الجمعة، 16 سبتمبر 2011

تصدق الآباء وبخل الابناء ..

تصدق الآباء وبخل الأبناء
قال الله تعالى في محكم تنزيله :
[الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ثُمَّ لاَ يُتْبِعُونَ مَا أَنفَقُواُ مَنّاً وَلاَ أَذًى لَّهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ] { البقرة : 262}
عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ليس لنا مثل السوء العائد في هبته كالكلب يعود في قيئه " .
هذه قصة من كتاب (موسوعة غرائب القصص )  لمؤلفه : أحمد سالم بادويلان وهي بعنوان ( الصدقة لا تموت ) ، جاءت على لسان رجل يكنى ابن جدعان ، ويقول  هذه القصة حدثت منذ أكثر من مائة سنة تقريبا ، فهي واقعية ... يقول ابن جدعان  :
خرجت في فصل الربيع ، وإذا بي أرى إبلي سمانا يكاد أن يفجر الربيع الحليب من أثدائها ، كلما اقترب ابن لناقة من أمه درت وانفجر الحليب منها من كثرة البركة والخير ، فنظرت إلى ناقة من نوقي وابنها من خلفها ، وتذكرت جارا لي له بنيات سبع ، فقير الحال ، فقلت والله لأتصدقنَّ بهذه الناقة وولدها لجاري ، و الله يقول [ لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّىٰ تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ ۚ ] { آل عمران : 92 } . وأحب مالي إليَ هذه الناقة .
 يقول أخذت هذه الناقة وابنها ، وطرقت الباب على جاري ، وقلت خذها هدية مني لك،  فرأيت الفرح  في وجهه لا يدري ماذا يقول .  فكان يشرب من لبنها ، ويحتطب على ظهرها ، وينتظر وليدها يكبر ليبيعه،  وجاءه منها خير عظيم .
فلما انتهى الربيع وجاء الصيف بجفافه وقحطه، تشققت الأرض ، وبدأ البدو يرتحلون يبحثون عن الماء والكلأ ، يقول شددنا الرحال نبحث عن الماء في الدحول ، والدحول : هي حفر في الأرض توصل إلى محابس مائية لها فتحات فوق الأرض يعرفها البدو، يقول : فدخلت إلى هذا الدحل لأحضر الماء حتى أ شرب وأولاده الثلاثة خارج الدحل ينتظرون فتهت تحت الدحل ولم أعرف الخروج .
وانتظر أبناؤه يوما ويومين وثلاثة حتى يئسوا، وقالوا : لعل ثعبانا لدغه ومات ، لعله تاه تحت الأرض وهلك ، وكانوا والعياذ بالله ينتظرون هلاكه طمعا في تقسيم المال والحلال ، فذهبوا إلى البيت، وقسموا الميراث فقام أوسطهم وقال: أتذكرون ناقة أبي التي أعطاها لجاره، إن جارنا هذا لا يستحقها، فلنأخذ  عيرا  أجرب فنعطه الجار ، ونسحب منه الناقة وابنها، فذهبوا إلى المسكين وقرعوا عليه الدار،  وقالوا : أخرج الناقة وابنها.. قال : إن أباكم أهداها لي .. أتعشى وأتغذى من لبنها .
 فقالوا : أعد إلينا الناقة خير لك ، وخذ هذا الجمل مكانها وإلا سنسحبها الآن عنوة ، ولن نعطيك بدلا منها شيئا. قال : أشكوكم إلى أبيكم .. قالوا: اشكُ إليه فإنه قد مات .
قال: مات .. كيف مات ؟ ولم لا أدري؟
قالوا: دخل دحل في الصحراء ولم يخرج، قال : اذهبوا بي إلى هذا الدحل ثم خذوا الناقة ، وافعلوا ما  شئتم ولا أريد جملكم ، فلما ذهبوا به ورأى المكان الذي دخل فيه صاحبه الوفي ، ذهب وأحضـر حبلا ثم ربطه خارج الدحل و أشعل شعلة ، ونزل يزحف على قفاه مرة يحبو ومرة يتدحرج ، حتى صار يشم رائحة الرطوبة  تقترب ، وإذا به يسمع أنينا ، وأخذ يزحف ناحية الأنين في الظلام يتلمس الأرض ، ووقعت يده على طين ثم على الرجل ، فوضع يده عليه فإذا هو حي يتنفس بعد أسبوع من الضياع ، فقام وجره وربط عينيه ، ثم أخرجه معه خارج الدحل، وأعطاه التمر وسقاه وحمله على ظهره جاء به إلى داره ، ودبت الحياة في الرجل من جديد ، وأولاده لا يعلمون ، قال : أخبرني بالله عليك كيف بقيت أسبوعا تحت الأرض وأنت لم تمت!؟
قال : سأحدثك حديثا عجيبا ، لما دخلت الدحل ، وتشعبت بي الطرق فقلت آوي إلى الماء الذي وصلت إليه ، وأخذت أشرب منه ، ولكن الجوع لا يرحم ، فالماء  لا يكفي .
يقول : وبعد ثلاثة أيام وقد أخذ الجوع مني كل مأخذ ، وبينما أنا مستلق على قفاي سلمت أمري إلى لله،  إذا بي أحس وكأن لبنا يتدفق على لساني ، فأخذ يأتيني في الظلام كل يوم ثلاث مرات ، ولكن منذ يومين انقطع.. ولا أدري ما سبب انقطاعه ؟ يقول : فقلت له لو تعلم سبب انقطاعه لتعجبت، ظنَّ أولادك أنك مت فجاءوا إليَ فسحبوا الناقة التي أهديتني إياها  .. فجمع أولاده وقال : اخسؤوا ، لقد قسمت مالي نصفين ، نصفه لي ، ونصفه الآخر لجاري .
أصدق الناس لـهجة  ..!!
يقول ربنا عز وجل :
[ومن يُطع الله والرَّسولَ فأولَئِكَ معَ الَّذين أنعَمَ الله عليهِم من النَّبيِّينَ والصِّدِّيقينَ والشُّهداءِ والصَّالِحينَ وحَسُنَ أُولئِكَ رفيقاً۞ ذلك الفضلُ من الله وكفى بالله عليماً ] { النساء: 70 }
عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: ‏‏( إِذَا أَحَبَّ اللَّهُ الْعَبْدَ نَادَى ‏ ‏جِبْرِيلَ ‏ ‏إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ فُلَانًا فَأَحْبِبْهُ فَيُحِبُّهُ ‏ ‏جِبْرِيلُ ‏ ‏فَيُنَادِي ‏ ‏جِبْرِيلُ ‏ ‏فِي أَهْلِ السَّمَاءِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ فُلَانًا فَأَحِبُّوهُ فَيُحِبُّهُ أَهْلُ السَّمَاءِ ثُمَّ يُوضَعُ لَهُ الْقَبُولُ فِي الْأَرْضِ) {صحيح البخاري}
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
هل تعلمون أيها الأخوة ، من أول من حيّا  الرسول ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  ـ  بتحية الإسلام ،
وقال له السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ؟
هو نفسه الصحابي القائل :  " حجوا حجّة لعظائم الأمور ، وصوموا يوما شديد الحرّ ليوم النشور ، وصلوا ركعتين في سوداء الليل لوحشة القبور " .
 إنه الصحابي الجليل  أبو ذر الغفاري ـ رضي الله عنه ـ  ذلك الصحابي الذي كان ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  ـ  يبتدئه  إذا حضر، ويتفقده   إذا غاب .
وهو الذي قال عنه رسول الله ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  ـ  : (  مَا أَظَلَّتِ الْخَضْـرَاءُ وَلاَ أَقَلَّتِ الْغَبْرَاءُ أَصْدَقَ لهجة مِنْ أَبِي ذَرٍّ ) .
فما هي الميزة التي اختص بها أبو ذر من بين الصحابة ليكون أصدق أهل الأرض لهجة ؟؟
أبو ذر كان نموذجا فريدا للموعظة الحية والاعتبار العملي ، فكان أبو  ذر الغفاري ـ رضي الله عنه ـ خير مثال لمن يتعلم  من أخطائه فليزم نفسه بالتقوى ، ومنها تواضعه مع العبيد بعد قصته مع بلال .
كان أبو ذر من أشد الناس تواضعًا، فكان يلبس ثوبًا كثوب خادمه، ويأكل مما يطعمه، فقيل له: يا أبا ذر، لو أخذت ثوبك والثوب الذي على عبدك وجعلتهما ثوبًا واحدًا لك، وكسوت عبدك ثوبًا آخر أقل منه ( جودة وقيمة ) ، ما لامك أحد على ذلك، فأنت سيده، وهو عبد عندك!!
 فقال أبو ذر: إني كنت ساببت (شتمت) بلالاً، وعيّرته بأمه؛ فقلت له: يا ابن السوداء، فشكاني إلى رسول الله ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  ـ  فقال لي النبي ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  ـ  : (يا أبا ذر، أعيرته بأمه؟ إنك امرؤ فيك جاهلية، فوضعت رأسي على الأرض، وقلت لبلال: ضع قدمك على رقبتي حتى يغفر الله لي، فقال لي بلال: إني سامحتك غفر الله لك، وقال ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  ـ  : إخوانكم خولكم (عبيدكم )، جعلهم الله تحت أيديكم ، فمن كان أخوه تحت يده فليطعمه مما يأكل ، وليلبسه مما يلبس، ولا تكلفوهم ما يغلبهم ، فإن كلفتموهم فأعينوهم )   .. فاخذ أبو ذر العبرة ولزم التواضع للعبيد طوال حياته ..
فعندما ذهب أبو ذر إلى الرَّبذة وجد أميرها غلامًا أسود عيَّنه عثمان بن عفان -رضي الله عنه- ولما أقيمت الصلاة، قال الغلام لأبي ذر: تقدم يا أبا ذر، وتراجع الغلام إلى الخلف. فقال أبو ذر: بل تقدم أنت، فإن رسول الله ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  ـ  أمرني أن أسمع وأطيع وإن كان عبدًا أسود. فتقدم الغلام وصلى أبو ذر خلفه.
وكان يدافع عن الفقراء، ويطلب من الأغنياء أن يعطوهم حقهم من الزكاة؛ لذلك سُمي بمحامي الفقراء عند المعاصرين .
وظل أبو ذر مقيمًا في الرَّبَذَة هو وزوجته وغلامه حتى مرضَ مرض الموت فأخذت زوجته تبكي، فقال لها: ما يبكيك؟ فقالت: ومالي لا أبكي،  وأنت تموت بصحراء من الأرض، وليس عندي ثوب أكفنك فيه، ولا أستطيع القيام بجهازك.
 فقال أبو ذر يخاطب زوجه وغلامه : إذا مت، فاغسلاني وكفناني، وضعاني على الطريق، فأول ركب يمرون بكما فقولا: هذا أبو ذر. فلما مات فعلا ما أمر به، فمرَّ بهم عبد الله بن مسعود مع جماعة من أهل الكوفة، فقال: ما هذا ؟ قيل: جنازة أبي ذر، فبكى ابن مسعود، وقال: "صدق رسول الله ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  ـ  : ( يرحم الله أبا ذر ، يمشى وحده ،  ويموت وحده، ويبعث وحده)  فصلى عليه، ودفنه بنفسه وكان ذلك سنة (31هـ) .

الخميس، 15 سبتمبر 2011

قبر في السماء

قبــر في الســماء ... !! 

جاء في سورة الحج :
[ إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ * أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ * الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ]
وورد عن  عبد الله بن عباس :   أنه ركب خلف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوما ، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " يا غلام ، إني معلمك كلمات :" احفظ الله يحفظك ، احفظ الله تجده تجاهك ، وإذا سألت فاسأل الله ، وإذا استعنت فاستعن بالله ، واعلم أن الأمة لو اجتمعوا على أن ينفعوك ، لم ينفعوك إلا بشيء كتبه الله لك ، ولو اجتمعوا على أن يضروك ، لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك ، رفعت الأقلام ، وجفت الصحف. "رواه الترمذي ، وقال : حسن صحيح .
عامر بن فهيرة راعي غنم بسيط ، أسلم قبل أن يدخل رسول الله ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ  دار الأرقم ، وهو يومئذ مملوك ، وعُذب في الله تعالى،  فاشتراه أبو بكر ـ رضي الله عنه ـ  وأعتقه.
ولما خرج رسول الله ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ  وأبو بكر  ـ رضي الله عنه ـ  مهاجرَين ، قام بتشكيل جهاز تشويش وتمويه على الكفار فكان عامر يرعى في مكة ، حتى إذا أمسى اتبع أثر عبد الله بن أبي بكر مراسل النبي وأبيه  بالغنم لتبديد الآثار لئلا يتعرف عليها المشـركون .
وعندما سار النبي ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ  وأبو بكر ـ رضي الله عنه ـ  من الغار هاجر معهما ، فحمله أبو بكر خلفه على البعير    .
ولما لحق سراقة بن مالك  بالركب المبارك ، وحدث ما حدث ، وتيقن سراقة من أمر نبوة رسول الله ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ  ، وطلب كتاب أمن ، حينئذ أمر النبي ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ  عامر بن فهيرة أن يكتب هذا الكتاب لسـراقة ، فكتب ، إذ كان عامر كاتبا قارئا ، فرجع سراقة  آخر النهار يعمّي عن رسول الله ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ   ويضلل الطلب ، بعد أن كان يطلبه بنفسه طمعا في جائزة قريش ،  مئة ناقة ، بمقياس اليوم مئة سيارة .. 
بعد معركة أحد ، تجرأت القبائل العربية على المسلمين ، وقتلت العديدّ منهم عبر عددٍ من عمليات الاستدراج إلى داخل البادية، حيث كان الرسول ^  يرغب في متابعة تبليغ الرسالة بين هذه القبائل، وأهمها حادثتي بئر معونة وبئر الرجيع .
وفي حادثة بئر معونة في السنة الرابعة للهجرة ،  قدم إلى المدينة   عامر بن مالك والملقب بـ ( ملاعب الأسنة ) فعرض عليه الرسول ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ  الإسلام ، فلم يُسلم ، ثم قال : يا محمد ، لو بعثت رجالا من أصحابك إلى أهل نجد رجوت أن يستجيبوا لك ، وأنا لهم جار .  وقد كان رجلا مسموع الكلمة في قومه بني عامر .
 فبعث الرسول ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ  وفدا برئاسة المنذر بن عمرو الخزرجي ـ رضي الله عنه ـ  في سبعين رجلا من خيار المسلمين كانوا يسمونهم القراء  فيهم عامر بن فهيرة  وحرام بن ملحان خال أنس بن مالك رضي الله عنهم.
 وعندما وصل أفراد السـرية إلى بئر معونة من أرض نجد أرسلوا حرام بن ملحان ـ  رضي الله عنه ـ  بكتاب رسول الله ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ  إلى عدو الله عامر بن الطفيل زعيم قبيلة بني عامر ، فقال : أتأمنوني حتى أبلغ رسالة رسول الله ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ  وجعل يحدثهم ، فلم ينظر فيه عامر بن الطفيل ، و أومأ إلى رجل فأتاه من خلفه فطعنه عندها نضح حرام بن ملحان رضي الله عنه بالدم على وجهه و رأسه و قال : الله أكبر .. فزت و رب الكعبة ..
ثم استنفر عدو الله عامر بن الطفيل قبائل من بني سُليم فأجابوه وأحاطوا بالمسلمين، وحملوا عليهم السلاح فقاتلهم المسلمون ، فاستشهد جميع أفراد السـرية ماعدا اثنين .
فحزن الرسول ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ والمسلمون على ما أصاب أفراد السرية ، وقنت  شهرا يدعو الله على  تلك القبائل.
ولما قدم عامر بن الطفيل المدينة بعد ذلك قال للنبي ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ  :
من رجل يا محمد لما طعنته رُفع إلى السماء ؟ فقال :  هو عامر بن فهيرة .
 وروى ابن المبارك أن عامر بن فهيرة رضي الله عنه التُمس في القتلى يومئذ ففقد فعرفوا  أن الملائكة رفعته أو دفنته .
وكان الذي قتله ذكر أنه لما طعنه سمعه يقول : فزت والله .  قال : فقلت في نفسـي ، ما قوله فزت  فأتيت الضحاك بن سفيان فسألته فقال : بالجنة .  قال : فأسلمت ودعاني إلى ذلك ما رأيت من عامر بن فهيرة..

برتوكول السلام على النساء

القانون البريطاني والقانون القرآني
قال الله تعالى:
 [وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَـى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً]
عن معقل بن يسار رضي الله عنه قال: قال رسول الله ^  : ( لأن يُطعن أحدكم بمخيط من حديد خير له من أن يمس امرأة لا تحل له )  أخرجه الطبراني ورجاله ثقات .
 حضـر مسؤول رفيع المستوى حفل تخريج في إحدى الجامعات الفلسطينية العريقة ، ولاحظ أحد الأساتذة  أن قسما من الطالبات تعتذر عن مصافحة ذلك المسؤول صاحب الظل العالي ، فاغتاظ من هذا التصـرف ، وكتب مقالة في جريدة محلية يهاجم بها هذا السلوك ويصفه بالتخلف والخروج عن اللياقة والاحترام ، خاصة وهو خريج جامعة أجنبية فيها اللياقة تقتضـي لا أن يصافح الرجل المرأة فحسب ،  بل أن يقبلها ، فكيف يفهم أن طالبة تعتذر عن مصافحة رجل في عمر جدها ، وصاحب  منصب رفيع !!
عن عائشة ـ  رضي الله عنها ـ قالت : والله ما أخذ رسول الله ^  النساء قط إلا بما أمره الله تعالى وما مست كف رسول الله ^ كف امرأة قط.
وأما عن مذاهب العلماء في حكم المصافحة بين الجنسين، فالعلماء متفقون على حرمتها   وجمهور العلماء ومنهم المذاهب الأربعة ، بل الثمانية على التحريم دون تفرقة بين إحراج أو غيره.  
وقد رأى البعض جواز المصافحة عند الاضطرار وأمن الفتنة، فقط  إذا بدأ الرجل فمد يده، لكن ليس للمرأة أن تبدأ بذلك.
الشيخ تقي الدين الهلالي يقول معلقا على الموضوع :
" .. أجمع المسلمون من السلف والخلف على أن لمس المرأة الأجنبية في أي موضع من جسمها حرام ومعصية لله، وقد وقعت لي في ذلك قصة عجيبة في بلاد الهند، كان لي تلميذ وهو الشيخ عبد الباري الزواوي من أهل مسقط  ، كنت رئيسا لأساتذة الأدب العربي في ندوة العلماء بالهند، فقال لي: إن أخي يسكن مدينة كراتشي وهو من التجار الكبار، فأرجو منك إذا مررت بكراتشـي أن تنزل عنده، ولا تنزل في أحد الفنادق وأعطاني عنوانه، فبحثت عنه فوجدته، ورأيته محافظا على الصلاة في أوقاتها فسـرني ذلك، ثم ركبنا السيارة وسار بنا إلى بيته، وإذا هو قصر عظيم تحيط به حديقة، فجلست في الحديقة على كرسي أقرأ في صحيفة، فشعرت بشـيء وقف أمامي، فرفعت بصـري فإذا الرجل صاحب البيت ، و تقف إلى جنبه امرأة مكشوفة الصدر والعنق والرأس والذراعين والساقين، فمدت إليَّ يدها للمصافحة، فلففت طرف طيلساني ( عباءتي ) على يدي، ومددت يدي إليها، وقبضت يدها فغضبت وانصـرفت، فقال لي بعلها: كيف تهين زوجتي ؟
فقلت: إن كانت هناك إهانة فأنت الذي أهانها. فقال لي: لماذا امتنعت من مصافحتها هل في يدها جرب؟ فقلت له: لا تغالط، إن جسم المرأة كله يحرم لمسه على الأجنبي ، فأخذ يجادلني حتى انقطع .
وللشيخ محمد راتب النابلسي حُسن تخلُّص لطيف في المسألة ، حيث قال :
مرة في أمريكا في أثناء إلقاء درس جاءتني رسالة من أخت، أنها طبيبة في مستشفى، وهي تقع في حرج شديد حينما يمد أحد الأطباء يده ليصافحها فتمتنع بحكم أنها ملتزمة، فتقع في حرج، فسألتني: ما الحل؟  قلت لها وقتها: إن الملِكة إليزابيث لا يصافحها في مجتمعها إلا سبعة رجال، لعلو مقامها في مجتمعها بحسب القانون البريطاني، والمرأة المسلمة ملكة أيضاً لا يصافحها إلا سبعة رجال من محارمها ( أبوها - أخوها - ابنها - ابن أخوها - ابن أختها ـ ابنها بالرضاع - ابن زوجها ) لعلو مقامها في مجتمعها بحكم القانون القرآني.

عاشق الصلاة

عاشق الصلاة .... !!

يقول الله تعالى في بيان فضله على خيرة عباده :
[وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ] {الأنبياء: 73}.
قال رَّسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((حُبِّب إليَّ من دنياكم الطيب والنساء، وجعلت قرَّة عيني في الصلاة))؛ رواه الترمذي.
نسمع كثيرا عن أنواع شتى من العشاق ، ولكن هل سمعتم عن عاشق الصلاة ؟
أنقل لكم ترجمة عن حياة عاشق الصلاة فتأملوا وتدبروا رحمكم الله .. 
إنَّهُ الإِمَامُ، القُدْوَةُ، شَيْخُ الإِسْلاَمِ، أَبُو مُحَمَّدٍ البُنَانِيُّ، البِصْـرِيُّ. وُلِدَ: فِي خِلاَفَةِ مُعَاوِيَةَ، لازمَ أنَسَ بنَ مَالكٍ خَادِمَ رَسولِ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ عَشـر َسنواتٍ بالمدِينَةِ، كانَ عَابِدًا تَقيًا عَالِمًا، مِنْ عُلَمَاءِ الحديثِ.
قَالَ أَنَسُ بنُ مَالِكٍ يَوْماً: إِنَّ لِلْخَيْرِ مَفَاتِيْحَ، وَإِنَّ ثَابِتاً مِنْ مَفَاتِيْحِ الخَيْرِ.
وعَنْ بَكْرٍ المُزَنِيِّ: مَنْ أَرَادَ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى أَعْبَدِ أَهْلِ زَمَانِهِ، فَلْيَنْظُرْ إِلَى ثَابِتٍ البُنَانِيِّ، فَمَا أَدْرَكْنَا الَّذِي هُوَ أَعَبْدُ مِنْهُ، وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى أَحْفَظِ أَهْلِ زَمَانِهِ، فَلْيَنْظُرْ إِلَى قَتَادَةَ.
وَعَنِ ابْنِ أَبِي رَزِيْنٍ، أَنَّ ثَابِتاً قَالَ: كَابَدْتُ الصَّلاَةَ عِشْـرِيْنَ سَنَةً، وَتَنَعَّمْتُ بِهَا عِشْـرِيْنَ سَنَةً. وعَنْ حَمَّادِ بنِ سَلَمَةَ قَالَ: كَانَ ثَابِتٌ يَقُوْلُ: اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ أَعْطَيْتَ أَحَداً الصَّلاَةَ فِي قَبْرِهِ، فَأَعْطِنِي الصَّلاَةَ فِي قَبْرِي.
كانَ مِنَ الناسِ المُؤْمِنِينَ الأتْقِيَاءَ بَعْدَما تُوفيَ، شاهدَهُ النَّاسُ يَقَظَةً يُصَلّي وهوَ في قَبْرِهِ، يَقَظَةً ليْسَ مَنَامًا، اللهُ تَعَالَى حَقَّقَ لَهُ دَعْوتَهُ.
فَيُقَالُ:إِنَّ هَذِهِ الدَّعْوَةَ اسْتُجِيْبَتْ لَهُ، وَإِنَّهُ رُئِيَ بَعْدَ مَوْتِهِ يُصَلِّي فِي قَبْرِهِ.
حَدَّثَ مُحَمَّدُ بنُ سِنَانٍ القَزَّاز،عَنْ شَيبانَ عَنْ أَبيْهِ قَالَ:أ َنَا واللهِ الذي لاإِلَه إلا هُو، أَدْخَلْتُ ثَابِتاً البُّنانيَّ لَحْدَهُ وَمَعِي رَجُلٌ، قالَ فَلَمَّا سَوَّيْنَا عَلَيْهِ الَّلبِنَ سَقَطَتْ لَبِنَةٌ فَإِذَا أَنَا بِهِ يُصَلِّي في قَبْرِهِ، فَقُلْتُ لِلَّذِي مَعِي أَلا تَرَى؟ قالَ: اسْكُتْ، فَلَمَّا سَوَّيْنَا عَلَيْهِ، وَفَرَغْنَا، أَتَيْنَا ابْنَتَه فَقُلْنا لَهَا مَا كَانَ عَمَلُ أَبِيْكِ ثَابِتٌ؟ فَقَالَتْ: وَمَا رَأَيْتُمْ؟
فَأَخْبَرْنَاهَا فَقَالَتْ: كانَ يَقُومُ الَّليْلَ خَمْسِينَ سَنَة فَإِذَا كانَ السَّحَرُ قَالَ في دُعَائِهِ: اللهُمَّ إِنْ كُنْتَ أَعْطَيْتَ أَحَدًا مِنْ خَلْقِكَ الصَّلاةَ فِي قَبْرِهِ فَأَعْطِنِيْهَا. فَمَا كَانَ اللهُ لِيَرُدَّ ذَلِكَ الدُّعَاء.
 وَقَالَ حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ: قَرَأَ ثَابِتٌ:  [أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلاً} [الكَهْفُ: 37} وَهُوَ يُصَلِّي صَلاَةَ اللَّيْلِ يَنْتَحِبُ وَيُرَدِّدُهَا.
وَأخبَرَ  ّثابتُ البنانيّ عَنْ رَجِلٍ مِنَ العُبْادِ أنَّهُ قالَ يومًا لإخْوَانِهِ :  إنِّي أعْلَمُ مَتى يَذْكرُني رَبِّي عزَّ وجلَّ ؟ قال: فّفّزِعوا منْ ذلكَ فَقَالوُا  : تَعْلمُ حينَ يَذْكُركَ ربُّك ؟ قاَل : نعم.  قالوا:  متى ؟ قال: إذا ذكرتُهُ ذكرنيْ.  قال: وإنِّي لأعلمُ حين يَستجيبُ لي ربيْ عزّ وجلّ  . فعجِبُوا من ذلك . فقال:أذا وَجِلَ قلبي واقشعر جلدي،  وفاضت عيني، وفُتِحَ لي في الدُّعاء أعلمُ أنْ قدْ استجيبَ لي .   
وقَدْ سُمِعَ ثابتٌ البُنانيُّ يقولُ: الليلُ والنَّهارُ أَرْبَع وعشـرونَ ساعةً لَيْسَ فِيها سَاعَةً تَأْتِي عَلَى ذِي رُوْحٍ إلاَّ وَمَلَكُ المَوْتِ عَلَيْها قَائِمٌ فَإِنْ أُمِرَ بِقَبْضِهَا قَبَضَها وإلاَّ ذَهَبَ .
وَقَالَ مُبَارَكُ بنُ فَضَالَةَ: دَخَلْتُ عَلَى ثَابِتٍ، فَقَالَ: يَا إِخْوَتَاهُ، لَمْ أَقْدِرْ أَنْ أُصَلِّيَ البَارِحَةَ كَمَا كُنْتُ أُصَلِّي، وَلَمْ أَقْدِرْ أَنْ أَصُوْمَ، وَلاَ أَنْزِلَ إِلَى أَصْحَابِي فَأَذْكُرَ مَعَهُم، اللَّهُمَّ إِذْ حَبَسْتَنِي عَنْ ذَلِكَ، فَلاَ تَدَعْنِي فِي الدُّنْيَا سَاعَةً. فمات من وقته رحمه الله.
وَعَنْ مُحَمَّدِ بنِ ثَابِتٍ قَالَ: مَاتَ ثَابِتٌ سَنَةَ سَبْعٍ وَعِشْـرِيْنَ وَمائَةٍ، وَهُوَ ابْنُ سِتٍّ وَثَمَانِيْنَ سَنَةً. رضي الله عنه وأرضاه ..