الاثنين، 9 يوليو 2012

عمكم الكذاب


ـ  10   ـ

عمكم الكذاب

كثبرا ما نسمع شخصا يقول : جربني فقط وسترى ما أفعل ..
أو يقول : لو أن لي مثل مال فلان لفعلت كذا وكذا ..
أو لو  أني تعرضت لمثل ما مرَّ بك لصبرت وما سقطت مثل سقوطك ..
أبو الحسن سمنون بن حمزة الخواص توفي سنة  910 م صوفي شاعر، كان معاصروه يلقبونه بسمنون المحب، وذلك لأنه كان ينسج غزلياته وينظم مشعره في محبة الله تعالى، عاش في بغداد وصحب جلَّ مشايخها  وأكابر صالحيها، كان سمنون ينسج في المحبة الالهية غزلياته حتى أصبح معروفاً بتخصصه في المحبة، متفرداً في الحديث عنها بلسان العاشق، لدرجة أنه اختص باسم "المحب" دون سائر شعراء الصوفية ممن عاصروه. كما أنهم وصفوا كلامه بأنه أحسن كلام، ولكن "سمنون المحب" لم يكن لقب شاعرنا الوحيد، فهناك لقب آخر أطلقه هو على نفسه هو "سمنون الكذاب" ووراء ذلك قصة يرويها المؤرخون، وتبدأ ببيتين من الشعر أنشدهما سمنون يوما يطلب من الله امتحان إيمانه على النحو التالي:
وليس لي سواك حظٌ
إن كان يرجو سواكَ قلبي

فكيفما شئت فامتحنِّي
لا نلتُ سُؤلي ولا التمنِّي
ويقال أنه لم يكد ينشد بيتيه هذين، حتى ابتلي باحتباس البول وذاك هو الامتحان، وأخذ يتلوَّى من الألم، ويدور في الكتاتيب، يرجوا الصبية أن يدعوا الله أن يعجل بشفائه قائلاً: ادعوا لعمكم الكذاب، اشارة إلى تراجعه عما قاله في بيتيه، وإظهاره للجزع، والتأدب بآداب العبودية. وعندما أطلق بوله قال: يا رب تبت إليك ، أي تبت عن طلب الامتحان .
قال رَسُولَ اللَّهِ -^ - : " يَا أَيُّهَا النَّاسُ لَا تَتَمَنَّوْا لِقَاءَ الْعَدُوِّ ، وَسَلُوا اللَّهَ الْعَافِيَةَ ، فَإِذَا لَقِيتُمُوهُ فَاصْبِرُوا ، وَاعْلَمُوا أَنَّ الْجَنَّةَ تَحْتَ ظِلَالِ السُّيُوفِ " .

المناعة ضد الحرام


ـ  9  ـ

المناعة ضد الحرام   

بعض الناس تعود أن يشرب القهوة مرّة ، إذا جئته بقهوة  محلاة رفضها تلقائيا
وبعض الناس لم يبتلَ بالتدخين ، فإذا استنشقه سعل وأخرجه قبل أن يصل جوفه ..
 ولكن هل يمكن لبعض الناس أن يكون لديهم مناعة ضد  خبيث الطعام ، بحيث يرفضه إذا ما ذاقه او دخل جوفه لأنه حرام لا يحلُّ للجسد الطيّب ؟؟
 عمر بن الخطاب أرسل يوما غلامه ليأتيه بالحليب من إبله، فرجع فشـرب فاستنكر عمر طعم الحليب، وقال: من أين جئتني بهذا الحليب؟! قال: والله، أرسلتني إلى إبلك فوجدت الراعي قد أبعد بها، وأدركت إبل الصدقة في الطريق فحلبوا لي منها.
 وكذلك الصديق ، جاء غلام له بطعام، فأكل، فاستنكر الطعام فسأل: من أين جئتني بهذا الطعام؟ قال: تكهنت في أيام الجاهلية لرجل، وما أنا والله بكاهن، فلم آخذ منه شيئاً، فلقيني فأعطاني حلواني، فاشتريت لك به، وحلوان الكاهن لا يجوز، وكان هذا في الجاهلية، والإسلام يجبُّ ما قبله، ولكنه أخذ شيئاً بغير مقابل، وهو محرم، وما أدرى الصديق بحرمة هذا الطعام؟ أنها حساسية وشفافية النفس الزكيّة ، فيحس أن هذا الطعام طيب أم لا، لأن الجسم كله طيب، فلما أكل غير الطيب لم يتلاءم معه، وهذا مثل جهاز كهربائي لو وصلت إليه تياراً بقوة مائتين وعشرين فولتاً، وهو مصمم ومعد ليستقبل مائة وعشـرة (فولت)، ماذا يصير فيه؟ والجسم الذي نما وترعرع على الطيب صار كله طيباً، ولا يقبل إلا ما كان من جنسه.
وفي الحديث الصحيح: (كل جسم نبت من الحرام فالنار أولى به )، وفي قوله -^ -: ( غذِّي بالحرام) مسئولية كبرى على الآباء للأبناء، فليتق الله كل أب في أسرته، في أبنائه، فلا يطعمهم الحرام؛ لأنه إذا غذِّي بالحرام، كان هذا الجسم نابتاً بالحرام، فإذا كبر ودعا فقد لا يُستجاب له، فيحرم بذلك سبل التوفيق لرضوان الله تعالى .  

آيات وأحاديث للبيع ..!!


ـ  8  ـ

آيات وأحاديث للبيع ..!!    

آية واحدة ورد فيها اللعن مرتين في القرآن الكريم هي قوله تعالى :
} إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُوْلَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ{. {البقرة:159} .
كما أن التهديد بالويل مرتين جاء لنفس السبب :
} فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ  {{ البقرة : 79 }
وتلك وظيفة الأمة الملعونة وأتباعها عبر العصور ، ويظهر  من الآيتين  أيضا أن سبب تحريف كلمات الله وتبديل الحقائق هو الكسب المادي في الدنيا ، و شراء الذمم ، وشراء الأيمان ..
قالت صحيفة "روزاليوسف" المصرية إن جهازاً رقابياً كبيراً يقوم بالتحقيق فيما يعرف بـ"فضيحة تغيير مناهج التعليم" التي كُلفت بها سوزان مبارك خبراء إسرائيليين مقابل 300 مليون دولار، وكشفت عن تعهد سوزان مبارك للخبراء الإسرائيليين بالضغط على كل من وزير التربية والتعليم ومفتي الديار المصرية ووزير الأوقاف لتنفيذ خطة تغيير المناهج ، على أن تتم طباعة الكتب الجديدة دون وجود الأحاديث والآيات القرآنية والدروس التاريخية التي تهاجم اليهود .
وأضافت الصحيفة أن خطوات تنفيذ خطة سوزان مبارك والخبراء الإسرائيليين بدأت عام 1998، بعقد اجتماع مع وفد إسرائيلي متخصص في اللغة العربية والدين الإسلامي وعلم النفس الاجتماعي، تابعين لجامعة "القدس" "وتل أبيب" و"بار إيلان و شرح الوفد الإسرائيلي لسوزان مبارك قيامهم على مدار خمس سنوات بدراسة أهم أسباب رفض المصريين التطبيع مع إسرائيل، منذ توقيع معاهدة السلام عام 1979، وأنهم وجدوا أن مناهج التاريخ والدين التي تدرس في المدارس المصرية في مراحل التعليم الثلاث الأولى هي السبب الرئيس في عدم تطبيع العلاقات بين مصر وإسرائيل.
وذكرت أن بنيامين بن إليعازر القيادي بحزب العمل الإسرائيلي خلال زيارته السرية القصيرة لمبارك في فيلته بشرم الشيخ عقب تنحيه عن الرئاسة، طلب أن يرد مبارك لإسرائيل مبلغ الـ 300 مليون دولار فطلب مبارك مهلة لبحث إمكانية القيام بذلك، لكن مجريات الأحداث تسارعت ودخل السجن مع أبنائه.

أعظـم الطاعـات بـرّ الأمهـات


ـ  7  ـ

أعظـم الطاعـات بـرّ الأمهـات 

قال الْبُخَارِيُّ : عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ أَتَاهُ رَجُلٌ ، فَقَالَ : " إِنِّي خَطَبْتُ امْرَأَةً فَأَبَتْ أَنْ تَنْكِحَنِي ، وَخَطَبَهَا غَيْرِي فأَحَبَّتْ أَنْ تَنْكِحَهُ ، فَغِرْتُ عَلَيْهَا ، فَقَتَلْتُهَا ، فَهَلْ لِي مِنْ تَوْبَةٍ ؟ قَالَ : أُمُّكَ حَيَّةٌ ؟ قَالَ : لَا ، قَالَ : تُبْ إلى اللَّهِ ، وَتَقَرَّبْ إِلَيْهِ مَا اسْتَطَعْتَ . فذهب الرجل فتبع عطاءُ بن يسار ابنَ عباس وهو أحد طلابه فَسَأَلْ ابْنَ عَبَّاسٍ: يا بن عم رسول الله ،  لِمَ سَأَلْتَهُ عَنْ حَيَاةِ أُمِّهِ ؟ فَقَالَ: إِنِّي لَا أَعْلَمُ عَمَلًا أَقْرَبَ إلى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ بِرِّ الْوَالِدَةِ " .
جاء في كتاب البر والصلّة لابن الجوزي ـ رحمه الله ـ :
غير خافٍ على عاقل لزوم حق المُنعِم ، ولا منعم بعد الحق سبحانه على العبد كالوالدين ، فقد حملت الأم بحمله أثقالا كثيرة ، ولقيت وقت وضعه مزعجات مثيرة ، وبالغت في تربيته وسهرت في مداراته ، وأعرضت عن جميع شهواتها إيثارا له ، وقدمته على نفسها في كل حال.
والعاقل يعرف حق المُحسن ويجتهد في مكافأته. وجهل الإنسان بحقوق المنعم من أخس صفاته ، فإذا أضاف إلى جحْدِ الحق المقابلة بسوء الأدب ، دلَّ على خبث الطبع ولؤم الوضع وسوء المنقلب ، وليعلم البارَّ بالوالدين أنه مهما بالغ في برهما لم يفِ بشكرهما ، ومنها تقديم أمرهما على فعل النافلة ، واجتناب ما نهيا عنه ، والإنفاق عليهما ، والتوخي لشهواتهما ، والمبالغة في خدمتهما ، واستعمال الأدب والهيبة لهما ، فلا يرفع الولد صوته على صوتهما ، ولا يحدق إليهما ، ولا يدعوهما باسمهما ، ويمشي وراءهما ، ويصبر على ما يكرهه مما يصدر عنهما .

اجْــلِدْ شـيطانك بركعتين


ـ  6 ـ

اجْــلِدْ شـيطانك بركعتين

يقول تعالى في كتابه العزيز :
} اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ {  { العنكبوت :   45} .
ذكر الدكتور خالد الجبير علاجا فعالا لشيطان النفس ، جرّبه الكثير من الناس فوجدوه شافعا نافعا ،هذا العلاج هو جلد الشيطان بركعتين نافلتين ،  جاءه رجل فقال له : يا شيخ ، أنا تركت كل شيء من الحرام إلا الدخان ؟ فقال له : أنت تريد أن تتوب ؟ فقال : إلا الدخان ، لا أستطيع أن أتوب منه . فقال الشيخ : اسمع ، بعد كل سيجارة تدخنها ، تقوم وتتوضأ حتى لو كنت متوضئا، وتصلي ركعتين . قال : بسيطة ، إذا كان الأمر ركعتين .
يقول الشيخ بعدها قابلني  هذا الشاب وهو يضحك ، فسألته عن حاله والدخان ، فقال : والله يا شيخ أول يوم خمس سجائر ، من ثلاثين سيجارة لخمس سجائر ، كلما نويت إخراج سيجارة لتدخينها ، يقول لي الشيطان ، لماذا عليك أن تدخن ، وتتعب نفسك بالوضوء والصلاة وركعتين ؟! فأقوم بتأخيرها ، وفي اليوم التالي تنقص أكثر ، وبأمر الله لم أكمل أسبوعا إلا وقد انقطعت عن الدخان .
وروى الشيخ أن شابا طلب أن يركب معه لكي يروي له قصة ، فقال : يا دكتور سمعت عن علاج جلد الشيطان ، وكان الشيطان يلهيني عن صلاة الفجر ، يبول في أذني فيصير النوم أحب شيء لي في الدنيا ، ولما سمعت الشـريط عن جلد الشيطان ، فعقدت العزم وعاهدت الله تعالى إن فاتتني صلاة الفجر أن أصلي لله تعالى مئة ركعة في ذلك اليوم تطوعا . ولي الآن سنة ونصف لم تفوتني صلاة الفجر يوما ، وصرت أصل المسجد قبل الآذان بعشـر دقائق حتى أن المؤذن أعطاني مفتاح المسجد ، وقال لي : أنت راعي طاعة .

صلّى جماعــة وحــده ..!!!


ـ  5  ـ

صلّى جماعــة وحــده  ..!!! 

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
" إِنَّ أَثْقَلَ الصَّلاةِ عَلَى الْمُنَافِقِينَ صَلاةُ الْعِشَاءِ وَصَلاةُ الْفَجْرِ , وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِيهَا ، لأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا " .  وللصالحين قديما وحديثا عجائب في الحرص على صلاة الجماعة منها هذا الخبر ، فهل من معتبر ومشمِّر؟! 
في مقابلة أجراها الدكتور محمد العوضي مع الداعية لطفي العمدوني ، أحد نشيطي الثورة التونسية ، الذي اعتقل وهو طالب في كلية الشـريعة ، وأمضـى في السجن 18 عاما ، تحدث المعتقل عن الأساليب التي كان يتبعها أعوان النظام في محاربة الإسلام ، وكيف كان يتنافس السجانون على التفنن في  التنكيل بالمساجين ،  ومن أقبحها منع المساجين من صلاة الفجر حاضرا وصلاة الجماعة، فكانوا يمنعون المعتقلين من الصلاة قبل العدد ، والعدد يأتي في الساعة الثامنة صباحا وقت الضحى ، وكان المخالف يُهاجم بالكلاب البوليسية والهراوات ، وتفنن بعض الجلاوزة في قمع أهل الصلاة ، فكانوا يمنعون صلاة الجماعة بأي حال من الأحوال،  وأصر أحد الأخوة على صلاة الجماعة ، وكانت له قصة غريبة .
" .. أحد الأخوة ضربوه من أجل  صلاة الجماعة ، وحينما علموا إصراره وضعوه في غرفة لا يوجد فيها أي شخص يصلي ، فمارس الدعوة ، وتفاجأ  حراس السجن بأن  هناك من يصلي معه جماعة ،  فكان كالتحدي بينه وبينهم ، وحينما يئسوا من الضـرب ولم يرجعه ذلك عن صلاة الجماعة ، وضعوه مع مساجين الحق العام ( المدنيين ) فدعا أشخاصا ثم أمّهم بالصلاة ، فنكّلوا بمساجين الحق العام ، ثم بعد ذلك نقلوه إلى غرفة وحبسوه وحده ، فأقسم أمامهم وقال :
 " .. أقسم بالله ، سأصلي جماعة ، ولو كنت وحدي ، سأصلي تحت المصباح ، ويكون ظلّي على يساري ، وسأنوي صلاة الجماعة مع ظلّي ، وسيكتبها الله صلاة جماعة .. " ..
وأقسم أحد السامعين للقصة ، أن لا يصلي بعد اليوم إلا جماعة ، مهما كانت الظروف ..

الصيام مفتاح التقوى ..


ـ  4  ـ

الصيام مفتاح التقوى .. 

جاء في كتاب " المحجة البيضاء " للكاشانيّ ، وهو أحد الكتب التي تشـرح وتلخص كتاب " إحياء علوم الدين " هذه الفقرة المختصرة عن الصيام :
" .. أما بعد،  فأعظم المهلكات لابن آدم شهوة البطن،  فبها أُخرج آدم عليه السلام وحواء من دار القرار إلى دار الذل والافتقار،  إذ نُهيا عن الشجرة ، فغلبتهما شهواتهما حتى أكلا منها ؛ فبدت لهما سوآتهما . والبطن على التحقيق ينبوع الشهوات ومنبت الأدواء والآفات،  إذ يتبعها شهوة الفرج وشدة الشبق إلى المنكوحات،  ثم تتبع شهوة الطعام والنكاح شدة الرغبة في الجاه والمال اللذين هما وسيلة إلى التوسع في المنكوحات والمطعومات،  ثم يتبع استكثار المال والجاه أنواع الرعونات وضروب المنافسات والمحاسدات ، ثم يتولد بينهما آفة الرياء وغائلة التفاخر والتكاثر والكبرياء ، ثم يتداعى ذلك إلى الحقد والحسد والعداوة والبغضاء ، ثم يفضـي ذلك بصاحبه إلى اقتحام البغي والمنكر والفحشاء ، وكل ذلك ثمرة إهمال المعدة ، وما يتولد منها من بطر الشبع والامتلاء...
ولو ذلل العبد نفسه بالجوع وضيق به مجاري الشيطان،  لأذعنت لطاعة الله عزّ وجلَّ، ولم تسلك سبيل البطر والطغيان ، ولم ينجرَّ به ذلك إلى الانهماك في الدنيا ، وإيثار العاجلة على العقبى ، ولم يتكالب كل هذا التكالب على الدنيا ، وإذا عظمت آفة شهوة البطن إلى هذا الحد وجب شرح غوائلها ، وآفاتها تحذيرا منها ووجب إيضاح طريق المجاهدة لها ، والتنبيه على فضلها ترغيبا فيها .. "
الصيام يكبح شهوة البطن ، فيقيد بقية الشهوات ، وشهر رمضان فيه تقيد مردة الشياطين ، تلك التي تنفخ في رماد الشهوات الكبرى .. 

من أنت في رمضان ؟


ـ  3  ـ

من أنت في  رمضان ؟   

جاء رمضان ، فهل أنت ممن يقولون أهلا بشهر الطاعات والبركات ، أم ممن يقولون جاء شهر الجوع والمنغصات  ؟
هل أنت ممن يقولون أهلا بشهر المواعظ واللطائف،  أم ممن يقولون أهلا بشهر  الكنافة والقطائف ؟!
هل أنت ممن يقولون أهلا بالشهر الفضيل ، أم ممن يقولون جاء شهر الفضائيات ..؟!
هل أنت ممن يستقبلون رمضان بإلغاء جميع القنوات الهابطة ، أم ممن يستقبلون رمضان بتركيب رأس جديد إضافي  للصحن اللاقط في بيتك  ؟!
هل أنت ممن يجعلون نهار رمضان صياما، وليل رمضان قياما في  بيوت الله ،  أم ممن يجعلون نهاره نوما ، وليله سهرا  في المقاهي  والمتنزهات ؟!
هل أنت في رمضان ممن يفرحون بافتتاح مسجد جديد ، أم أنت ممن يفرحون بافتتاح مقهى أو ملهى جديد  ؟!
هل أنت ممن يرون دقائق ما قبل الافطار غالية ، فيشغلونها بالدعاء وتلاوة القرآن ، أم أنت ممن يرون  أنها دقائق مملة ثقيلة ،  وخير طريقة لقتلها متابعة برامج المسابقات أو الفوازير السحيفة وما شابهها من التفاهات ؟!
رمضان جاء ليريك موقعك في الإسلام ، ويكشف لك درجتك في الإيمان ،  رمضان جاء ليقول لك من أنت ، وكم تساوي في ميزان التقوى !!  
ردد مع القرآن في كل لحظة من هذا الشهر قول الحق سبحانه وتعالى :
(وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا ).

الصوم انعتـاق وانطـلاق ..!!


ـ  2  ـ

الصوم انعتـاق وانطـلاق  ..!!  
 
شهر رمضان نفحة قدسية ، وبركة ربانية ، تجدد فيه القلوب عهدها مع ربها ، وتجلو النفوس ما علق بها من صدأ المعاصي ، وتتهيأ الأرواح لمعراجها إلى ربها طاهرة زكية ، لتدخل جنة ربها راضية مرضية .. فالصيام  إرادة ، والإرادة أوّل شروط السيادة  .
ألا ترى أخي المسلم،  أن من عادات الفيل ، والفيل مركوب الملوك ، أن  يترفع عن الطعام  وهو جائع ، فيتوسل له صاحبه باللين والرفق  ومسح الظهر والأقدام  ، بينما الكلب  مضـرب المثل في الخسة ،  يلوّح له صاحبه بيد فارغة ، فيأتيه يتمسح  بحذائه ، ويتذلل له لكي يطعمه ..!!
 ألا ترى خيل السباق ،  تصوّم حتى تغدو ضامرة ، ثم ترسل في الميدان فتسبق الريح ، ولو كانت بطانـًا ما بلغت غايتها ، ولا سبقت غيرها .. !!
ألا ترى الطيور وقد تجوفت عظامها، وخف لحمها ، فترتفع في السماء تحلق في الفضاء ، بينما الخنزير  اكتنز  عظمه  وسمن لحمه ، فيعيش ويموت ولا يرفع رأسه ليرى السماء ولو مرّة .. !!
ألم تسمع  كيف جاع غاندي الهند حتى التصق جلده بعظمه ، ولكنه أشرق في تاريخ الهند رمز حرية وكرامة .. !!
وأخيرا ألم تر كيف صام الأسرى المجاهدون في سجون القهر وظلمة العزل ، فوحدوا الشعب وراءهم ، فأفطروا على الكرامة والحرية ..!!
في الصيام تصح الأبدان ، وفي الصيام يصحوا الضمير والوجدان ..
وفي الصيام تسمو الروح في سماء الوحي ،  وتصفو النفس من كدر  الشهوات ،  وتبلغ درجة التقوى ، أصل كل خير في نفس الإنسان .. 
وفي الصيام تزكية النفس والارتقاء بها نحو السكينة والطمأنينة ..
ربنا إليك أنبنا وعليك توكلنا ، فهب لنا من لدنك رحمة تلم بهاش عثنا في الدنيا ، وتجمعنا بحبيبنا محمد -^ - عند باب الريان ..  

ـ  1  ـ

جددوا النيّة  ..!!  
نبدأ صيامنا هذا العام بتجديد النية وتنقيتها وتحريرها ، لكي ننال في شهرنا هذا العتق من النار ، ويغفر الله لنا ذنوبنا ، قال سبحانه وتعالى : }وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا يَخَافُ ظلمًا وَلَا هَضْمًا  { { طه: 112}  وفي الحديث الذي يرويه أبو هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -^ - : "  إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم ، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم "
وحصـر النبي -^ - صحة الأعمال الشـرعية كلها في النية فقال -^ -  فيما صح عنه من حديث عمر بن الخطاب: ( إنَّمَا الأعْمَالُ بَالْنيَاتِ، وَإنَّمَا لِكل امرئ مَا نَوَى.. (
يقول عبدالله بن المبارك رحمه الله : " كم من عمل قليل عظمته النية ، وكم من عمل عظيم حقرته النيَّة" .  النيَّة أمرها عظيم لأنها عبادة قلبية لا يلتفظ بها المرء ، وعلى حسب النية تكون الفوارق في الأعمال بين العباد
ونعلم أن النية من أصول الإيمان ، والإيمان يبلى فيجب أن نجدده في كل حين ، وقبل كل عمل ، والإيمان يزيد وينقص ، فكيف نُخلص النية في الصيام لننل بذلك الدرجات الرفيعة في هذا الشهر الفضيل ؟!
أولا ـ الدعاء وقد كان أكثر دعاء عمر بن الخطاب رضي الله عنه( اللهم اجعل عملي كله صالحا واجعله لوجهك خالصا ولا تجعل لأحد فيه شيئا ) .
ثانيا ـ إخفـــــاء العمل فكلما استتر العمل مما يشـرع فيه الإخفاء كان أرجى في القبول .
ثالثاـ استصغار العمل و النظر إلى أعمال الصالحين ممن هم فوقك من الصالحين .
رابعا ـ الخوف من عدم قبوله فلذلك تجدد النية وتصوب العمل وتقبل النقد .
خامسا ـ عدم التأثر من كلام الناس فرضا الله هو المقصود أولا .
سادسا ـ تذكر دائما أنك ستكون في القبر وحدك ولا ينفعك غير صالح العمل .
اللهم اجعل أعمالنا خالصة لوجهك الكريم ، وتقبل منا صيامنا وقيامنا .

الثلاثاء، 24 يناير 2012


قال سبحانه : [ وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعًا إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ] { البقرة : 148}
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : بَادِرُوا بِالأَعْمَالِ سَبْعًا هَلْ تَنْظُرُونَ إِلاَّ فَقْرًا مُنْسِيًا أَوْ غِنًى مُطْغِيًا أَوْ مَرَضًا مُفْسِدًا أَوْ هَرَمًا مُفَنِّدًا أَوْ مَوْتًا مُجْهِزًا أَوِ الدَّجَّالَ فَشَّـرُّ غَائِبٍ يُنْتَظَرُ أَوِ السَّاعَةَ فَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ.أخرجه الترمذي (2306) قال هذا حديثٌ حسنٌ غريبٌ
بينما كان الأحنف بن قيس ،وكنيته أبو بحر،  يطوف بالبيت العتيق  في عهد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب ، إذ لقي رجلا كان سفير  رسول الله ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ  لقومه  يوم دعاهم للإسلام ، فأخذ بيد ه ، وقال: ألا أبشرك ؟
قال الأحنف بن قيس : بلى .
قال سفير رسول الله ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ  : ألا تذكر يوم بعثني رسول الله ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ  إلى قومك لأدعوكم إلى الإسلام ؟
قال الأحنف : وكيف أنسى يوما ولدت فيه ، واتبعت الخير والنور !
وكان رسول الله ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ  قد بعث رجلا من أصحابه إلى غربي اليمامة قبل وفاته بسنوات قليلة يدعوهم إلى الإسلام  ولكن القوم سكتوا وترددوا ، فبادرهم الأحنف وكان فتى حدث السِّن،  فقال :
ـ يا قوم ، ما لي أراكم مترددين تقدمون رجلا وتؤخرون أخرى ؟ والله إن هذا الوافد خير ، إنه يدعوكم إلى مكارم الأخلاق وينهاكم عن ملائمها (ما يجلب اللوم منها) ، ووالله ما سمعنا منه إلا حُسناً ، فأجيبوا داعي الخير والهدى تفوزوا بخير الدارين .
فأسلم القوم ومعهم الأحنف بن قيس ، ووفد كبار القوم على الرسول ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ  ، غير أن الأحنف لم يفد معهم لحداثة سنّه .
فقال السفير : لما رجعت إلى النبي ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ  أخبرته بمقالتك ، فقال : اللهم اغفر للأحنف .
فكان الأحنف يقول : ما من شيء من عملي أرجى ـ أعظم أجرا وأكثرا أجرا ـ لي في يوم القيامة من دعوة النبي ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ  عندي من ذلك .
وقال وهيب بن الورد : إن استطعت ألا يسبقك إلى الله أحد فافعل.
والمسابقة إلى الخيرات خلق لا يتصف به إلا المؤمن الصادق , والمسارعة إلى أعمال البر طبع لا يتخلق عليه إلا من وهبه الله تعالى رجاحة في العقل وانشراحا في الصدر وسلامة في القلب .