الأربعاء، 15 مايو 2013

سأعصي اليوم .. وأتوب غدا !!!!

في قصة يوسف عبر كثيرة وفيها آيات للسائلين، ومن الدروس التي يجب الإفادة منها مسألة نجدها في قول إخوته عندما قرروا في لحظة قتل يوسف أو إلقائه في أرض بعيدة، قال تعالى :
{ لَّقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آيَاتٌ لِّلسَّائِلِينَ (*) إِذْ قَالُواْ لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ (*) اقْتُلُواْ يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضاً يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ وَتَكُونُواْ مِن بَعْدِهِ قَوْماً صَالِحِينَ } [ يوسف: 7 _ 9 ]
هنا يقرر الأخوة أن يتخلصوا من يوسف بدافع الغيرة والحسد، ويعرفون أن ما يقومون به من المحرمات والمكروهات والكبائر، ولكنهم يعللون فعله بأمرين:
الأول أنهم سيحصلون على ودِّ أبيهم بعد إقصاء ابنه المحبوب،والثاني أنهم يمنُّون أنفسهم أنهم سيتوبون ويكونون من الصالحين بعد الجريمة ، وهو منهج خطير ، حيث يقول صاحبه : دعوني أفعل ما أشاء من المعاصي فإن باب التوبة مفتوح ،وسأتوب وأكون مستقبلا من الصالحين، وله أمثلة كثيرة في واقع المسلمين، وهذا المنهج مرفوض من الإسلام، فما وجه خطورته ؟
أولا: إن نيَّة التوبة قبل ارتكاب المعصية، معناها أنك تستخف بأمر الله تعالى أصلاً، وأن الله لن يوفقك إلى التوبة، لأنك نويت التوبة قبل بدء المعصية، فأنت مستهتر غير صادق في توبتك.
ثانيا : هذا المنهج فيه أمن من مكر الله تعالى، فما أدراك أنك ستعيش حتى تتوب، وكم من رجل أخذه الله بغتة دون أن يدرك توبة كان يؤجلها، وتلك من صفات الكافرين .
ثالثا : في هذا المنهج تشجيع على ارتكاب المعاصي ، فتقديم العزم على التوبة قبل صدور الذنب فيه تسهيل لفعله، وإزالة لشناعته، وتنشيطا من الداعين له .
رابعا : هذه توبه فاسدة وما أدراهم أنهم سيستقيمون على الدين والصلاح ، فبعض الناس يقول له الشيطان أنت الآن أذنب ثم تتوب فينتكس هذا المسكين ،ويذهب على وجهه في المعاصي .
وكان الإمام البنا إذا أراد أن يوصي أحد إخوانه المهاجرين إلى الغرب يقول له : إياك والمرأة الأولى والكأس الأولى ، وذلك لأنهما يكسران الحاجز، وكسره يعني أن تنفتح عليك  أبواب رياح  الشهوات . 
هذه الآية العظيمة يحذر الله فيها سبحانه عباده من الأمن من مكره فيقول سبحانه: {أَفَأَمِنُـوا مَكْرَ اللَّهِ فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلا الْقَوْمُ الْخَاسِـرُونَ} المقصود من هذا تحذير العباد من الأمن من مكره بالإقامة على معاصيه والتهاون بحقه، والمراد من مكر الله بهم كونه يملي لهم ويزيدهم من النعم والخيرات وهم مقيمون على معاصيه وخلاف أمره، فهم جديرون بأن يؤخذوا على غفلتهم ويعاقبوا على غرتهم بسبب إقامتهم على معاصيه وأمنهم من عقابه وغضبه.

ليست هناك تعليقات: