الثلاثاء، 14 مايو 2013

كم بين الإيمان واليقين ؟؟

قالوا : اليقين في اللغة هو العلم، وزوال الشك . اليقين  تحقيق التصديق بالغيب؛ بإزالة كل شك وريب .
وفي الاصطلاح هو بلوغ الإيمان في القلب (لأي من المغيبات) لمرتبة العلم والمعرفة التامة، وتنافي الشك والريب عنها.
قال الله تعالى:
{والَّذينَ يُؤمنونَ بما أنزلَ إليكَ وما أنزل من قبلك وبالآخرة هم يوقنون } [ البقرة : 4].
وعندما سُئل شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله -عن قوله تعالى‏:‏ ‏{ حَقُّ الْيَقِينِ‏ }‏  ‏[‏ الواقعة‏:‏ 95‏]‏ ، و‏{عَيْنَ الْيَقِينِ‏ }  ‏‏[‏التكاثر‏:‏ 7 ]  ، و‏{ عِلْمَ الْيَقِينِ ‏}‏ ‏[‏التكاثر‏:‏5‏]‏ فما معنى كل مقام منها‏؟‏ وأي مقام أعلى‏؟‏‏.
أجاب:  إن للناس في هذه الأسماء مقالات معروفة‏، منها‏:‏
أن يقال‏:‏ ‏{عِلْمَ الْيَقِينِِ‏}‏ما علمه بالسماع والخبر والقياس والنظر،  
و‏{عَيْنَ الْيَقِينِ‏}‏ ما شاهده وعاينه بالبصر،
و‏{حَقُّ الْيَقِينِ‏}‏ ما باشره ووجده وذاقه وعرفه بالاختبار‏.‏
فالأول‏:‏ مثل من أخبر أن هناك عسلًا، وصدَّق المُخبر‏،‏ أو رأى آثار العسل فاستدل على وجوده .
والثاني‏:‏ مثل من رأى العسل وشاهده وعاينه، وهذا أعلى كما قال النبي ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسِلَّم ـ ‏:‏ ‏( ليـس المُخـبر كالمعـاين ) .
والثالث‏:‏ مثل من ذاق العسل، ووجد طعمه وحلاوته، ومعلوم أن هذا أعلى مما قبله .
وقال ابن القيم ـ رحمه الله ـ  ( مدارج السالكين 472/1):
" علم يقين يحصل عن الخبر،  ثم تتجلى حقيقة المخبر عنه للقلب أو البصر حتى يصير العلم به عين يقين،  ثم يباشره و يلابسه فيصير حقَّ يقين،  فعلمنا بالجنة والنار الآن علم يقين،  فإذا أزلفت الجنة للمتقين في الموقف وبرزت الجحيم للغاوين وشاهدوهما عيانا كان ذلك عين يقين،  كما قال تعالى: {لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ، ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ} [ التكاثر ]  فإذا دخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار فذلك حق اليقين .
ويوافق ذلك ما قاله العلماء في الردِّ على من زعموا أن إبراهيم ـ عليه السلام ـ  شكّ في الإيمان لقوله تعالى:
{ وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِـي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن قَالَ بَلَى وَلَـكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي } [ البقرة : 260] .
فإن إبراهيم عليه السلام ما شك في ربه أبداً ، و إنما أراد الانتقال من مستوى الاستدلال إلى مستوى العيان، والارتقاء إلى درجة أعلى من درجات الإيمان ، و هذا حال المؤمنين دائماً في سعيهم إلى الكمال ، فالفرق بين سؤال إبراهيم و سؤال غيره، كالفرق بين سؤال موسى رؤية ربه و سؤال قومه نفس الطلب، لأن سؤال موسى كان سؤال محبة و شوق إلى الله، أما سؤال قومه فكان سؤال ريبة و مكابرة .
قال علي بن أبي طالب لابنه الحسن: يا بني كم بين الإيمان واليقين ؟ قال : أربعُ أصابع، قال : وكيف؟ قال : الإيمان ما سمعناه بآذاننا وصدقناه بقلوبنا، واليقين ما رأيناه بأعيننا فتيقنّا ، وبين السمع والبصر أربع أصابع .
ولكن ما هي مظاهر اليقين في حياة المسلم ؟
نقرأ في حديث عن الإمام جعفر بن محمّد الصادق  قال: «مِنْ صَحةِ يَقِينُ المَرءِ المُسلمُ أن لا يُرضي النّاسَ بِسخَطِ اللهِ، وَلا يَلُومُهُم عَلَى مـا لَم يُؤتِهِ اللهُ، إنّ اللهَ بعَدلِهِ وَقِسطِهِ جَعَلَ الرُّوحَ وَالرَّاحةَ فِي اليَقِينِ وَالرِّضا، وجَعَلَ الهَمَّ وَالحُزنَِ فِي الشّكِ وَالسَّخَطِ. " 

ليست هناك تعليقات: