الأحد، 15 يوليو 2012

بصر العيون وبصيرة القلوب..



   

قد يُخسف القمر فيكون إنسان في بيته لا يدري أن القمر خسف ..
ويكون إنسان يلعب الورق في الخارج ، فينظر إلى القمر وقد خسف ، فيقول لأصحابه: انظروا إلى القمر قد خسف ثم يكمل لعبته ...
وقد يأتي إنسان في غرفته عاكف على محرَّم، فَيُقدَر له أن يفتح النافذة فيرى القمر، وقد خسف فينظر إليه فيتعجب ، وكل الذي يصنعه يغلق النافذة ..
ويراه إنسان يحب البحث العلمي فيأخذ كاميرته ويصوِّر، ويراه إنسان يحب المسائل الحسابية فيدوِّن الزمان ويحسب متى يكون الخسوف الآخر ..
 ويراه مؤمن - جعلنا الله وإياكم من أهل الإيمان - فيعلم أنها آية يخوف الله جل وعلا بها عباده ويفزع إلى المسجد إن كان قريبا منه أو إلى مصلاه في بيته فيصلي كما فزع النبي -^ -   إلى مصلاه إلى مسجده ، لما كُسفت الشمس خرج  -^ - يجر رداءه حتى أنه أخطأ -^ -  من عجلته في الإزار والرداء فلبس الأول مكان الثاني ، ثم خرج يجر رداءه صلوات الله وسلامه عليه ، وهو يعلم يقينا أن الأرض لن تُهلك وهو حي لأن الله جل وعلا جعله أمّنة للأمة  } وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ{  ومع ذلك لما رأى تلك الآية صلوات الله وسلامه عليه خرج فازعا إلى الصلاة، والمقصود: الله يقول هنا عن مشركي قريش  : } وَنُخَوِّفُهُمْ فَمَا يَزِيدُهُمْ إِلاَّ طُغْيَاناً كَبِيراً {
ويعلق الشيخ  صالح المغماسي في تأملاته : الله جل جلاله يخوف بكل شيء ، والناس يرون الأمور فيختلفون فيها ويختلف الناس في هذا الأمر،  وجبار القلب من لم يعرف الله.
 يسمع المواعظ يُقرأ عليه القرآن يذكر بالله يرى الشمس تُكسف ، والقمر يُخسف ، يرى الزلازل يرى البراكين ، يرى الفيضانات ، ولا يتغير في قلبه شيء بل يزيده طغيانا يخرج منها إلى معصية أكبر ، وهذا الفرق ما بين من وهب قلبه لله ومن وهب قلبه لغير الله .

أصل العدل منع الحاكم



   

خرج سيدنا عمر بن الخطاب حين كان أميراً للمؤمنين إلى السوق يوما كعادته لتفقد أحوال رعيته فرأى إبلاً سماناً تمتاز عن بقية الإبل بنموها وامتلائها. فسأل : إبل من هذه ؟قالوا: إبل عبد الله بن عمر يا أمير المؤمنين.

فانتفض سيدنا عمر كأنه لدغُ من حية ، وقال: أرسلوا في طلب عبد الله بن عمر.

فلما جاءه عبد الله سأله : لمن هذه الإبل يا عبد الله ؟

فأجاب عبد الله : إنها إبلي اشتريتها بمالى ، وأرسلتها إلى المرعى لترعى لأتجر فيها كما يتجر المسلمون. رد سيدنا عمر فى تهكم شديد: ويقول الناس حين يرونها ارعوا إبل ابن أمير المؤمنين، اسقوا إبل ابن أمير المؤمنين ، تسمن إبلك ويزيد ربحك يا ابن أمير المؤمنين!!

ثم قال له : يا عبد الله ، خذ رأس مالك الذى دفعته فى هذه الإبل ، واجعل الربح فى بيت مال المسلمين .

وذكر صاحب العقد الفريد أن عمر بلغه أن أموال عامله على مصـر (عمرو بن العاص) قد كثرت، وكان عمر يُرسل الجواسيس على الولاة للتأكد من أدائهم ضمن جهاز مؤسسـي مُحكَم فكتب إليه: (بلغني أنه قد فشت لك فاشيه من إبل وبقر وغنم وخيل وعبيد، وظهر لك من المال ما لم يكن في رزقك، ولا كان لك  مال قبل أن استعملك فمن أين لك هذا !! وقد كان عندي من المهاجرين الأولين من هو خير منك فاكتب لي وعَجِّل)
فكتب إليه عمرو:
(فهمت كتاب أمير المؤمنين.. وأما ما ظهر لي من مال، فإنّا قدمنا بلاداً رخيصة الأسعار كثيرة الغزو، فجعلنا ما أصابنا من الفضول فيها، والله لو كانت خيانتك حلالاً ما خنتك وقد ائتمنتني، فإن لنا أحساباً إذا رجعنا إليها أغنتنا، والله يا أمير المؤمنين ما دققت لك باباً، ولا فتحت لك قفلاً ).
فكتب إليه عمر:
(إني لست من تسطيرك الكتاب وتشقيقك الكلام في شيء، ولكنكم معشـر الأمراء قعدتم على عيون الأموال، ولن تقدموا عذراً، وإنما تأكلون النار وتتعجّلون العار، وقد وجَّهت إليك محمد بن مسلمه فسلِّم إليه شطر مالك).
فعل هذا عمر -رضي الله عنه- مع العديد من ولاته  الذين اشتغلوا في التجارة ؛ لأن ذلك مظنَّة محاباة الناس لهم ، أما من يعلم منه اختلاساً فله شأن آخر !

رياضيات إسلامية




  
لنا ديننا ولكم دينكم ، لنا قبلتنا ولكم قبلتكم ..
وبعد إضراب الأسرى صار لنا حسابنا ولكم حسابكم ، كيف ؟
لو سأل رجل ألف ناقص تسعمئة ، لكان الجواب سهلا يبقى مئة ، ولكن الرسول -^ -  يعلمنا طريقة أخرى في الحساب ، فيكون ألأف ناقص تسعمئة يساوي تسعمئة ..وهذا ما حدث كما فهمنا  من حديث عائشة أم المؤمنين ـ رضي الله عنها ـ . .
جاء في الحديث عَنْ عَائِشَةَ ذَبَحُوا شَاةً ، قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، مَا بَقِيَ إِلَّا كَتِفُهَا ، قَالَ : " كُلُّهَا قَدْ بَقِيَ إِلَّا كَتِفَهَا " . وتلك المعادلة تجري أيضا في الدنيا .
وتأمل المعادلة الحسابية في القرآن الكريم : } يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ * الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ ْ{{الأنفال : 65 - 66ْ}
في الحساب الدنيوي  بقي كتفها ، وفي الحساب الأخروي كلها بقيت ما عدا الكتف ، وهذا الحساب هو الذي فتح الله به على رائد الإضراب عن الطعام في سجون الاحتلال الشيخ عدنان خضر ، الذي خرج إلى الناس بمعادلة أن واحد زائد واحد ليس شرطا أن يساوي اثنين ، وأثبت ذلك بصيامه الطويل ، وكان حسابهم يقول إن أطول إضراب عن الطعام قاده رجل يدعى بوبي ساندر من الجيش الجمهوري الإيرلندي عام 1981 ، واستمر مدة 66 يوما ، وبعدها قضـى نحبه ، ومات معه عدد من رفاقه ولم يبلغوا مدة إضرابه . وأضرب المسلمون في سجون الاحتلال اضرابا زاد عن تسعين يوما ، وصمدوا وصمدت فيه روح الحياة ، وذلك لأن المعادلة الإسلامية فيها عامل مهم وحاسم وهو نصرة الله لأوليائه ، فإن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون ، وانتصر الأسير الفلسطيني وكسر قيد السجان.

من لطائف الشافعي




     

زيارة المريض تسمى عيادة ، لما يشترط فيها أن تعود على المريض وعلى الزائر بالخير ، وفي اللغة مأخوذة من العَوُد،  وهي الرجوع للشيء مرّة بعد مرّة ، والمرض قد يطول فتتكرر الزيارة.
من يعرف عن أجر زيارة المريض في الإسلام لا يتركها ، ولا يغفل عنها تحت أي ظرف ..
روي عن رسول الله -^ - أنه قال: يعيّر الله عزّ وجل عبداً من عباده يوم القيامة فيقول: " عبدي ما منعك إذا مرضت أن تعودني؟" فيقول: "سبحانك أنت رب العباد لا تألم ولا تمرض"، فيقول: "مرض أخوك المؤمن فلم تعده، وعزّتي وجلالي لو عدته لوجدتني عنده، ثم لتكفلت بحوائجك فقضيتها لك، وذلك من كرامة عبدي المؤمن، وأنا الرحمن الرحيم".
وعنه -^ - قال: " أيما مؤمن عاد مريضاً خاض في الرحمة ، فإذا قعد عنده استنقع فيها فإذا عاده غدوةً صلى عليه سبعون ألف ملك إلى أن يمسي، وإن عاده عشيةً صلى عليه سبعون ألف ملك حتى يصبح " .
وروى مسلم: (حق المسلم على المسلم ست)، قيل: ما هن يا رسول الله؟ قال: (إذا لقيته فسلم عليه، وإذا دعاك فأجبه، وإذا ستنصحك فانصح له، وإذا عطس فحمد الله فشمته، وإذا مرض فعده، وإذا مات فاتبعه).
وقد آخى الإمام الشافعي محمد بن عبد الحكم بمصـر، فمرض وعاده الشافعي، ثم مرض الشافعي فعاده محمدٌ هذا، فأنشد الشافعي رحمه الله:
مرض الحبيب فعدته
 فأتى الحبيب يعودني

فمرضت من حذري عليه
فشفيت من نظـري إليه

فيا لها من مشاعر أخوية ، ترقى بالمسلم قمم مكارم الأخلاق التي بعث الرسول -^ - ليتممها !!

نعمت البنات

  

قال الله تعالى محذرا من فتنة الأهل :
 : } يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُوّاً لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ %  إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ وَاللَّهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ  { { التغابن : 14-15 }
جاء في كتاب سير الأعلام هذه الخبر عن أبي الحسين عاصم بن علي المتوفى عام 221 هـ .
كان عاصم إماما في زمانه حافظا صدوقا حدّث عنه البخاري ، وكان مجلس علمه في ساحة مسجد الرصافة عامرا حاشدا ، ووصف بأنه مجلس خير يَغيظ الكفار ، وكان عاصم ممن ذبَّ عن الدين في المحنة .
يقول محمد بن سويد الطحان أحد أصحاب الشيخ وكبار المحدثين :
كنا عند عاصم بن علي ومعنا أبو عبيد ، وإبراهيم  بن أبي الليث وجماعة ، وأحمد بن حنبل يُضـرب ، فجعل عاصم يقول : ألا رجل يقوم معي ، فنأتي هذا الرجل ، فنكلمه ؟ ( يقصد نذهب للخليفة وننهاه عما يفعل ) فلم  يجيبه أحد.  ثم قال ابن أبي الليث : أنا أقوم معك يا أبا الحسين ، فقال عاصم من لحظته : يا غلام : خُفّي.
هنا تردد  ابن أبي الليث وطلب منه مهلة لكي يودع بناته وقال : يا أبا الحسين أبلغ إلى بناتي ، فأوصيهن. فظننا أنه ذهب يتكفن ويتحنط ، ثم جاء ، فقال : إني ذهبت إليهن ، فبكين . فأحجما عن الذهاب .
 وسمعتْ ابنتا عاصم بما حدث ، وكانتا في مدينة واسط ، فأرسلتا كتابا إليه مفاده :  يا أبانا ، إنه بلغنا أن هذا الرجل أخذ أحمد بن حنبل ، فضربه على أن يقول : القرآن مخلوق ، فاتق الله ، ولا تجبه ، فو الله لأن يأتينا نعيك أحب إلينا من أن يأتينا أنك أجبت .

ثلاث شعرات .. وثلاث شعائر




السلطان سليمان بن عثمان قام بتوزيع مقتنيات الرسول -^ - قبيل انهيار الخلافة الاسلامية على البلدان الإسلامية مثل مصر وسوريا والعراق وفلسطين ، وقد خصصت ثلاثة اماكن في الاراضي الفلسطينية لشعرات الرسول -^ - منها مسجد قبة الصخرة في القدس، ومسجد الجزار في عكا والمسجد الحنبلي بنابلس. وجلبها إلى نابلس الشيخ حيدر طوقان وتسلمها منه الشيخ محمد رفعت تفاحة في احتفال مهيب حضـره كافة اهالي نابلس البالغ عددهم في ذلك الوقت 16 الف نسمة. وخصص المواطنون غرفة لتلك الشعرات وفيها خزنة حديدية بداخلها صندوق حديدي لا تفتح إلابمفاتيح خاصة أُوكلت مهمة حفظها إلى عائلة البيطار بنابلس.
ثلاث شعرات من شعر الرسول محمد  -^ -  وصلت من تركيا إلى نابلس  عام 1914 ، وحدد  يوم السابع والعشـرين من شهر رمضان المبارك من كل عام مناسبة لإخراج هذه الشعرات الثلاث وعرضها على المواطنين.
ويصل إلى مسجد الحنبلي داخل البلدة القديمة بنابلس آلاف المصلين خلال صلاة الظهر والعصر كما جرت العادة عبر عشـرات السنوات لتقبيل الشعرات التي وضعت في زجاجة صغيرة لحفظها مع التهليل وتكبير الله عز وجل والصلاة على رسول الله محمد -^ -  .
تروى كتب السيرة أن الصحابى الجليل أبا هريرة واسمه عبد الرحمن بن صخر الدوسى رضى الله عنه ذهب  إلى أحد الأسواق بالمدينه فوجد الناس مشغولين بالبيع والشراء كل يهمه الكسب،  فنادى على الناس :هلموا ، فتجمع الناس حوله فقال لهم : أنتم هنا وهناك يوزع ميراث رسول الله-^ - فقالوا له : أين ؟ فقال لهم فى المسجد.  فتركه الناس وذهبوا إلى المسجد مسرعين فلم يجدوا شيئاً يوزع، فعادوا اليه قائلين له أتهزأ بنا ياأبا هريرة لم نجد شيئاً يوزع بالمسجد ؟ فقال لهم : ألم تجدوا أحدا بالمسجد ؟ فقالوا : وجدنا قوماً يصلون ، وآخرين  يذكرون الله،  وآخرين يقرأون القرآن . فقال لهم : هذا هو ميراث رسول الله -^ -  .

القبر صندوق العمل !!


القبر صندوق العمل    !!

في يوم من الأيام أستدعى الملك وزراءه الثلاثة ، وطلب منهم أمرا غريبا، طلب من كل وزير أن يأخذ كيسا ويذهب إلى بستان القصر وأن يملأ هذا الكيس من مختلف طيبات الثمار والزروع ،
كما طلب منهم أن لا يستعينوا بأحد في هذه المهمة ، وأن لا يسندونها إلى أحد آخر ، أستغرب الوزراء من طلب الملك ،و أخذ كل واحد منهم كيسه وأنطلق إلى البستان ، فأما الوزير الأول فقد حرص على أن يرضي الملك فجمع من كل الثمرات من أفضل وأجود المحصول، وكان يتخير الطيب والجيد من الثمار حتى ملأ الكيس، أما الوزير الثاني فقد كان مقتنعا بأن الملك لا يريد الثمار ولا يحتاجها لنفسه وأنة لن يتفحص الثمار، فقام بجمع الثمار بكسل و إهمال، فلم يتحرَّ الطيب من الفاسد حتى ملأ الكيس بالثمار كيفما اتفق. أما الوزير الثالث فلم يعتقد أن الملك يسوف يهتم بمحتوى الكيس أصلا فملأ الكيس بالحشائش والأعشاب وأوراق الأشجار.
وفي اليوم التالي أمر الملك أن يؤتى بالوزراء الثلاثة مع الأكياس التي جمعوها ، فلما أجتمع الوزراء بالملك أمر الملك الجنود بأن يأخذوا الوزراء الثلاثة، ويسجنوهم على حدة كل واحد منهم مع الكيس الذي معة لمدة ثلاثة أشهر في سجن بعيد لا يصل إليهم فيه أحد كان، وأن يمنع عنهم الأكل والشراب،
فأما الوزير الأول فضل يأكل من طيبات الثمار التي جمعها حتى أنقضت الأشهر الثلاثة،  
وأما الوزير الثاني فقد عاش الشهور الثلاثة في ضيق وقلة حيلة معتمدا على ماصلح فقط من الثمار التي جمعها، أما الوزير الثالث فقد مات جوعا قبل أن ينقضي الشهر الأول، وهكذا اسأل نفسك من أي نوع أنت ؟ فأنت الأن في بستان الدنيا لك حرية أن تجمع من الأعمال الطيبة أو الأعمال الخبيثة، ولكن غدا عندما يأمر ملك الملوك أن تسجن في قبرك في ذلك السجن الضيق المظلم لوحدك ، ماذا تعتقد سوف ينفعك غير طيبات الأعمال التي جمعتها في حياتك الدنيا
لنقف الآن مع انفسنا ونقرر ماذا سنفعل غداً . قال الحطيئة ..
يا من بدنياه أشتغل
أولم يزل في غفلة
الموت يأتي بغتة

قد غره طول الأمل
حتى دنا منه الأجل
والقبر صندوق العمل

.. من صفات الأبرار !!



من صفات الأبرار  !!

من هم الأبرار ، وما هي أهم أهم صفاتهم التي أوصلتهم لهذه المرتبة العالية عند الله تعالى ؟
يلاحظ المتدبر لآيات الله تعالى أن البرّ  يجمع بين الإحسان في الطاعة والإحسان في نفع الناس، وجَمْعَهُم بين الدافع الإنساني والدافع الإيماني، فبعض الناس قد يُحْسِنُون إلى الناس بدافع الشفقة على الآخرين فقط، لكنَّ الأبرار أضافوا إليه الدافع الإيماني، ونجد ذلك في المواضع الثلاثة التي جاء فيها ذكر البر في القرآن الكريم :
الموضع الأول: في سورة البقرة ، يقول الله تعالى } لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْـرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا {  {البقرة:  189} .
الموضع الثاني : في سورة الإنسان : يقول تعالى } إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُوراً { ، ويذكر صفة الأبرار : } يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْماً كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرا ً{   إلى قوله:} إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ  {   { الإنسان:9}
الموضع الثالث : سورة المطففين ، فالله تعالى عتب على المطففين الذين يكيلون بمكيالين، واحد لهم وآخر للناس، ثم يقول : }  أَلا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ { {المطففين:4} ، في إشارة إلى غياب الدافع الإيماني، والذي بغيابه يصبح الإنسان منطلقًا يعمل ما يشاء ، وكان الحسن البصري يقول في صفة الأبرار: إنهم الذين لا يؤذون الذرّ ، فلا شك أن الذي لا يؤذي الذر لن يؤذي الزوجة ، ولا الجار ، ولا غيره من الناس .
الإنسان أنه إذا أحب امرأة تقرب إليها وخطبها .. ولكن ابن عمر كان يفعل عكس ذلك !!
فكان له جارية يحبها كثيرًا فأعتقها وزوجها لمولاه نافع، وقال: إن الله تعالى يقول: } لَن تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ  {  { آل عمران: 92}،  واشترى مرة بعيرًا فأعجبه لما ركبه فقال: يا نافع أدخله في إبل الصدقة، وأعطاه ابن جعفر في نافع عشرة آلاف فقال أو خيرًا من ذلك؛ هو حُرّ لوجه الله .. ، واشترى مرة خمسة عبيد فقام يصلي فقاموا خلفه يصلون فقال: لمن صليتم هذه الصلاة فقالوا: لله فقال: أنتم أحرار لمن صليتم له فأعتقهم" . فكان إذا أعجبه شيء من ماله يقربه إلى الله عز وجل وكأن عبيده قد عرفوا ذلك منه فربما لزم أحدهم المسجد فإذا رآه ابن عمر على تلك الحال أعتقه فيقال له: إنهم يخدعونك، فيقول: من خدعنا لله انخدعنا له ..