الأحد، 15 يوليو 2012

.. من صفات الأبرار !!



من صفات الأبرار  !!

من هم الأبرار ، وما هي أهم أهم صفاتهم التي أوصلتهم لهذه المرتبة العالية عند الله تعالى ؟
يلاحظ المتدبر لآيات الله تعالى أن البرّ  يجمع بين الإحسان في الطاعة والإحسان في نفع الناس، وجَمْعَهُم بين الدافع الإنساني والدافع الإيماني، فبعض الناس قد يُحْسِنُون إلى الناس بدافع الشفقة على الآخرين فقط، لكنَّ الأبرار أضافوا إليه الدافع الإيماني، ونجد ذلك في المواضع الثلاثة التي جاء فيها ذكر البر في القرآن الكريم :
الموضع الأول: في سورة البقرة ، يقول الله تعالى } لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْـرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا {  {البقرة:  189} .
الموضع الثاني : في سورة الإنسان : يقول تعالى } إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُوراً { ، ويذكر صفة الأبرار : } يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْماً كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرا ً{   إلى قوله:} إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ  {   { الإنسان:9}
الموضع الثالث : سورة المطففين ، فالله تعالى عتب على المطففين الذين يكيلون بمكيالين، واحد لهم وآخر للناس، ثم يقول : }  أَلا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ { {المطففين:4} ، في إشارة إلى غياب الدافع الإيماني، والذي بغيابه يصبح الإنسان منطلقًا يعمل ما يشاء ، وكان الحسن البصري يقول في صفة الأبرار: إنهم الذين لا يؤذون الذرّ ، فلا شك أن الذي لا يؤذي الذر لن يؤذي الزوجة ، ولا الجار ، ولا غيره من الناس .
الإنسان أنه إذا أحب امرأة تقرب إليها وخطبها .. ولكن ابن عمر كان يفعل عكس ذلك !!
فكان له جارية يحبها كثيرًا فأعتقها وزوجها لمولاه نافع، وقال: إن الله تعالى يقول: } لَن تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ  {  { آل عمران: 92}،  واشترى مرة بعيرًا فأعجبه لما ركبه فقال: يا نافع أدخله في إبل الصدقة، وأعطاه ابن جعفر في نافع عشرة آلاف فقال أو خيرًا من ذلك؛ هو حُرّ لوجه الله .. ، واشترى مرة خمسة عبيد فقام يصلي فقاموا خلفه يصلون فقال: لمن صليتم هذه الصلاة فقالوا: لله فقال: أنتم أحرار لمن صليتم له فأعتقهم" . فكان إذا أعجبه شيء من ماله يقربه إلى الله عز وجل وكأن عبيده قد عرفوا ذلك منه فربما لزم أحدهم المسجد فإذا رآه ابن عمر على تلك الحال أعتقه فيقال له: إنهم يخدعونك، فيقول: من خدعنا لله انخدعنا له ..

الاثنين، 9 يوليو 2012

إخلاص عجيب .. !!





قصّة صاحب ابن المنكدر.. قصّة رجل بلغ به الإخلاص أن صار مجاب الدّعاء قريبا إلى أهل السّماء.. يقسم على الله فيبرّه.. يروي التّابعيّ محمّد بن المنكدر قصة هذا الرّجل فيقول: " كانت لي سارية في مسجد رسول الله -^ - في المدينة أجلس إليها بالليل، فقحط أهل المدينة سنة وخرجوا يستسقون فلم يسقوا، وفي ليلة من الليالي صلّيت العشاء ثمّ تأخّرت إلى ساريتي فاستندت إليها حتّى إذا خرج النّاس؛ إذ برجل أسود تعلوه صفرة يبدو من حاله أنّه فقير، دخل المسجد وما شعر بوجودي فتقدّم إلى سارية فصلّى ركعتين ثمّ جلس فرفع يديه فسمعته يقول: يا ربّ قد خرج أهل حرم نبيّك يستسقون فلم تسقهم، وأنا أقسم عليك أن تسقيهم الآن الآن، قال ابن المنكدر: فقلت هذا مجنون، يقسم على الله، فما أنزل يديه حتّى سمعت الرّعد، ثمّ أمطرت السّماء مطرا شديدا حتى أهمّني الرّجوع إلى أهلي، لمّا أحسّ ذلك الرّجل بالمطر حمد الله وأثنى عليه بمحامد لم أسمع مثلها قطّ، ثمّ قال: ومن أنا وما أنا حتى تستجيب لي، ولكن عدتَ بحمدك وجدتَ بطولِك!! ثمّ قام الرّجل، فلم يزل يصلّي حتّى أحسّ بالصّبح فأوتر، ولمّا أقيمت صلاة الصّبح دخل مع النّاس في الصّلاة، فلمّا سلّم الإمام خرج فخرجتُ أتبعه متخفّيا حتى إذا دخل دارا من دور المدينة أعرفها رجعت أدراجي إلى المسجد، فلمّا طلعت الشّمس خرجت، وأتيت تلك الدّار فإذا به إسكافي يخيط جلدا فلمّا رآني رحّب بي، وقال: ما حاجتك ؟ أتريد أن أصنع لك حذاء ؟ قلت له: ألست صاحبي بارحة الأولى ؟ اسودّ وجه الرّجل وصاح بي قائلا: وما أنت وذاك يا هذا ؟ فعرفت في وجهه الغضب فخرجت من عنده، فلمّا كان في الليلة التالية صلّيت العشاء واستندت إلى ساريتي، وانتظرت طويلا فلم يجئ فقلت: إنّا لله وإنّا إليه راجعون ماذا صنعت ؟ ولمّا أصبحت خرجت حتى أتيت الدّار التي كان فيها؛ فإذا باب البيت مفتوح، وإذا ليس فيه شيء، فقال لي جيرانه: يا هذا ما كان بينك وبين صاحبنا أمس ؟ قلت: ما له ؟ قالوا: لمّا خرجت من عنده بسط كساءه في وسط البيت، ثمّ لم يدع في بيته جلدا ولا قالبا إلاّ وضعه فيه، ثمّ حمله وخرج فلم ندر أين ذهب، قال ابن المنكدر: فما تركت في المدينة دارا أعلمها إلاّ طلبته فيها فلم أجده..
قال الحسن البصريّ عليه رحمة الله: "أخفى القوم أعمالهم فأخفى الله لهم ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر".. فطوبى ثمّ طوبى لمن صحّت نيته..

الاهتمام بالرأي العام .. !!


إذا قال أحدهم  : أنا لا يهمني الناس ، ولا رأي الناس .
فقل له : لو كنت صاحب رسالة لأهمك الناس ، ورأيهم ، لأنهم المقصودون بالرسالة .
لما وقع الخلاف بين المهاجر والانصاري وتدافع الطرفان ، وقف ابن سلول يقول : يا بني الأوس، يا بني الخزرج ، عليكم صاحبكم وحليفكم ،  ثم قال: والله ما مثلنا ومَثَل محمد إلا كما قال القائل: «سَمّن كلبك يأكلك» ، والله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجنّ الأعزّ منها الأذل ،  فسعى بها بعضهم إلى نبيّ الله -^ - ، فقال عمر: يا نبيّ الله مُر معاذ بن جبل أن يضـرب عنق هذا المنافق  ،  فقال: «  لا يتحدّثُ النّاسُ أنّ مُحَمّدا يَقْتُلُ أصحَابَهُ  ».
وقعد المهدى قعودا عاما للناس فدخل رجل ، وفى يده نعل ملفوفة فى منديل  ، فقال : يا أمير المؤمنين هذه نعل رسول الله -^ -  قد أهديتها لك.  فدفعها إليه ، فقبَّل المهدى باطنها ووضعها على عينيه ، وأمر للرجل  بعشرة آلاف درهم . فلما انصرف  قال لجلسائه : أترون أنى أعلم أن رسول الله -^ - لم يرها فضلا عن أن يكون لبسها ، ولو  كذبناه قال للناس : أتيت أمير المؤمنين بنعل رسول الله -^ -  فردها عليَّ ، وكان من يصدقه أكثر ممن يدفع خبره ، إذ كان من شأن العامة ميلها  إلى نصرة الضعيف على القوى وإن كان ظالما ، إشترينا لسانه، وقبلنا هديته وصدقنا قوله ، ورأينا الذى فعلناه أنجح وأرجح .

قيل أن ملكا من ملوك الفرس قرب إليه طباخه طعاما قوقعت منه نقطة على المائدة ، فأعرض الملك إعراضا تحقق به الطباخ قتله ، فعمد الطباخ إلى الإناء فكفأه على المائدة، فقال الملك : ما حملك على ما فعلت ،و قد علمت أن سقوط النقطة أخطأت بها يدك ؟ قال : استحييت أن الناس تسمع عن الملك أنه استوجب قتلي، واستباح دمي مع قديم خدمتي و لزومي حرمته في نقطة واحدة أخطأت بها يدي ، فأردت أن يعظُم ذنبي ليحسن بالملك قتلي ، و يٌعذر في قتل من فعل مثل فعلي .. فعفا عنه و أمر بإجازته و وصله.

الفأر يستضيف الجمل ..



    

جاء يصلي التروايح  ، تأخر في بيته  حتى أقيمت صلاة فرض العشاء ، وقف أمام باب المسجد قام باتصال مهم وضروري ، ختم المكالمة، وترك الهاتف مفتوحا،  ودخل المسجد مسرعا ، نوى صلاة جماعة أدرك منها الركعة الأخيرة .. وقف يكمل صلاة الفرض ، لم يعرف كم ركعة صلى وكم ركعة أضاع ، لم يصلِّ ركعتي السنة ، دخل في صلاة التراويح مباشرة ، قطع الركعة الأولى ليرى من يتصل به  ..
في الركعة الثانية ، مد يده ووضع الهاتف في وضع رجّاج .. استراح بعد أول ركعتين كي يرد على المكالمات الفائتة .. انشغل عن الاصغاء للموعظة بحديث مع جاره ..
استراح بعد أربع ركعات ليدخن سيجارة ..
سأله صديق ناصح : ما هكذا القيام والخشوع ؟
فقال : اسمها صلاة التراويح ،  لكي يعمل فيها كل شخص ما يريحه .. !!
يقول ابن الثيّم الجوزية : يحكى أنَ فأرا رأى جملا و اعجبته هيبته و ضخامته ،  و قرَر بينه و بين نفسه أن يصاحبه فخرا لكي يقال الجمل صديق الفأر، وهو مثله يصبر على الماء مثل الجمل وأكثر ،  و يأخذ الحظ لنفسه في أعين الناس .
و بينما هما يمشيان وصلا إلى بيت الفأر،  و كما نعلم هو جحر أو شق في جدار فنظر إلى بيته و احتار.. كيف يعزمه؟؟ هل يدخل و يتركه خارجا ؟؟ ام يقول له تفضَل و أين؟؟
المهم.. نظر إليه الجمل ، و فهمه فقرَر أن يعطيه درسا فقال:
" إما أن تحب بقدرك ، أو تبني بيتا بقدر من تحب"
قصة جميلة فيها عبر ومعاني عميقة ، يأخد كلٌّ منا منها ما يشاء .  
لكن ابن القيًم كانت له نظرة أخرى ..نظرة خاصة بعالم فقيه..قال:
"و كذا الصلاة.. فإما ان تصلي صلاة تليق برب العالمين أو تعبد  ربا يليق بصلاتك"
قال رسول -^ -  : ( اذكر الموت في صلاتك ، فإن الرجل إذا ذكر الموت في صلاته لحريّ أن يحسن صلاته ، وصلّ صلاة رجل لا يظن أنه يصلي غيرها  ) . السلسلة الصحيحة للألباني

تحرير أســـير .. !!



بعد استشهاد سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه بليلتين رآه ابن عباس في رؤيا ، فقال : يا أمير المؤمنين كيف حالك ؟
قال له عمر: طاشت تلك الاشارات ، وضاعت تلك العبارات ... ( في القبر لا أنساب ولا أحساب ولا ألقاب فلا أمير ولا فقير )
قال ابن عباس: ماذا صنع الله بك ؟
قال عمر: والله لقد كاد عرشي أن يهدَّ لولا أني لقيته غفورا رحيما .
قال ابن عباس: بنصرتك للإسلام ؟ قال عمر:لا
قال ابن عباس:بعلمك ؟ قال عمر:لا
قال ابن عباس: بعدلك؟ قال عمر:لا
قال ابن عباس:إنما بماذا ؟
قال عمر: كنت أسير بالمدينة يوما، فرأيت أطفالا يلعبون بعصفور قيدوه بخيط ففككت الخيط ، وطار العصفور ، فقيل لي ياعمر: فككت إسار العصفور، ونحن نفك إسارك من النار وندخلك الجنة .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية :
"فكاك الأسارى من أعظم الواجبات ، وبذل المال الموقوف وغيره في ذلك من أعظم القربات"
وروى منصور عن شقيق بن سلمة عن أبي موسى الأشعري قال : قال رسول -^ -   : (أطعموا الطعام وأفشوا السلام وعودوا المريض وفكُّوا العاني ) ، فهذان الخبران يدلان على فكاك الأسير ، لأن العاني هو الأسير وقد روى عمران بن حصين وسلمة بن الأكوع : أن النبي عليه السلام فدى أسارى من المسلمين بالمشركين  .

عند القبر نسيت الفاتحة .. !!



  

تأتي جنازة للمسجد ، ويدعو الإمام الناس للصلاة عليها ، كسبا لأجر فرض الكفاية ،  يصدف أن تكون الجنازة لرجل تعرف يقينا أنه كان ينكر البعث والنشور ، بل كان يستهزئ بعذاب القبر  والجنّة والنار ، تعرف ذلك يقينا لأنه لم يخجل أن يصرح بذلك أمامك ، فسمعت أذنك ورأت عينك ، ولا مجال للشك ، وذلك آخر عهدك به ، فما العمل ؟
وعبر التاريخ هناك هوية للقبر واسم للمقبرة ، فنعرف أن هذا قبر كنعاني ، وأن هذا قبر روماني ، وأن هذه مقبرة يهودية أو نصرانية أو إسلامية ، فلكل قبر رموزه وشعاراته وطريقة دفن تدل على هوية صاحبه . ولكن قد تزور قبرا بل ضريحا ضخما فخما ، ولا يوجد أي إشارة إسلامية تدل على دين صاحبه ، فهل نسلّم عليه ، وندعو له ونقرأ له الفاتحة ؟

جاء في كتاب "الطبقات السنية في تراجم الحنفية": حدث بعض الثقات، أنه لما مات بشـر المريسي ، رجل في دينه مقال ، لم يشهد جنازته من أهل العلم والسنة أحد إلا عبيد الشونيري، فلما رجع من جنازته أقبل عليه أهل السنة والجماعة، وقالوا: يا عدو الله تنتحل السنة، وتشهد جنازة المريسي؟ قال: أنظروني حتى أخبركم، ما شهدت جنازة رجوت بها من الخير ما رجوت في شهود جنازته، لما وضع في موضع الجنائز، قمت في الصف، فقلت: اللهم عبدك هذا كان لا يؤمن برؤيتك في الآخرة، اللهم فاحجبه عن النظر إلى وجهك الكريم يوم ينظر إليك المؤمنون، اللهم عبدك هذا كان ينكر الميزان، اللهم فخفف ميزانه يوم القيامة، اللهم عبدك هذا كان لا يؤمن بعذاب القبر، اللهم، فعذبه اليوم في قبره عذابًا لم تعذبه أحدا من العالمين، اللهم عبدك هذا كان ينكر الشفاعة، اللهم فلا تشفع فيه أحدًا من خلقك يوم القيامة. فسكتوا عنه، وضحكوا.

أهل النفير وأهل النقير .. !!



   

وردت في القرآن الكريم  ثلاث مفردات لأجزاء من نواة التمرة هي : القطمير والفتيل و النقير. وقد ذكر معناها في البيتين التاليين :
ثلاثٌ في النواةِ مسمياتٌ
وما في شقِّها يدعى فتيلاً

فقطميرٌ لفافتها الحقيرُ
ونقطة ظهرها فهي النقيرُ
القطمير هي اللفافة التي على نوى التمر ، وهي غشاء رقيق ، ذكرت هذه الكلمة في القرآن مرة واحدة ، في قوله تعالى :
}  يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُّسَمًّى ذَٰلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِن قِطْمِيرٍ  {
الفتيل هو خيط رفيع موجود على شق النواة ، ذكرت في القرآن ثلاث مرات منها قوله تعالى : } يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ فَمَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُولَٰئِكَ يَقْرَءُونَ كِتَابَهُمْ وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا  { .
المهم في موضوعنا هو النقير ، وهو نقطة صغيرة تجدها على ظهر النواة في الجهة المقابلة للشق ، وقد يكون هذا أصغر مثل ضربه الله في القرآن ، وردت في القرآن مرتين كلاهما في سورة النساء ، مرة في وصف عدل الله سبحانه المطلق يوم  القيامة ، ومرة في تأصيل صفة تشـربها اليهود ، قال تعالى :} أَلَمْ تَرَ إلى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلَاءِ أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا % أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ وَمَنْ يَلْعَنِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ نَصِيرًا % أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِنَ الْمُلْكِ فَإِذًا لَا يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيرًا  {
بعد ما يزيد على عشـر سنوات من الاتفاقية الباطلة شرعاً التي عقدتها موريتانيا مع كيان صهيون،  أعلن رئيس الجمهورية الموريتانية (محمد ولد عبد العزيز) أن موريتانيا لم تحصل من علاقتها بإسرائيل على أي فوائد، وأن كل ما حصلت عليه هو "قشور لا تذكر".

نـتكامــل ولا نتفاضــل ..



    
بعد وفاة رسول الله -^ - قال أبو بكر : يا عمر، أبسط يدك لأبايعك، فقال عمر: أي أرض تقلُّني، وأي سماء تظلني إذا كنت أميراً على أناس فيهم أبو بكر ؟ أي هذا فوق طاقتي، قال له: يا عمر، أنت أقوى مني، قال: يا أبا بكر، أنت أفضل مني، قال له عمر: قوتي إلى فضلك.
هذا ما نحب أن نسميه منهج : نتكامل ولا نتفاضل .
وهو منهج غير منهج إبليس وأتباعه :  } أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ { .
هو منهج " الْمُسْلِمُ لِلْمُسْلِمِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا " . فيزيد المسلم بأخيه قوة وصلابة ، فيكتمل البناء . يرى العيب في أخيه فيصلحه : " المؤمن مرآة أخيه، إذا رأى فيه عيباً أصلحه". وفي حديث آخر عن أبي هريرة، عن النبي-^ - قال: " المؤمن مرآة أخيه، والمؤمن أخو المؤمن؛ يكف عليه ضيعته، ويحوطه من ورائه ". وفي الأثر المسلم للمسلم كاليدين تغسل إحداهما الأخرى .وعن ابن عمر -رضي الله عنهما- أن رسول الله -^ -  قال: " المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه، من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرَّج عن مسلم كربة فرَّج الله عنه بها كربة من كرب يوم القيامة، ومن ستر مسلماً ستره الله يوم القيامة "  متفق عليه.
عن النبي  -^ -  قال: " من أكل بمسلم أكلة ؛ فإن الله يطعمه مثلها من جهنم، ومن كُسِيَ برجل مسلم، فإن الله عز وجل يكسوه من جهنم، ومن قام برجل مقام رياء وسمعة؛ فإن الله يقوم به مقام رياء وسمعة يوم القيامة".
قال الإمام الشافعي رحمه الله : من صدقَ في أخوة أخيه قَبِل علله ، و سدَّ خلله ، وغفر زللـه.
التكامل من الإسلام ، والتفاضل من الجاهلية ، تذكر كتب الحديث ان أبا ذر قال لبلال : يا ابن السوداء فأسرها بلال في نفسه ، ثم شكا
الأمر للنبي-^ -  فاستدعى أبا ذر وعنفه قائلاً : " أعيرته بأمه ؟ إنك امرؤ فيك جاهلية "
التفاضل من  الجاهلية  ، والتكامل من الإسلام ، فاختر لنفسك منهاجا  .. 

بغداد يا بلد الرشيد ..!!




قارن أخي المسلم ، بين هذين الموقفين ؟
في سنة (797م) عقدت "إيريني" ملكة الروم صلحًا مع الرشيد، مقابل دفع الجزية السنوية له ، وظلت المعاهدة سارية حتى نقضها إمبراطور الروم، الذي خلف إيريني في سنة (802م)، وكتب إلى هارون: "من نقفور ملك الروم إلى ملك العرب، أما بعد فإن الملكة إيريني التي كانت قبلي أقامتك مقام الأخ، فحملت إليك من أموالها، لكن ذاك ضعف النساء وحمقهن، فإذا قرأت كتابي فاردد ما حصل قبلك من أموالها، وافتد نفسك، وإلا فالحرب بيننا وبينك".فلما قرأ هارون هذه الرسالة غضب غضبًا شديدًا، وكتب على ظهر الرسالة: "من هارون أمير المؤمنين إلى نقفور كلب الروم، قد قرأت كتابك يا ابن الكافرة، والجواب ما تراه دون أن تسمعه، والسلام".وخرج هارون بنفسه في (803م)، حتى وصل "هرقلة" وهي مدينة بالقرب من القسطنطينية، واضطر نقفور إلى الصلح والموادعة، وحمل مال الجزية إلى الخليفة كما كانت تفعل "إيريني" من قبل .
وفي أيامنا ، والعراق تحت سيطرة الأمريكان .. جاء (كاكه محمود عثمان) العضو في التحالف الكردستاني لحضورأحد الاجتماعات متاخرا بعض الشئ حتى منع من الدخول إلى المنطقة الخضـراء من قبل الحرس الامريكان ، وعند استفساره عن السبب، وأنه لم يخالف التعليمات ا ! قيل له إن  الكلب المسؤول  عن التفتيش يغط في نوم عميق،  فطلب منهم ايقاظه كي (يشمه) على السـريع ليدخل إلى قاعة الاجتماع، فأكد الجندي الامريكي المسؤول عن نقطة التفتيش تلك أن  الكلب  كان في واجب ليلة امس لمدة تجاوزت الثمانية ساعات متواصلة، وهو الآن في  راحته ، فما كان من (كاكه محمود عثمان)،إلا ان يطلب من الجندي الامريكي أن يقوم بعملية التفتيش لأنه عضو برلمان وسياسي معروف لايجوز أن يعامل بهذه الطريقة، هنا قال الجندي الامريكي لمحمود عثمان : " لست مستعدا لتفتيشك،  فتفتيش الوزراء والبرلمانيين العراقيين من اختصاص الكلاب " ونحن لا نجد إلا القول :  إنا لله وإنا إليه راجعون ؟!

اللص الذي صار شهيدا ..!!



 

كان مالك بن الرَّيب لصاً في عصابة من شرار اللصوص ،  عاش عمره كله يتغنى بالنهب والسلب ، يقطع الطرق، ويسلب القوافل، ولما ولَّى معاويةُ بن أبي سفيان، سعيدَ بن عثمان بن عفان إمارة خراسان، سار فيمن معه فأخذ طريق فارس، فلقي بها مالك بن الريب ،وكان مالك فيما ذُكر، من أكثر العرب جمالاً، وأفصحهم بياناً ، فلما رآه سعيد أعجبه، وقال له مؤنباً:
- ويحك يا مالك! ما الذي يدعوك إلى ما يبلغني عنك من العداء وقطع الطريق؟
قال: أصلح الله الأمير،  يدعوني إليه العجز عن المعالي، و مساواة  ذوي المروءات ، ومكافأة الإخوان  . فقال له سعيد: فإن أنا أغنيتك و استصحبتك، أتكفُّ عما كنت تفعل؟ فقال مالك: أي و الله ياأمير،  اكفُّ كفَّـًا لم يكفَّ أحدٌ أحسن منه . فاستصحبه الأمير و أجرى له خمسمائة درهم كل شهر ، فتبدل من لص فاتك، قاطع للطريق إلى فارس مجاهد في سبيل الله..
وكان معه في جهاده كأعظم ما يكون المجاهدون ، طُعن فسقط جريحا ، وغلبته جراحه ، وأحس بأن ساعته حانت  ، فقال قصيدة يرثى بها نفسه، وهي من أعظم قصائد رثاء النفس في الشعر العربي منها :
ألا ليت شعري هل أبيتن ليلة
ألم ترني بعت الضلالة
بالهدى
تذكرت من يبكي
عليّ فلم أجد

بجنب الغضا أزجي القلاص النواجيا
وأصبحت في جيش ابن عفان غازياً
سوى السيف والرمح الرديني باكياً
فأنظر إلى الحكمة من قصه هذا الشاعر الشاب، كيف تحول من الفتك و البغيوالإفساد  إلى الجهاد في سبيل الله ، و انظر كيف حول مصيبة الموت إلى إبداع شعري ، حتى صارت قصيدته من عيون الشعر العربي ، وسار الركبان بقصته،  لقد أحسن مالك في اقتناص الفرصه حين عرض عليه سعيد استصحابه ، و أحسن في سيرته بعد أن حصل على هذه الفرصة،  و انظر لو أنه لم يستغل هذه الفرصه لبقي الشاعر اللص الفاتك قاطع الطريق إلى الأبد؟ و انظر إلى شدة بلائه فقد ودع اهله واستشهد قبل مرور عام على توبته ..
 وهكذا من ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه .