الأربعاء، 1 مايو 2013

المؤمن ينصح .. والمنافق يغش

قال الإمام المحدث أبو داود صاحب كتاب " سنن إبي داود " :
 مدار الفقه على أربعة أحاديث : حديث " إنما الأعمال بالنيات" ، وحديث " الحلال بين والحرام بيّن "؛ و حديث " الدين النصيحة " و حديث " دع ما يريبك إلى ما لا يريبك " .
النصيحة في اللغة مأخوذة من نصح الثوب ، أي أصلحه وخاطه ، فيشبه فعل الناصح مع المنصوح له بفعل من يصلح ثوبه ويسد خلله، فالناصح يسد خللا في المنصوح،  وقيل مأخوذة من نصح العسل إذا صفاه من العوالق كالشمع، وهنا وجه الشبه أن الناصح يحاول تصفية حال المنصوح ، ومنها التوبة النصوح الخالصة من شوائب العزم على العودة للذنب . فلا خرق فيها ولا شائبة .
ذكر ابن حجر في الفتح ، أن جريراً كان ناصحاً لعباد الله، أرسل غلاما له ليشتري فرسا من السوق ، فاشترى فرساً بأربعمائة درهم، ثن جاء بالفرس وصاحبه إلى سيده جرير بن عبد الله ليدفع له ثمنه ، فقال جرير لصاحب الفرس: بكم بعته؟ قال: بأربعمائة درهم، فرأى جرير أن الغلام بخس ثمن الفرس ،  فقال جري لصاحب الفرس : أتريد أن تكون خمساً، قال: نعم، قال: وستاً، قال: نعم. قال: وسبعاً، قال: نعم. قال: وثمانياً، قال: نعم. قال: خذ ثمان مائة فإني بايعت رسول الله عليه الصلاة والسلام على النصح لكل مسلم .
فانظروا عباد الله ، ونحن في عالم يتفنن الناس في أساليب الاحتيال لتحصيل المال ، وينشئون معاهد لتعليم فن الكسب بأي طريقة .   
ولا تقتصر النصيحة على الاقتصاد بل تشمل كل نواحي الحياة ، واسمعوا لهذا الموقف من علي بن أبي طالب ، وحكته وبلاغته في التفريق بين المؤمنين والمنافقين ..
جاء أبو سفيان فطرق الباب على علي ، يوم تولى أبو بكر الخلافة؛ لأن أبا سفيان ينظر إلى بني هاشم، ويريد أن يتولوا هم الخلافة؛ لأنه حديث عهد بجاهلية وما هضم فكرة أن يتولى أبو بكر الخلافة؛ لأن أبا بكر من تيم وهي أسرة ضعيفة.
طرق الباب على علي ، من هو علي ؟ تربى في القرآن، عرف النصيحة، عرف الأدب، عرف كيف يتعامل مع الكتاب والسنة، رضع الرسالة الخالدة، ففتح الباب في ظلام الليل، قال أبو سفيان : يا علي ! كيف يتولى أبو بكر الخلافة، وهو تيمي وأنت من بني هاشم؟ إن شئت ملأت لك المدينة خيلاً جرداً وشباباً مرداً. فهو يريد القتال، قال علي وأخذ بتلابيب أبي سفيان : يا أبا سفيان ! المؤمنون نصحة، والمنافقون غششة.
فالنصيحة علامة فارقة بين المؤمنين والمنافقين ، وجاء تأكيد هذه القضية في كتاب الله ـ عز وجل ـ ، فقال في وصف المؤمنين :
: وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ [التوبة:71]
قال الله في المنافقين: الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ [التوبة:67]
فالنصيجة من الإيمان ، والغش من النفاق ، فانظر أخي المسلم هل تنصح إخوانك ، وهل تقبل نصيحة الناصحين ، نسأل الله تعالى أن يطهرنا من النفاق والشقاق وسوء الأخلاق ، وأن يجعلنا من عباده الناصحين المنتصحين .

ليست هناك تعليقات: