الاثنين، 23 يوليو 2012

لا تنسَ فضل الله ..









تأمل قول الله تعالى : }إمَّا شاكراً وإمَّا كفوراً  {ولم يقل: ( إما شاكراً وإما كافراً )، أو لم يقل: ( إما شكوراً وإما كفوراً  ) ؟! الأصل أن الله عز وجل أرادنا أن نكون: إما شكوراً، أي كثيري الشكر، لكن الواقع أيضاً أسفر عن أن هذا الإنسان حينما يشكر يشكر قليلاً، ولكن حينما يكفر يكفر كثيراً، ولذلك قال الله في آية أخرى: }  وقليلٌ مِنْ عِبَادِيَ الَّشكور { .
  إن الإنسان الشاكر قليل، بينما الإنسان الكفور كثير، والإنسان الشاكر هو قليل من حيث العدد ، ومن حيث النوعية أيضاً. فنحن بحسب الظاهر نشكر الله، ولكن هذا الشكر حتى من حيث النوعية قليل وضعيف، ومن حيث العدد أيضاً قليل وضعيف. فأنت في الغالب لا تستحضر نعمة ربك عليك، بل بالعكس أنت تستحضر ما منعه الله عنك.
النبي دانيال من أنبياء بني إسرائيل  ، كان ممن تم أسرهم ونقلهم إلى العراق إبان السبي البابلي لبيت المقدس وتدميرها على زمن نبوخذ نصـر.كان البابليون يبقون عليه حيّا لأنهم كان يتمطرون به، إذ أنه كلما أخرجوا جسده للعراء تمطر السماء ، فكانوا يعتبرونها علامه مقدسة شريفة بينهم.عندما تم أسر دانيال ونقله إلى بلاد مابين النهرين في بابل هو ورجال بني إسرائيل كان الغرض من ذلك التسلية بهم اذ كان البابليين يحفرون حفرا كبيره،  و يضعون فيها رجلا من بني إسرائيل ، و يطلقون عليه اسدين - نمرين - ليأكلانه . وكانت هذه عادة البابليين بالتسلية . وهذا ما لم يحدث مع دانيال إذ أنهم عندما وضعوه في الحفرة و أطلقوا عليه الأسود قام الأسدان باللعب معه و التمسح به، و كأنما يطلبان العفو منه . وعندما حاول البابليون اعادة الكرة حدث نفس الأمر فعلموا أن هذا الرجل مبارك ، وأنه نبي و أكرموه و قدسوه
قال علماء تلك القرية فنقش دانيال صورته وصورة الأسدين يلحسانه في فص خاتمة، كي يذكرها ليل نهار ، ولكي  لا ينسى نعمة الله عليه في ذلك .

الانفاق ترياق النفاق .. !!

  
" الانفاق ترياق النفاق " عنوان جميل لمقالة للكاتب التركي مصطفى إسلام أوغلو ، وبالاضافة إلى جمال العنوان فهو يعبر عن معنى قوي .
النفاق مرض خطير ، وجرم كبير وهو أخطر من الشرك،  وعقوبته أشد لأنه كفر بلباس الإسلام وضرره أعظم، ولذلك جعل الله المنافقين في أسفل النار: } إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ. وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا {  { النساء:145} . والنفاق بأنواعه ودرجاته يكاد لا يخلو منه أحد .
والنفاق إذ كان أخطر درجات عصيان الله تعالى فقد جعل الله تعالى العقوية القصوى في الآخرة . النفاق منه ما هو أكبر، ومنه ما هو أصغر، فالنفاق الأصغر: يكون في المسلمين وهو كثير جداً، ومثاله: الكذب في الحديث، والخيانة في الأمانة، والفجور في الخصومة، والغدر في المعاهدة، إذا كان الإنسان عنده شيء من ذلك فعنده نفاق، ولكن جميع هذه الخصال الخمس لا تجتمع إلا في منافق، تجتمع كلها في منافق نفاقاً أكبر. أما النفاق الأكبر: فهو بغض الحق وكراهيته، كبغض الرسول -^ -  ، أو يود أن دين الكفار يظهر وينتصر على الإسلام، فمن كان عنده واحدة من هذه الأمور فهو من المنافقين الذين يخبر الله جل وعلا عنهم بأنهم في الدرك الأسفل من النار تحت الكفار، وإن صلى وصام وزعم أنه مسلم وكان مع المسلمين".
ويتحدث علماء النفس أن النفاق سبب من أسباب الأمراض النفسية اليوم مثل ازدواجية الشخصية ، وانفصامها . كما تظهر عوارض النفاق الأصغر في نفسية التقاعس عن العمل  ، والاستئذان عن الواجب ، والتبرير للأخطاء ، واختلاق الأعذار المثبطة . يخطأ من يستهين بالنفاق دون ان يحصن نفسه منه، وذلك لان النفاق يسلب من الانسان كل صفات الخير ، ويحرمه من فعل الصالحات ، وينتزع منه كل القيم السامية.. حتى يجعله منبوذاً مدحوراً...
ما العلاج لهذا المرض الخبيث العضال ؟
باختصار هو الانفاق في سبيل الله بالوجوه المقررة في الكتاب والسنّة ..

السيئات الجاريات . ..

 

يقول الله - سبحانه وتعالى ـ ]:  إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ } [يس:12 }
الناس بعد الممات ينقسمون قسمين، باعتبار جريان الحسنات والسيِّئات عليهم:
قسم يَموت وتنقطع حسناته وسيئاته على السَّواء، فليس له إلا ما قدَّم في حياته الدُّنيا.وقسم يَموت وتبقى آثارُ أعماله من حسناتٍ وسيئاتٍ تجري عليه ..
كثيرٌ من النَّاس يغفلون عن مسألة السيِّئات الجارية وخطورة شأنِها؛ لأنَّ من السيئات ما إذا مات صاحبها، فإنَّها تنتهي بموته، ولا يَمتد أثر تلك السيئات إلى غير صاحبها، ولكنْ من السيئات ما تستمر ولا تتوقف بموت صاحبها، بل تبقى وتجري عليه، وفي ذلك يقول أبو حامد الغزالي : " طوبى لمن إذا مات ماتت معه ذنوبه، والويل الطويل لمن يَموت وتبقى ذنوبه مائة سنة ومائتي سنة أو أكثر يُعذَّب بها في قبره، ويُسْأل عنها إلى آخر انقراضها"
وقد جاءت النصوصُ الشرعيةُ محذِّرة من هذا النوع من السيئات؛ منها قوله - صلَّى الله عليه وسلَّم ـ  : ( مَن دعا إلى ضلالة، كان عليه من الإثم مثل آثام مَن تَبِعَه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئًا»؛ وفي رواية: «ومن سن في الإسلام سنة سيئة، كان عليه وزرها ووزر من عَمِلَ بها من بعده من غير أنْ ينقص من أوزارهم شيء ) .
وبما أنَّنا نعيش في عصرٍ تيسَّرتْ فيه وسائلُ الاتِّصالات، ونقل المعلومات، وصارت الرسائل تحفظ ، وأهم السيئات الجارية أن ترسل رسالة نصية إلى قناة فضائية تتضمن حراما ، أو تنشـر صورة أو معلومة معادية للدين على الانترنت ، وغيرها من الأعمال التي تحفظ وتنتقل من يد إلى يد ومن جيل إلى جيل ، فاعلموا أيها الأخوة ، أن أوسع أبواب الحسنات الجاريات أو السيئات الجاريات هي في أيامنا هذه الحواسيب والهواتف التي نحملها ، ونسجل عليها أشياء قد تستمر آلاف السنين بعد موتنا ، فالحذر الحذر ، يا عباد الله .  

لا تحقرنَّ نفسـك ..!

  

قال رسول الله -^ -  :
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لا يَحْقِرَنَّ أَحَدُكُمْ نَفْسَهُ عَنْ أمرٍ لِلَّهِ عَلَيْهِ فِيهِ مَقَالٌ أَنْ يَقُولَ فِيهِ ، فَيَبْعَثُهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، فَيَقُولُ : مَا مَنَعَكَ رَأَيْتَ كَذَا وَكَذَا أَلا تَفْعَلَ فِيهِ ، فَيَقُولُ : يَا رَبِّ خِفْتُ ، فَيَقُولُ : أَنَا كُنْتُ أَحَقُّ أَنْ تَخَافَ " .
وروى الحاكم في المستدرك  :
 أن معاوية رضي الله عنه صعد المنبر يوم الجمعة ، فقال في خطبته: أيها الناس إن المال مالنا، والفيء فيئنا، من شئنا أعطينا، ومن شئنا منعنا.  فلم يجبه أحد، فلما كان في الجمعة الثانية قال كذلك فلم يجبه أحد، فلما كانت الجمعة الثالثة قال كذلك: فقام إليه رجل فقال: كلا يا معاوية، ألا إن المال مالنا، والفىء فيئنا، من حال بيننا وبينه حاكمناه إلى الله تعالى بأسيافنا؛ فنزل معاوية وأرسل إلى الرجل فأدخل عليه، فقال القوم: هلك الرجل؛ ثم فتح معاوية الأبواب، فدخل عليه الناس، فوجدوا الرجل معه على السرير! فقال معاوية: أيها الناس، إن هذا الرجل أحياني أحياه الله، سمعتُ رسول الله -^ - يقول: "ستكون أمة بعدي يقولون فلا يرد عليهم يتقاحمون في النار كما تتقاحم القردة"، وإني تكلمت أول جمعة فلم يرد علي أحد شيئاً، فخشيت أن أكون منهم، ثم تكلمت في الجمعة الثانية فلم يرد علي أحد، فقلت في نفسي: أنت من القوم، فتكلمت في الجمعة الثالثة فقام إلي هذا الرجل، فرد عليّ فأحياني أحياه الله، فرجوت أن يخرجني الله منهم؛ ثم أعطاه وأجازه.
هل أراد داهية العرب أن يختبر إيمان الناس في عصره ، أم أراد أن يختبر  مدى خضوعهم لسلطانه ؟ أيا كان فقد استخدام مقياس الحياة والموت في الأمة ، وأخذه من قول الرسول -^ -  :
: " إذا رأيت أمتي تهاب فلا تقول للظالم يا ظالم فقد تودع منهم "

النفاق للحاكم ..

   

الأصل في الألعاب الإباحة، ما لم تشتمل على معنىً مقتضٍ للتحريم ، كتضييع واجب ، أو ارتكاب منكر من كشف للعورة ، أو فحش في القول ، أو إيقاع الأذى والضرر بالآخرين ، أو نحو ذلك . إلا أن إجراء هذه الألعاب والمسابقات على مالٍ يأخذه الرابح أو السابق لا يجوز إلا في ثلاثة : ألعاب الرمي ، والسباق على الخيل ، والإبل ، وما كان في معناها .لقوله -^ -:
 ( لا سَبَقَ إِلا فِي نَصْلٍ ، أَوْ خُفٍّ ، أَوْ حَافِرٍ )  صححه الألباني.  ؛ لأن إتقانها مما يعين على الجهاد في سبيل الله .
قَدِمَ عَلى الْمَهْدِي عَشْرَةِ مُحَدِّثِينَ فِيهِمْ غِيَاثُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، وَكَانَ الْمَهْدِي يُحِبُّ الْحَمَامَ ، فَقَالَ لِغِيَاثٍ : حَدِّثْ أَمِيرَ الْمُؤْمِنيِنَ . فَحَدَّثَهُ بِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ : " لا سَبْقَ إِلا فِي خُفٍّ أَوْ حَافِرٍ أَوْ نَصْلٍ " ، وزاد فِيهِ : أَوْ جناح . فأمر لَهُ الْمَهْدِي بعشرة آلاف درهم . فلما قام قَالَ الْمَهْدِي : أشهد أَن قفاك قفا كذاب عَلَى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وإنما استجلبت ذَلِكَ أنا،  وأمر بالحمام فذبحت .
وروي أن شريكاً دخل على المهدي،  فقال له :  لا بد من ثلاث:  إما أن تلي القضاء ، أو تؤدب ولدي وتحدثهم، أو تأكل عندي أكلة.
 ففكر ساعة ثم قال الأكلة أخف علي، فأمر المهدي بعمل ألوان من المخ المعقود بالسكر ، وغير ذلك فأكل ، فقال الطباخ :  لا يفلح بعدها . قال حدثهم بعد ذلك وعلمهم العلم وولى القضاء لهم. وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه، قال: قال رسول الله -^ -:
"  إذا قرأ الرجل القرآن وتفقه في الدين، ثم أتى باب السطان، تَمَلُّقاً إليه، وطمعا لما في يده، خاض بقدر خطاه في نار جهنم "
و عن عبد الله بن الحارث رضي الله عنه: أنه سمع النبي -^ -   يقول: "  سيكون بعدي سلاطين، الفتن على أبوابهم كمبارك الإبل، لا يعطون أحداً شيئاً، إلا أخذوا من دينه مثله " .

نهاية مجادل ..



هناك جدال حق مثل مجادلة  خولة للرسول -^ - ، التي سمع الله قولها ، وهناك جدال باطل يخزي الله صاحبه ويضله ويعميه ويجعله يوم القيامة من الخاسرين:   } وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلا هُدىً وَلا كِتَابٍ مُنِيرٍ * ثَانِيَ عِطْفِهِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَنُذِيقُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَذَابَ الْحَرِيقِ  {  { الحج : 8،9 }    ، وقال -^ - :  " ومن خاصم في باطل وهو يعلمه لم يزل في سخط الله حتى ينزع"  .  أبو داود وصححه الألباني.  

أورد ابن خلكان ـ  رحمه الله ـ  في "وفيات الأعيان"، في ترجمة يوسف بن أيوب الحمداني، أنه كان عبدًا صالحًا محبوبًا من الناس، فبينما هو ذات يوم في درسه، إذ قام رجل من الصالحين ظاهرًا، يقال له ابن السقاء، وكان يحفظ القرآن وعنده شيء من الفقه، فقام ذلك الرجل يسأله مسائل يريد بها أن يسيء الأمر في حلقته ، ويشغب عليه وجموع الناس حوله، فلما أكثر عليه قال يوسف بن أيوب لابن السقاء: اجلس فإني والله لأشم من كلامك رائحة الكفر، وأظنك ستموت على غير ملة الإسلام.
فمضت أيام قدم فيها وفد من ملك الروم إلى الخليفة، فلما خرج الوفد عائدًا إلى القسطنطينية، تبعه ابن السقاء ، وذهب معه واستقر به الأمر في تلك المدينة، فما لبث فيها أيامًا حتى بدّل دينه   والعياذ بالله ـ وأعجبه ما عليه النصارى من دين، وخرج من ملة الإسلام، فبقي فيها وكان يحفظ القرآن، ثم قدر لرجل من أهل بغداد أن يذهب إلى تلك البلدة لتجارة له فوجده مريضًا على دكةٍ وفي يده مروحة يذب بها الذباب عن نفسه، فقال له: يا ابن السقاء،  إني كنت أعهد أنك تحفظ القرآن فهل بقي من القرآن في صدرك شيء؟ قال: لا، ولا آية، إلا آية واحدة: } رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ{ {الحجر: 2} .

الأحد، 15 يوليو 2012

الرجال معادن ..



   

اقترن تفسير قوله تعالى : } يخْرجُ الْحيّ منَ الْمَيتِ ويخْرج الْميتَ منَ الْحيّ {{الروم:19} بقصة عكرمة ابن أبي جهل ـ رضي الله عنه ـ ابن أبي جهل ، فرعون هذه الأمة ، فأين وجه الدلالة ؟
في السنة الثامنة للهجرة ، توجه المسلمون لفتح مكة ، وكان أمر النبي -^ -   لقادة الجيش مكة ألا يقتلوا إلا من قاتلهم، إلا أربعة ولو  وُجدوا تحت أستار الكعبة منهم عكرمة بن أبي جهل، فركب عكرمة البحر، فأصابهم عاصف، فقال أصحاب السفينة لمن في السفينة:   أخلصوا، فإن آلهتكم لا تغني عنكم شيئاً هاهنا  .
فقال عكرمة:   لئن لم يُنجّني في البحر إلا الإخلاص ما يُنجّيني في البرّ غيره، اللهم إنّ لك علي عهداً إن أنت عافيتني مما أنا فيه، أني آتي محمداً حتى أضع يدي في يده، فلأجدنّه عفواً كريماً  .
وأسلمت زوجته ( أم حكيم  )  يوم الفتح، فقالت:  يا رسول الله، قد هرب عكرمة منك إلى اليمن، وخاف أن تقتله فآمنهُ  .
فقال رسـول الله -^-:  هو آمن.
فخرجت في طلبه، فأدركته باليمن، فجعلت تلمح إليه وتقول:   يا ابن عم، جئتُك من عند أوصل الناس وأبرّ الناس وخير الناس، لا تهلك نفسك.فرجع معها.
 فلمّا جاء إلى رسول الله -^- آمناً على دمه قال له:   مرحباً بالراكب المهاجر أو المسافر  . ثم سأل عن الإسلام وأجابه ، حتى عدّ خصال الإسلام.
فقال عكرمة:   واللـه ما دعوت إلا إلى الحـق، وأمر حسن جميل، قد كنت واللـه فينا قبل أن تدعو إلى ما دعوت إليه وأنتَ أصدقنا حديثاً، وأبرّنا أمانة  .
ثم قال عكرمة:   فإني أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله  .
فسُرّ رسول الله - ^ -، ثم قال:   يا رسول الله، علّمني خير شيءٍ أقوله  .
 قال:  تقول: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله  .
ثم قال:   ثم ماذا ؟ . قال:   تقول: اللهم إني أشهدك أنّي مهاجر مجاهد  .
فقال عكرمة ذلك.
 ثم قال النبـي -^-:  ما أنتَ سائلي شيئاً أعطيه أحداً من الناس إلا أعطيتك.
فقال:   أمّا إني لا أسألك مالاً، إني أكثر قريش مالاً، ولكن أسألك أن تستغفر لي  .
وقال:   كل نفقة أنفقتُها لأصدّ بها عن سبيل اللـه، فوالله لئن طالت بي حياة لأضعفنّ ذلك كله  .
فقال رسول الله -^ -: { اللهم اغفر له كلّ عداوةٍ عادانيها، وكل مسير سار فيه إلى موضع يريد بذلك المسير إطفاء نورك، واغفر له ما نال مني ومن عرضٍ في وجهي أو أنا غائب عنه  .
فقال عكرمة:   رضيتُ يا رسول الله  .
   وكان إذا اجتهد في اليمين قال:   لا والذي نجّاني يوم بدر }.
فلمّا كان يوم اليرموك نزل فترجّل فقاتل قتالاً شديداً، ولمّا ترجل قال له خالد بن الوليد:   لا تفعل، فإنّ قتلك على المسلمين شديد  .
فقال:   خلّ عني يا خالد، فإنه قد كان لك مع رسول الله - ^ - سابقة، وإني وأبي كنّا مع أشد الناس على رسول الله -^- .
ثم اشتد الأمر على المسلمين فانهزم المسلمون في أول المعركة. فلما رأى الهزيمة لبس أكفانه، واغتسل وتطيب، وسل سيفه وكسر غمده على ركبته، وقال:  يا مسلمون ، من يبايعني على الموت ؟ من يشتري الموت اليوم ؟ فبايعه أربعمائة مقاتل، فشق بهم صفوف الروم كالسيل، حتى وصل إلى وسط الروم، فقاتل حتى صلاة الظهر، ثم تناوشته الرماح والسيوف من كل جانب فوقع صريعاً على الأرض.

إذا استعنتَ ... !!





في لقاء صحفي مع أحد رجال الأعمال المعروفين في الإمارات سألوه عن أغرب موقف مرّ به فقال : في إحدى الليالي شعرت بشيء من القلق ، فقررت أن أتمشى في الهواء الطلق، فبينما أنا أمشي في الحيّ مررتُ بمسجد مفتوح فقلت : لم لا أدخل لأصلي فيه ركعتين ؟ قال : فدخلت فإذا بالمسجد رجل بسيط قد استقبل القبلة ، ورفع يديه يدعو ربه ويلحّ عليه في الدعاء،  فعرفت من طريقته أنه مكروب ،   فانتظرتُ حتى فرغ الرجل من دعائه فقلت له : رأيتك تدعو وتلحّ في الدعاء كأنك مكروب ، فما خبرك ؟
قال : عليّ دين أرّقني وأقلقني ، فقلت : كم هو ؟ قال : أربعة آلاف ، قال فأخرجت أربعة آلاف وأعطيتها إياه ففرح بها وشكرني ودعا لي ، ثم أخذت بطاقة فيها رقم هاتفي وعنوان مكتبي وقلت له : خذ هذه البطاقة وإذا كان لك حاجة فلا تتردد في زيارتي أو الاتصال بي وظننت أنه سيفرح بهذا العرض ، لكني فوجئت بجوابه.
قال : لا يا أخي، جزاك الله خيراً ، لا أحتاج إلى هذه البطاقة ، كلما احتجت حاجة سأصلي لله وأرفع يدي إليه ، وأطلب منه حاجتي وسييسر الله قضاءها كما يسّرها هذه المرة....
عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كُنْتُ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ  يَوْمًا فَقَالَ:
((يَا غُلَامُ،  إِنِّي أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ: احْفَظْ اللَّهَ يَحْفَظْكَ،  احْفَظْ اللَّهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ، إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلْ اللَّهَ، وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ ، وَاعْلَمْ أَنَّ الْأُمَّةَ لَوْ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ ، لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ، وَلَوْ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَـيْءٍ،  لَمْ يَضُرُّوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ، رُفِعَتْ الْأَقْلَامُ وَجَفَّتْ الصُّحُفُ)) أخرجه الترمذي في سننه.

السجود تفرُّغ وتفريغ ..

  

قال الله تعالى :
 }  مُحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وَجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً  { { الفتح آية: 29 }
كان الشيخ محمد حسان ومعه بعض الدعاة ينتظرون فى إحدى المطارات الأمريكية ميعاد الطائرة التى تقلهم إلى إحدى الولايات الأمريكية البعيده عن الولاية التى نزلوا بها...وحدث ان حان ميعاد صلاة المغرب حسب توقيتهم هناك أثناء ذلك الانتظار.. فاختاروا منطقة من المطار ، وأذن الشيخ محمد وقام بإمامة الصلاة ، ومن خلفه بقيه الدعاة ، ويروى الشيخ محمد حسان عن دهشتهم عندما انتهوا من الصلاة عندما وجدوا أنفسهم.... محاطين بدوائر من الأمريكان ، وقد أخذتهم تلك الصلاة.وكانت النتيجة أنهم أخذوا يسألونهم عن هذه الأفعال..
ولكن لم أورد هذه القصة الحقيقية لإبلاغكم بقوة حركات وأركان الصلاة وتأثيرها على الأمريكان وفقط...ولكن الذي شدنى هو منطق أحد الأمريكان الذى دخل الإسلام عندما رأى سجود المسلمون أثناء صلاتهم فى المطار لقد قال لهم : هل أنتم مكتئبون مثلي؟؟قالوا له : وما علاقه صلاتنا بالاكتئاب؟
رد عليهم : الحقيقة أن أول ما شدنى إليكم وجعلني مصمما على التعرف عليكم أنى ظننتكم مثلي تعانون من الاكتئاب المزمن .إننى اكتشفت علاجا ناجحا لحالة الاكتئاب عندي،  وأمارسها كل يوم ، وقد وجدتكم تفعلون ذلك  قالوا له:  وما هى هذه الحركه؟ قال : حركه السجود على الأرض عدة مرات في اليوم .

بصر العيون وبصيرة القلوب..



   

قد يُخسف القمر فيكون إنسان في بيته لا يدري أن القمر خسف ..
ويكون إنسان يلعب الورق في الخارج ، فينظر إلى القمر وقد خسف ، فيقول لأصحابه: انظروا إلى القمر قد خسف ثم يكمل لعبته ...
وقد يأتي إنسان في غرفته عاكف على محرَّم، فَيُقدَر له أن يفتح النافذة فيرى القمر، وقد خسف فينظر إليه فيتعجب ، وكل الذي يصنعه يغلق النافذة ..
ويراه إنسان يحب البحث العلمي فيأخذ كاميرته ويصوِّر، ويراه إنسان يحب المسائل الحسابية فيدوِّن الزمان ويحسب متى يكون الخسوف الآخر ..
 ويراه مؤمن - جعلنا الله وإياكم من أهل الإيمان - فيعلم أنها آية يخوف الله جل وعلا بها عباده ويفزع إلى المسجد إن كان قريبا منه أو إلى مصلاه في بيته فيصلي كما فزع النبي -^ -   إلى مصلاه إلى مسجده ، لما كُسفت الشمس خرج  -^ - يجر رداءه حتى أنه أخطأ -^ -  من عجلته في الإزار والرداء فلبس الأول مكان الثاني ، ثم خرج يجر رداءه صلوات الله وسلامه عليه ، وهو يعلم يقينا أن الأرض لن تُهلك وهو حي لأن الله جل وعلا جعله أمّنة للأمة  } وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ{  ومع ذلك لما رأى تلك الآية صلوات الله وسلامه عليه خرج فازعا إلى الصلاة، والمقصود: الله يقول هنا عن مشركي قريش  : } وَنُخَوِّفُهُمْ فَمَا يَزِيدُهُمْ إِلاَّ طُغْيَاناً كَبِيراً {
ويعلق الشيخ  صالح المغماسي في تأملاته : الله جل جلاله يخوف بكل شيء ، والناس يرون الأمور فيختلفون فيها ويختلف الناس في هذا الأمر،  وجبار القلب من لم يعرف الله.
 يسمع المواعظ يُقرأ عليه القرآن يذكر بالله يرى الشمس تُكسف ، والقمر يُخسف ، يرى الزلازل يرى البراكين ، يرى الفيضانات ، ولا يتغير في قلبه شيء بل يزيده طغيانا يخرج منها إلى معصية أكبر ، وهذا الفرق ما بين من وهب قلبه لله ومن وهب قلبه لغير الله .