الثلاثاء، 5 مارس 2013

شــتان .. ما بين أهل العدل وأهل البهتان !!


هاتان قصتان ..
الأولى لكلمة طيبة في أرض هي كلمة الصحابي الجليل عبد الله بن سلاّم في اليهود خبيثة، والثانية كلمة طيبة في أرض طيبة، هي كلمة الصحابي الجليل سعد بن معاذ في الأنصار ..
كان عبد الله بن سلام من أشراف اليهود في المدينة، وكان رجلا ذا فضل في قومه، وكان سعد بن معاذ من أشراف الأوس في المدينة، وكلاهما عرف الحق فأسلم، ولكن شتان بين موقف قوم كل رجل ..

روى البخاري عن أنس رضي الله عنه قال :
سَمِعَ عبدُ الله بن سلام بقدوم رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في أرض يخترف ، فأتى النبيَ صلى الله عليه وسلم فقال : إني سائلك عن ثلاث لا يعلمهن إلا نبي :
فما أول أشراط الساعة ؟؟ وما أول طعام أهل الجنة ؟؟ وما ينـزع الولد إلى أبيه أو إلى أمه ؟
قال : أخبرني بهن جبريل آنفا .
قال : جبريل ؟!
قال : نعم .
قال : ذاك عدو اليهود من الملائكة !
فقرأ رسول الله ـ صَلَّى الله ُعَلَيِّهِ وَسَلَّمَ ـ هذه الآية :
{ مَن كَانَ عَدُوًّا لِّجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللّهِ }
ثم قال : أما أولُ أشراط الساعة فنار تحشرُ الناس من المشرق إلى المغرب ، وأما أولُ طعامِ أهل الجنة فزيادة كبدِ حوت ، وإذا سبق ماءُ الرجل ماء المرأة نـزع الولد ، وإذا سبق ماءُ المرأة نزعت .
قال : أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أنك رسول الله ، يا رسول الله إن اليهود قومٌ
ُهْت ، وإنـهم إن يعلموا بإسلامي قبل أن تسألهم يبهتوني .
فجاءت اليهود فقال النبي صلى الله عليه وسلم : أيُّ رجلٍ عبدُ الله فيكم ؟
قالوا : خيرنا وابن خيرنا وسيدنا وابن سيدنا .
قال : أرأيتم إن أسلم عبدُ الله بن سلام ؟
فقالوا : أعاذه الله من ذلك !
فخرج عبد الله فقال : أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله .
فقالوا : شرُّنا وابن شرِّنا وانتقصوه !
قال : فهذا الذي كنت أخاف يا رسول الله .
وأسلم سعد بن معاذ على يد مصعب بن عمير، فلما أسلم وقف على قومه، فقال: يا بني عبد الأشهل، كيف تعلمون أمري فيكم؟
قالوا : سيدنا فضلا، وأيمننا نقيبة.
قال: فإن كلامكم عليَّ حرام، رجالكم ونساؤكم حتى تؤمنوا بالله ورسوله.
فما بقي في دار بني عبد الأشهل رجل ولا امرأة إلا وأسلموا  ... 

الخبيئــــة ....

الخبيئــــة ....

قال رسول الله _صلى الله عليه وسلم _:
(من استطاع منكم أن يكون له خِبْءٌ من عملٍ صالحٍ فليفعل) .
وروى الإمام الذهبي: أن الشيوخ والمعلمين كانوا يستحبون أن يكون للرجل خبيئة من عمل صالح لا تعلم به زوجته ولا غيرها.
فما هي الخبيئة ؟
الخبيئة من العمل الصالح هو العمل الصالح المختبئ يعني المختفي ، إنها العبادة في السر والطاعة في الخفاء, حيث لا يعرفك أحد ولا يعلم بك أحد, غير الله سبحانه, وهي من زاد الصالحين يدعون الله بها إذا ضاقت الأمور ولا فارج لها إلا الله ، كما ورد في الحديث الشريف عن النفر الثلاثة الذين دخلوا الغار، فانحدرت عليهم صخرة وسدت باب الغار، فقالوا : لا ينجيكم من هذه الصخرة إلا أن تدعوا الله بصالح أعمالكم .
فالدعاء كلم طيب، والعمل الصالح يرفعه ..
كانت خبيئة الأول سهر ليلة في برّ الوالدين
وكانت خبيئة الثاني تركه لكبيرة الزنا وهو قادر عليها
أما خبيئة الثالث فكانت حفظ الأمانة مع طول العهد ..
وكان شرط دعائهم : الله إن فعلت ذلك ابتغاء وجهك ففرج عنّا ما نحن فيه . فقد توسل هؤلاء إلى الله تعالى بخبايا أعمالهم .
ولاحظ العلماء أن خبيئات هؤلاء كانت في باب الأخلاق والمعاملات، وذلك لأن المعاملات والأخلاق هي ثمار العقائد والعبادات ، والمرء في العادة يخبئ النفيس الثمين من ثمار عمله وكده.
الخبيئة من العمل الصالح لها كل هذه القيمة عند الله تعالى ...
لأنها دليل صدق الإيمان وإخلاص النية ، فهي محجوبة وممنوعة عن المنافقين والمرائين.
لأنها تعظيم لرب الناس لا تعظيم للناس .
لأنها تنشر في الناس الثقة بالله تعالى، وتزيد في بركة أعمال الخير بين الناس ،
لأنها تحفظ للإنسان مروءته وكرامته، تلك المقاصد النبيلة للشريعة الغراء .

