفعل ذلك ؟
قال الرجل : نعم !
قال بشر : اذهب فأعطها عشرة أنفس : مديون يقضي دينه ، وفقير يلم تشعثه ، ومُعيل يغني عياله ، ومربي يتيم يُفرحه ، وإن قوي قلبك تعطيها واحدا فافعل ، فإن إدخالك السرور على قلب مسلم ، وإغاثة اللهفان ، وكشف الضر ، وإغاثة الضعيف أفضل من مئة حجة بعد حجة الإسلام ! قم فأخرجها كما أمرناك ، وإلا فقل لنا ما في قلبك ؟
 قال الرجل : يا أبا نصر ، سفري أقوى في قلبي !
 فتبسم بشر ـ رحمه الله ـ وأقبل عليه ،  وقال له : المال إذا جُمع من وسخ التجارات والشبهات اقتضت النفس أن تقضي به وطرا فأظهرت الأعمال الصالحات ، وقد آل الله على نفسه ألا يقبل إلا عمل المتقين . 
تقول داعية من الجزائر في رسالة على الشبكة العالمية عن كتاب الداعية زينب الغزالي ( أيام من حياتي )  :
" .. لقد تأثرت بكتابها كثيرا لما قرأته أول مرة و كنت حينها في المرحلة المتوسطة. و قد كان ممنوعا حينها في الجزائر و حينما طلبته من أحد أقربائي ردَّ قائلا: أتصلِّين الفجر في وقته؟ فأجبت بالنّفي ، فقال: لن أسلّمك الكتاب، فهو ليس للخاملين. حزّ ذلك في نفيسي كثيرا، و استصغرت نفسي و قد كنت حينها في مرحلة بداية الالتزام و عمري 14 سنة، و كان الحجاب نادرا، و قررت أن لا أقرأ الكتاب حتى أحافظ على صلاتي في وقتها، و كان ذلك. و قرأت الكتاب بدموعي و أشجاني و كل مشاعري،  و قررت أن أسير إلى الأمام ، و أن أخرج من الخجل الذي كان يتملكني و يمنعني من المشاركة في الحلقات، لقد غيَّرت كلماتها شخصيتي الصامتة إلى شخصية فاعلة تنظم الحلقات والدروس ،  فجزاها الله خيرا و جمعنا و إياها تحت ظلِّ عرشه.

( سَـوْفَ )..من جنود الشيطان

  
قيل لأحد الصالحين : أوصنا ! فقال : احذروا "سوف " .
وكان الحسن البصري ـ رحمه الله ـ يقول : إياك والتسويف ، فإنك بيومك ولست بغدك ، فإن يكن غدٌ لك فاجتهد فيه ، كما اجتهدتَ في اليوم ، وإن لم يكن الغدُ لك لم تندم على ما فرّط في اليوم .
والمسلم في لحظته بين أمرين :
 إما طاعة يسارع فيها ، قبل أن تفوته ، وإما معصية يبادرها بالتوبة قبل أن يطبع على قلبه ، والشيطان يجنّد جنوده ليحجب المسلم عنهما ، كيف ؟
 بالتسويف والتأجيل والمماطلة ،  لأنه يعلم أن الله تعالى حث على الإسراع في الحالتين :
الأولى : ﴿سارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السموات والأرض .
والثانية : ﴿إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب. والشيطان يزيِّن للنفس التسويف لأن في الأمرين مشقة على النفس فتركن إليه ، فيقف الشيطان بواب سوء أمام الخير ، يقول ابن القيم ـ رحمه الله ـ : كلما جاء طارق الخير صرفه بواب لعلّ وعسى .
هذا التسويف أحد جنود الشيطان في عدم قبول التوبة : ﴿ وليست التوبة للذين يعملون السيئات (النساء:18) فهو تنبيه منه سبحانه على نفي قبول نوع من التوبة، وهي التي تكون عند حضور الموت واليأس من الحياة ﴿ حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن (النساء:18) . فيموت المرء وهو يمني النفس بالتوبة،فيدخل النار، وقد ورد في الأثر : " إن أكثر صياح أهل النار من التسويف " .          
   وهذا التسويف باب من يدخله قد يصل وهو لا يدري إلى مستنقع النفاق  ، ولعل في قصة الثلاثة الذين خُلّفوا  درسا بليغا في عواقب التسويف ، على المسلم أن يفيد منه ، ونستمع لما يرويه أحدهم وهو كعب بن مالك حيث يصف حاله عند غزوة تبوك :
: " فطفقت أغدو لكي أتجهز معهم فأرجع ، ولم أقض شيئا ، فأقول في نفسي : أنا قادر عليه . فلم يزل يتمادى بي حتى اشتد بالناس الجدُّ ، فأصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون معه ، ولم أقض من جهازي شيئا ، فقلت : أتجهز بعده بيوم أو يومين ثم ألحقهم فغدوت بعد أن فصلوا لأتجهز فرجعت ولم أقض شيئا ، ثم غدوت ، ثم رجعت ولم أقض شيئا ، فلم يزل بي حتى أسرعوا ، وتفارط الغزو ، وهممت أن أرتحل فأدركهم ، وليتني فعلت ، فلم يقدر لي ذلك ، فكنت إذا خرجت في الناس بعد خروج رسول الله صلى الله عليه وسلم فطفت فيهم أحزنني أنِّي لا أرى إلا رجلا مغموسا عليه النفاق ، أو رجلا ممن عذر الله من الضعفاء.
سمعت معلما يسأل تلاميذه :
ـ إذا كان الإنسان يركب السيارة ليصل إلى غايته برّا ، ويركب السفينة ليصل غايته بحرا ، ويركب الطائرة ليصل غايته جوا ، أتدرون ما يركب المنافق ليصل إلى جهنم جرّا  والعياذ بالله ؟
حار التلاميذ في الجواب ، فأسعفهم المعلم بالقول : إنه يركب " سوف " .
وأخذ يشرح لهم مخاطر التسويف .

من القبعة إلى الحجاب ..!!

 في مساء الجمعة 5/8/2005م ، وقف أحد الشعراء في سرادق عزائها في القاهرة يرثيها بكلمات حرّكت قلوب المعزين  :  
بكيْتُ، وقلبي في الأسى يتقلبُ
وقال: أتبكي والقضاءُ محتمٌفقلتُ : تعـالى اللهُ ، فالحزنُ سـاعرٌ

فجاء رفيقي مُفزعًا، وهو يَعتبُ
وليس لنا من قبضةِ الموتِ مَهربً؟
قـويٌّ  ، عَتيٌّ ، والفقيــدةُ زينبُ
إنها الداعية الكبيرة والمجاهدة الصابرة زينب الغزالي ـ رحمها الله ـ ، التي لقيت ربها مساء الأربعاء 3/8/2005م ،  لقيت ربها قابضة على جمر دينها رغم المحن والفتن رحمها الله .
 كان والدها أحد علماء الأزهر ويناديها نُسيْبة ، تيمنا بنسيبة المازنية التي تزينت باثني عشر وساما ما بين طعنة وضربة سيف تلقتها يوم أحد حين ثبتت مع النبي ـ صلّى اللهُ عليه وسلّم ـ في ساعة تراجع من حوله الناس،  وكأن الوالد يؤهلها لما تخبئه لها الأيام فيصنع لها سيفا من خشب، ويخط لها دائرة على الأرض بالطباشير، ويقول لها قفي واضربي أعداء رسول الله.. فكانت تقف وسط الدائرة.. تضرب يمينا وشمالا.. من الأمام والخلف.. ثم يسألها كم قتلت من أعداء رسول الله وأعداء الإسلام؟.. فتجيب المجاهدة الصغيرة: واحدا.. فيقول لها اضربي ثانية.. فتسدد الصغيرة طعناتها في الهواء وهي تقول: اثنين.. ثلاثة.. أربعة..!!!
وخرجت ذات يوم من منزلها بحي شبرا وعمرها اثنا عشر عاما وراحت تتجوَّل في الشوارع، فوقعت عيناها على مدرسة خاصة بالبنات فطرقت بابها، وعندما سألها البوَّاب عن غرضها، قالت له: جئت لمقابلة مدير المدرسة فسألها: لماذا؟ فقالت وهي واثقة من نفسها: أنا السيدة زينب الغزالي الشهيرة بنسيبة بنت كعب المازنية.. ولدي موعد معه.. فأدخلها البواب وهو يتعجب من طريقة هذه الفتاة الصغيرة!!!.وقبلها في مدرسته وأظهرت تفوقا ونبوغا . 
بعد حصولها على الثانوية طالعَتْ في إحدى الصحف أن " الاتحاد النسائي" الذي ترأسه هدى شعراوي ( وهي أول امرأة خلعت الحجاب في مصر وأسست الاتحاد النسائي ) يُنَظِّم بعثة إلى فرنسا تتكون من ثلاث طالبات، فتوجهت من فورها إلى مقر الاتحاد والتقت هدى شعراوي التي تعاطفت معها وعلى الفور سجلتها في جمعيتها، وأظهرت ترحيبها بها وسعادتها بصيدها الثمين ، فزينب خطيبة مفوهة تلقت الخطابة والإلقاء عن والدها ـ رحمه الله ـ  وراحت تقدِّمها لروَّاد الجمعية وتطلب منها أن تخطب فيهن ، وكانت ترى فيها خليفتها للاتحاد النسائي ، وسرعان ما وجدت زينب اسمها على رأس البعثة التي تمنتها ، لكن الله أراد لها غير ذلك.
بعد شهر من إعلان البعثة تحدد موعد سفر أعضائها، كانت الأحلام السعيدة تداعب قلب زينب وعقلها المتدفق حيوية وأملا،  ومن بين تلك الأحلام كان الحلم الأكثر تميزا وتأثيرا ، يوم رأت والدها في منامها يطلب منها عدم السفر إلى فرنسا ويقول لها: إن الله سيعوضك في مصر خيرا مما ستجنينه من البعثة،  فقالت له: كيف؟ قال: سترين ، ولكن لا تسافري لأنني لست راضيا عن سفرك ، وكأن روح الوالد الحنون تتسلل من عالمها الغيبي لتحنو على القلب الصغير الغرير، تنير له الدرب، وتجنبه عثرات الطريق ، بعض الآباء يواصلون رعايتهم لأبنائهم حتى بعد وفاتهم ، ويرسلون نصائحهم وتوصياتهم من قبورهم البعيدة .
وسرعان ما عملت الرؤيا مفعولها ، فاعتذرت زينب عن  الذهاب للرحلة،  وحل الذهول بهدى شعراوي التي كانت زينب أملا من آمالها ، وتعدها لتكون إحدى العضوات البارزات في جمعيتها .
وتعرضت زينب بعد ذلك لحادث شكل نقطة التحول في حياتها ، فقد انفجر موقد الغاز بها وهي تعد الطعام بمنزلها، وطالت النار كل جسدها ، فلزمت فراشها  وتردد عليها الطبيب لعلاجها في منزلها دون أن يبشِّر ببادرة أمل في الشفاء ، وكانت صحتها تسوء يوما بعد يوم ، حتى إنها سمعت صوت أخيها يهمس للأهل في القرية بأن الطبيب أعلمهم أنها ستموت، وكان يحرص ألا تسمعه زينب التي أقبلت على العبادة والتضرع إلى الله والتأهب للقائه ، فكانت تتيمم وتصلي لله: يا رب إذا كان ما وقع لي عقابا لانضمامي لجماعة هدى شعراوي فإنني قررت الاستقامة لوجهك الكريم، وإن كان غضبك علي لأنني ارتديت القبعة فسأنزعها وسأرتدي حجابي.. وإني أعاهدك وأبايعك يا ربي إذا عاد جسمي كما كان عليه فسأقدم استقالتي من الاتحاد النسائي، وأؤسس جماعة لنشر الدعوة الإسلامية، وأدعو المسلمات إلى ما كانت عليه الصحابيات، وأعمل من أجل الدعوة وأجاهد في سبيلها ما استطعت..
وكان ما شاء الله فبرئت بإذن الله تعالى ، وأوفت بعهدها مع الله ، فأسست عام 1937 جمعية السيدات المسلمات ، ومارست من خلالها نشاطاتها ، وفي عام 1965 دخلت السجن لأنها رفضت مصافحة جمال عبد الناصر يوم قالت لرسوله : أنا لا أصافح يدا تلطخت بدم الشهيد عبد القادر عودة ، وخلال سجنها أجبروا زوجها على طلاقها ، وأُرسلت لها الورقة في السجن ، الذي لاقت فيه صنوف التعذيب والإذلال وظلت صابرة محتسبة ، وخرجت بعد ثماني سنوات ، وواصلت طريقها ، فساعدت بالمعونات الجهاد في أفغانستان والتقت الشيخ عبد الله عزام ، وأصدرت عدّة مؤلفات منها كتاب " نظرات في القرآن " وكتاب تشرح فيه أيام سجنها سمته " أيام من حياتي " . رحم الله الداعية المجاهدة زينب الغزالي وجعلها قدوة لبنات المسلمين .