الخبيئة هي زورق النجاة إذا ما هبت العواصف ..
الخبيئة هي العمل الصالح الذي يرفع الكلم الطيب فيرفع الله البلاء ..
الخبيئة هي قرشك الحلال الأبيض المدخر عند الله تعالى ليومك الأسود ..
الخبيئة هي السر الذي بينك وبين الله ..
فهلا اتخذت عند الله خبيئة ترفع لك دعاءك وتفتح لك أبواب الإجابة !!!!

الحماية الشــــاملة .. من الحرب الشـــاملة ..

الحماية الشــــاملة .. من الحرب الشـــاملة ..   

منذ البداية أعلن الشيطان على عباد الرحمن حربا شاملة ،
 في معركة متواصلة ، يستبيح فيها كل الأسلحة..
 وصرّح دون مواربة أو تورية ما أبلغه الله تعالى لعباده في كتابه العزيز :
{ قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ (16)  ثُمَّ لآتِيَنَّهُم مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَآئِلِهِمْ وَلاَ تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ (17)  } [ الأعراف ]

هذه الحرب الشاملة استوجبت عند أهل الإيمان حماية شاملة دائمة ، فنقرأ في مأثور الدعاء عن الرسول_ ‏‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  _ أدعية التأمين الشامل والحماية الشاملة والوقاية العامة، أو الهداية الشاملة في مواجهة جحافل شياطين الإنس والجن ، مثل قوله :
 ( اللهم اجعل في قلبي نورا، وفي بصري نورا، وفي سمعي نورا، وعن يميني نورا، وعن يساري نورا، وفوقي نورا، وتحتي نورا، وأمامي نورا، وخلفي نورا، واجعل لي نورا ).
ومن دعائه عليه الصلاة والسلام :
(اللهم احفظني من بين يدي و من خلفي, و عن يميني و عن شمالي و من فوقى , وأعوذ بعظمتك أن أغتال من تحتي ) .
وورد عنه صلوات الله عليه :
( اللهم احفظني بالإسلام قائما, واحفظني بالإسلام قاعدا, واحفظني بالإسلام راقدا , ولا تشمت بي عدوا حاسدا ) .

تلك وغيرها أدعية نستطيع أن نطلق عليها أدعية الحماية الشاملة والوقاية الدائمة .
ولكن كيف مارسها الصالحون من قبلنا ، وكيف فهموها عمليا ؟؟  
الأحنف بن قيس هو أحد التابعين الصالحين، أعمل قانون الحماية الشاملة في النزاع أو الصراع مع الإخوان ، فوضع قاعدة :  
" ما نازعني أحد إلا أخذت أمري بأمور:
 إن كان فوقي عرفتُ له قدره،
وإن كان دوني رفعت قدري عنه،
وإن كان مثلي تفضلت عليه " .

ومن النماذج الفريدة في تطبيق هذه الحماية الشاملة ، ما جاء في التواضع :
قال رجل لبكر بن عبد الله: علمني التواضع.
قال : إذا رأيت من هو اكبر منك فقل: هذا سبقني إلى الإسلام والعمل الصالح فهو خير مني، وإذا رأيت من هو أصغر منك فقل: سبقته إلى الذنوب والمعاصي فهو خير مني،
وإذا رأيت إخوانك يكرمونك ويعظمونك فقل: هذا فضل أخذوا به،
وإذا رأيت منهم تقصيرا فقل هذا ذنب أحدثته " .

وآخرون طبقوها على العلم : 
قال ابن مهدي ـ رحمه الله ـ: كان الرجل من أهل العلم إذا لقي من هو فوقه في فهو في يوم غنيمته؛ سأله وتعلم منه،
وإذا لقي من هو دونه في العلم، علّمه وتواضع له،
وإذا لقي من هو مثله في العلم ذاكره ودارسه “.

الفهم العميق ، هو حسن التطبيق ..
فما فائدة النور إذا لم يهد حامله إلى الطريق ..
ربنا أتمم لنا نورنا وأدخلنا برحتك في الصالحين .

الحصـــون الخمســــة ....

 

عندما يريد لصا أن يسرق شجرة ، يسرق ثمارها ، فإن لم يكن لها ثمار سرق أغصانها ، فإن لم يكن لها أغصان ، سرق فروعها ، فإن لم يكن لها فروع سرق جذوعها ، فإن لم يجد قلع جذورها ..
ومثله الشيطان عندما يهاجم قلاع الإيمان في النفوس والمجتمعات ..

قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
(   تنقض عرى الإسلام عروة عروة، فكلما نقضت عروة تشبث النَّاس بالتي تليها فأولهن نقضاً الحكم بما أنزل الله وآخرهن الصلاة  )  
 وفي الحديث الآخر:
 ( أول ما تفقدون من دينكم الأمانة وآخره الصلاة ) .
وأول ما يرفع من الصلاة الخشوع ..

نفهم من هذا أن الثمار أول ما يرفع ، فإذا ما سقط حصن هجم الشيطان على الحصن التالي ، ومن جميل ما قال الإمام  الحجاوي ـ رحمه الله ـ :
"  مثل الإيمان كمثل بلدة لها خمس حصون : الأول من ذهب ، والثاني من فضة ، والثالث من حديد ، والرابع من آجر، والخامس من لَبِن  . 
فما زال أهل الحصن متعاهدين حصن اللَّبِن لا يطمع العدو في الثاني ، فإذا أهملوا ذلك طمعوا في الحصن الثاني ثمَّ الثالث، حتى تخرب الحصون كلها .
فكذلك الإيمان في خمس حصون: اليقين، ثم الإخلاص ، ثمّ أداء الفرائض ، ثم السنن، ثم حفظ الآداب ، فما دام المؤمن يحفظ الآداب ويتعاهدها فالشيطان لا يطمع فيه، وإذا ترك الآداب طمع الشيطان في السنن ، ثمّ في الفرائض ، ثم في الإخلاص ثم في اليقين .     

الســـــــائحون و الســــــــائحات


لا تخلو الدعاية السياحية لبلد ما من صور النساء الفاتنات والأطعمة الشهيات ..
فما بالكم بسياحة تدعو للامتناع عن الطعام والنساء ..
تلك سياحة مختلفة ...
قال الله تعالى يعدد  صفات عباده الصالحين :
{ التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدونَ الآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللّهِ وَبَشِّرِالْمُؤْمِنِينَ } (التوبة )
وقال مخاطبا نساء النبي   :
{َعسى رَبُّهُ إِن طَلَّقَكُنَّ أَن يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِّنكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُّؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَارًاِ }  [ التحريم : 5 ]
 قال بن جرير في تفسيره: أما قوله السائحون فإنهم الصائمون ..
وقالت عائشة ـ سياحة هذه الأمة الصيام .
وفي الحديث عن الرسول _ ‏‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ _ أنه قال:
( سياحة أمتي الصوم, ورهبانيتهم الجهاد ) .
وقال الفراء: سُمِّي الصائم سائحاً لأن السائح لا زاد معه.
وقال سفيان بن عيينة:
" إنما قيل للصائم سائح لأنه يترك اللذات كلها من المطعم والمشرب والمنكح " .  
وقال النقاش:
" هم سائحون لأنهم يجولون بأفكارهم في توحيد ربهم وملكوته، وما خلق من العبر والعلامات الدالة على توحيده وتعظيمه " .
هم السائحون بنفوسهم الزكية وأرواحهم الطاهرة في ملكوت الله في الدنيا، فسفر الروح يجمع القلب على الإيمان، وسفر الجسد يشتت القلب في زينة الحياة الدنيا ومباهجها.
تصوم أجسادهم في الدنيا لتفطر نفوسهم في الجنّة ..
قال رسول الله _ ‏‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  _:
( إن في الجنة لغرفاً يرى ظاهرها من باطنها وباطنها من ظاهرها أعدها الله لمن أطعم الطعام وألان الكلام وتابع الصيام وصلى بالليل والناس نيام) إسناده حسن رواه ابن خزيمة في صحيحه .

قال مجاهد { كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَة } نزلت في الصائمين .

وفي الحديث عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال: سمعت رسول الله _ ‏‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  _ يقول :
 ( إن الجنة لتبخر وتزين  من الحول إلى الحول لدخول شهر رمضان، فإذا كانت أول ليلة من شهر رمضان هبت ريحٌ من تحت العرش، يقال لها : المثيرة ، فتصفق أوراق أشجار الجنان، وحلق المصاريع، فيسمع لذلك طنين لم يسمع السامعون أحسن منه، فتبرز الحور العين حتى يقفن بين شرف الجنة، فينادين : هل من خاطب إلى الله فيزوجه؟  ثم يقلن الحور العين:  يا رضوان الجنة ما هذه الليلة؟ فيجبهن : هذه أول ليلة من شهر رمضان ، فتحت أبواب الجنة على الصائمين من أمة محمد صلى الله عليه وسلم )  رواه البهيقي ورواه الإمام أحمد.

يقول ابن رجب عن بعض السلف قال : " بلغنا أنه يوضع للصوام مائدة يأكلون عليها والناس في الحساب، فيقولون: يا رب نحن نحاسب وهم يأكلون، فيقال:  إنهم طالما صاموا وأفطرتم وقاموا ونمتم .

لكم سياحتكم ولنا سياحتنا.......
سياحتكم دنيوية دليلها الشهوة والمتعة، سياحتنا ربانية دليلها السمو والرفعة
سياحتكم النساء والشراب والطعام، وسياحتنا الصيام ، والقيام والاعتكاف . 
فلكم دينكم ولنا دين ..

ســـــنة أولـــى صيــــام ....

ســـــنة أولـــى صيــــام  ....

الصلاة أول مرة في المسجد، كالخطوة الأولى للطفل ..
الصيام أول مرة في رمضان كأول يوم في فطامه ..

الصلاة الأولى كالخطوة الأولى، فيها تردد وخوف، فيها إقدام وإحجام، ولكن فيها لذة تسري في الروح تحملك إلى ضفاف السعادة ..
سعادة تشبه تلك الضحكة البريئة المجلجلة التي يطلقها الطفل وقد خطا خطوته الأولى ..  
هذه أول سنة أصوم فيها رمضان، وهذه أول مرة أصلي فيها، فما العمل؟
ما العمل كي أسير في رحلة الإيمان إلى منتهاها ولا أرتد على أعقابي خاسئا؟
ما العمل كي أكمل الرحلة، وأنا أحس في نفسي الضعف، وفي قلبي الشك،  وأخاف أن أرتد زائغا بعد أن هداني الله ؟

الأخ الحبيب  ....اعلم أولا أخي في الله ، أن لحظة التوبة هي لحظة نور وسرور،  لحظة يفرح بها الله تعالى، والملائكة ، والصالحين من عباده..واعلم أنك ما دمت تسأل عن الدين فأنت بخير .. واعلم أخي الحبيب ، أن السير في طريق الإيمان الموصلة إلى رضا الرحمن تحتاج ثلاثة أمور : عــلم وعمـــل وتواصـــي .
العلم في الإسلام لا يأخذ بداية من الكتب ولكن يؤخذ من أهل العلم ، كذلك أخبرنا الرسول _ ‏‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  _:
وقال الإمام الشاطبي :
 " وإن كان الناسُ قد اختلفوا هل يمكن حصول العلم دون معلم أم لا؟ فالإمكان مسلّم به، ولكن الواقع في مجاري العادات: أن لا بدَّ من المعلم، وهو متفق عليه في الجملة " .
فاختر لنفسك شيخا عالما ثقة تسأله عن أمور دينك .
العمل بالدين يحتاج إلى مربٍ من أهل الصلاح والفقه يُقتدى به، وقد قيل :
 لولا المربي ما عرفت ربي ....
 وظيفة المربي أن يأخذ بيدك خطوة خطوة على الطريق المستقيم، وأن تأخذ منه أدب الإسلام في القلب والجوارح، لكي تسير على نور ما تعلمت من العلم على نور الهداية الربانية .
أخي الحبيب ..
وتحتاج إلى مرآة لترى فيها أعمالك، مرآة صافية لا تقعر فيها ولا تحدب، والمؤمن مرآة أخيه ، فاختر لك أخا ناصحا ، تتواصى معه بالحق والصبر، يهدي إليك عيوبك، وتهدي إليه حسنات الدال على الخير.
أخيرا أن تكثر من الدعاء لربك ومولاك أن يأخذ بيدك ويعينك على الثبات على دينه متأسيا برسولك ونبيك محمد –صلى الله عليه وسلم-: "يا مصرف القلوب ثبت قلبي على طاعتك" [مسند أحمد].
{ رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاَةِ وَمِن ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاء }
{ رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ }  { رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنزَلَتْ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ}

{ رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ }  { رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنزَلَتْ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ}


لا تجعل يوم فطرك ويوم صومك سواء ..



نحلق في منطاد شهر رمضان المبارك نحو أفراح الروح  ...
نلقي من صندوق المنطاد شهوات الجسد، ونقدح في قبة المنطاد أنوار الوحي ..
فنسمو نحو الأعالي، نحو تلك القمم السامقة، حيث ملتقى الأنوار الربانية .. 
لأن الصيام وسيلة لغاية..

الوسيلة هي الامتناع عن الأكل والشراب والشهوة من طلوع الفجر الصادق إلى غروب الشمس بنية التعبد ..
الغاية هي تحقيق حالة التقوى التي تعني الابتعاد عن المعاصي.

الصيام حالة جسدية يمتنع الفم والفرج عن شهوته ..
والتقوى حالة قلبية يكف بها الجسم عن المعاصي ..
لذا يرسب في امتحان رمضان من حرم الجسد ولم يرتقِ بالنفس ..

جاء في الحديث الصحيح الذي يرويه أبو هريرة  :
(رب صائم حظه من صيامه الجوع والعطش ورب قائم حظه من قيامه السهر ) .
وأوضح ذلك في الحديث :
( من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة أن يدع طعامه وشرابه) .   
هذا الذي يجعل بعض الصائمين يفشلون في الدورة التدريبية التي تستمر طوال شهر رمضان، والمتمثلة في الصيام نهارا والقيام ليلا ، فيرسبون في مدرسة التقوى .

يقول النبي _ ‏‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ _:
( الصيام جنة، فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب - وفي رواية: (ولا يجهل) - فإن امرؤ سابه أو قاتله فليقل: إني صائم، مرتين )  (متفق عليه عن أبي هريرة).

وقد ورد عن عمر بن الخطاب قوله :
"  ليس الصيام من الشراب والطعام وحده، ولكنه من الكذب والباطل واللغو" .  
وقال جابر بن عبد الله الأنصاري:
" إذا صمت فليصم سمعك وبصرك ولسانك عن الكذب، والمأثم، ودع أذى الخادم، وليكن عليك وقار وسكينة يوم صومك ولا تجعل يوم فطرك ويوم صومك سواء " .  
وروى طليق بن قيس عن أبي ذر قال:
"  إذا صمت فتحفظ ما استطعت. وكان طليق إذا كان يوم صيامه، دخل فلم يخرج إلا إلى صلاة " .

وكان أبو هريرة وأصحابه إذا صاموا جلسوا في المسجد، وقالوا: " نُطهر صيامنا.
وعن حفصة بنت سيرين من التابعين قالت: الصيام جنة، ما لم يخرقها صاحبها، وخرقها الغيبة!.
وعن إبراهيم النخعي قال: كانوا يقولون: الكذبُ يفطِّر الصائم!.
وعن ميمون بن مهران: إن أهون الصوم ترك الطعام والشراب.

قال العلماء :
"  أن المعاصي لا تبطل الصوم، كالأكل والشرب، ولكنها قد تذهب بأجره، وتضيع ثوابه" .
لأنها تفقد الصيام الغاية والجوهر والمضمون، وتبقي الوسيلة والشكل والقشرة ..

يا رب نسألك حقيقة الصيام، وحقيقة القيام، وتقوى القلوب
ونعوذ بك من الشقاق والنفاق والرياء، إنك أنت مقلب القلوب ..
اللهم إذا أعطيتنا الاسم فلا تسلبنا المعنى ..